المغربية المستقلة : سيداتي بيدا
في حادثة تثير الانتباه وتطرح أسئلة جوهرية حول التوازن بين سيادة الدولة وحقوق الإنسان، يواجه عشرات الطلاب المغاربة في بلجيكا أوامر مفاجئة بمغادرة الأراضي، رغم دخولهم القانوني وتأشيراتهم الرسمية الصادرة عن السفارة البلجيكية في المغرب. قرار الطرد، الذي صدر بطريقة أحادية ومفاجئة، يضع هؤلاء الشباب أمام مأزق حاد يهدد مستقبلهم الأكاديمي والمهني، ويثير مخاوف جدية حول احترام السلطات البلجيكية للمعايير الإنسانية والقانون الدولي.
الطلاب المتضررون يؤكدون أن هذا القرار لا يأخذ في الاعتبار أوضاعهم الاجتماعية والمالية الصعبة، ولا آثار الضغوط النفسية الناتجة عن التهديد المباشر لمستقبلهم. ووفق شهادة الطالب و. ص، فإن ما بين 120 و150 طالبًا مغربيًا يعيشون حالة من الترقب والقلق الشديد، جميعهم التزموا بكافة الإجراءات القانونية لدخول بلجيكا، ومع ذلك أصبحوا هدفًا لسياسات إدارية صارمة وغير مبررة.
من زاوية قانونية ودبلوماسية، تطرح هذه الخطوة سؤالًا واضحًا: هل يمكن لدولة أوروبية، تتباهى بحقوق الإنسان، أن تتجاهل وضع الطلاب الوافدين بطرق رسمية؟ وإذا كانت السياسات متشددة، لماذا لم تُراعَ المبادئ الإنسانية الأساسية التي تحكم التعاطي مع الطلبة الأجانب؟ الإجابة على هذه الأسئلة ليست مجرد مسألة إدارية، بل اختبار لمصداقية المؤسسات البلجيكية على مستوى القانون الدولي والقيم الإنسانية.
في هذا السياق، يطالب الطلاب المتضررون بتدخل عاجل من السلطات المغربية، وعلى رأسها الملك محمد السادس ووزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، للضغط على السلطات البلجيكية وإيجاد حل إنساني وعادل يضمن استمرار دراستهم ويحفظ حقوقهم. فالتأخير في معالجة هذه الأزمة لن يزيد الوضع إلا تفاقمًا، مع انعكاسات نفسية واجتماعية خطيرة، وضرر مباشر لمسارهم التعليمي والمستقبلي.
القضية تضع الرأي العام المغربي والدولي أمام اختبار حقيقي لقدرة الدبلوماسية المغربية على حماية مواطنيها، وأيضًا أمام اختبار لنوايا السلطات البلجيكية في التعامل مع الوافدين وفق القانون الدولي والإنصاف الإنساني. فطلاب المغرب ليسوا أرقامًا في سجلات الهجرة، بل شباب يسعون لبناء مستقبلهم في بيئة تعليمية مستقرة. أي تجاهل لمصالحهم سيكون رسالة صارخة بأن الإجراءات الإدارية يمكن أن تطغى على الإنسانية والقانون.
بين حق الدولة في تنظيم الهجرة وحق الطلاب في الاستقرار الأكاديمي، يبقى السؤال الأبرز: هل ستتراجع السلطات البلجيكية عن قرارها، أم ستستمر في نهج يضع الطلاب المغاربة رهينة سياسات لا تراعي العدالة الإنسان
