المغربية المستقلة: جمال اكاديري كاتب وباحث
لنتحدث في البداية عن ظاهرة لجوء بعض الوزارات إلى مكاتب الأبحاث والدراسات المغربية او الاجنبية ، والتي تكلف دافعي الضرائب ملايين الدراهم ، قبل أن نعرج على نواة موضوع هذا المقال .
– فعند إعادة الاطلاع والعودة الى التقارير الأخيرة التي وضعها قضاة المجلس الاعلى للحسابات و مدققي صرف الميزانيات القطاعية نجد أن هناك بعض الوزارات المحسوبة على الحكومات السابقة تجاوزت الحد المطلوب في إعطاء الصفقات المتعلقة باعداد دراسات استباقية ، احيانا بشكل مبالغ فيه و وأحيانا اخرى بأسلوب غير مبرر ، وهذا ينطبق كما أشارت التقارير على جميع أقسام القطاعات الوزارية التي تلتجأ إلى المساعدة الخارجية في تدبير ملفاتها الداخلية .
ونقف في هذه التقارير المعدة من طرف المجلس الاعلى للحسابات على كيف يتم توزيع معظم “الصفقات” بين نفس مكاتب إعداد الدراسات التي تم سابقا التعاقد معها ، و الصادم انه يتم تفويتها لصالح مكتب دراسة تابع لمسؤول تجده لا يزال في منصبه وهكذا يستفيد المكتب ، بدون حرج ودون خوف من الوقوع في شبهة ، بأكثر من الطلبات و مع قسم وزاري واحد أحيانا!!
– في هذه الحالة إذا لم يكن هناك تضارب في المصالح ، فإن المرء يتساءل ماذا يكون ذلك؟
وهناك ماهو أغرب . وللتمثيل على ذلك ، مسؤولة بدأت ، عند تعيينها وزاريا ، مهمتها بتكليف مكتب دراسات بإجراء دراسة بملايين الدراهم ، ظهر فيما بعد ان صاحب المكتب هو عضو في المكتب السياسي لحزبها و كان قد أنشأه للتو !
– من المؤسف أن نتساءل هل مع هذا النوع من التصرفات غير السليمة في تبديد الأموال العامة يمكننا بناء نموذج جديد للتنمية ونأمل في مغرب يسير و تدبر شؤونه بطريقة أكثر شفافية واستقامة !
– في الشهور الأولى من بداية هذه السنة و قبل انتشار جائحة كورونا بقليل ظهر اشكال من نوع جديد يتعلق بلازمة التعاقد مع مكاتب الدراسات ، و هذه المرة المسألة مرتبطة بقضية مختلفة شيئا ما . هل يحق لوزارة من الوزارات وضع طلب مساعدة بحثية لإعداد مشروع قانون سيعرض فيما بعد على البرلمان تكون صياغته ساهم فيها مكتب دراسات خارج دائرة الحكومة.
معرض هذا التساؤل هو الخبر الذي اعلنته وزارة الطاقة والمعادن والبيئة هذه شهور انها تعمل على مشروع قانون لإنشاء سنن جامع لقوانين البيئة في المغرب un code d environment
ويجب على هذا الأخير أن يجمع وينظم ، في وثيقة واحدة ، جميع الأحكام القانونية القائمة في المغرب بشأن البيئة ، أي سيغطي هذا القانون كلاً من النصوص القانونية المتعلقة بالبيئة والأحكام البيئية الواردة في الوثائق التشريعية والتنظيمية التي تحكم القطاعات الأخرى ، بما في ذلك الصناعة وتخطيط المدن والزراعة والنقل. كما ستدمج الأحكام المتعلقة بالمعاهدات الدولية التي انضم المغرب إليها.
و تشير وزارة البيئة انها تخطط لتدوين جميع هذه النصوص. بمعنى أنها ستجمع كل هذه الأحكام من حيث الموضوع ، متكاملة ومنسقة ، والهدف من ذلك هو تحسين الوصول إلى المعلومة ، ولكن أيضًا وضوح التشريع البيئي ولوائح القوانين ، من خلال توضيح وتحديث المصطلحات ، وإعادة تصنيفها وفقًا لتسلسل هرمي للمعايير. و يهدف المشروع خاصة إلى معالجة المشاكل المتكررة المتعلقة بتعقيد وتشتيت النصوص التي يمكن أن تؤثر على التركيز القانوني للمواطنين والجهات الاقتصادية الفاعلة، تحقيقا لهذه الغاية ، تستعد وزارة البيئة لتوظيف مكتب خبرة لدعمه في صياغة هذا المشروع القانوني . تم طرح مناقصة تقدر بـ 1.9 مليون درهم بما في ذلك الضرائب.
ونحن نتساءل ، هل اذا قامت وزارة حكومية بتفويض مكتب خاص مدفوع الأجر لإعداد القانون ، فهل سيوافق مثلا المجلس الدستوري المغربي ،( بمأنه هيئة رقابية عليا )، على الاستعانة بمصادر خارجية لصياغة القوانين ؟ الا يمكن ان يثير هذا استياء العديد من المراقبين والمتابعين للشأن العام ؟ ، ألا يمكن أن يعتبر هذا اللجوء ممارسة صادمة خاصة اذا تحولت إلى تقليد وعادة منتقصة من اهلية الأطر و الكفاءات للتكلف بنوعية هذه المهمات الوزارية ؟ . الا يمكن ان نشعر مثلا بالقلق بشأن تضارب المصالح المحتمل ان ينتج عنها في حالة اذا كانت مثل هذه المكاتب موجهة بالتيليكوموند من طرف جهات الضغط واللوبيات التي لها مصلحة بينة في ان تصاغ القوانين على ما يناسب هواها ومنافعها الذاتية ، ثم السلطة التنفيذية هل لها ما يكفي من الضمانات ، في أن من سيساعدها في تطوير مشروع القانون ، بخبرة لم تكن تملكها وزارة البيئة ، سيكون محط ثقة فنية وتقنية ، لن تتقاطع ، ولو من قريب ، مع أي مصالح أخرى؟.
وعلى العموم ومن وجهة نظرنا الخاصة ، اذا أطلقت أي وزارة حكومية دعوة للمناقصات ، و للتعاقد عن بعد مع مكتب خاص لصياغة مشروع قانون ، فعلى الأقل ، ان تضع مذكرة تفسيرية لمشروع القانون ، قبل حتى عرضها على المجلس الحكومي ؛ ترافق هذه النصوص ، لشرح أهدافها ، وتفصيل كل مادة وتحديد كيفية تعديلها عند اللزوم ، قبل جمعها في مدونة واحدة وكود واحد خاص بالبيئة يلخص فلسفة النص القانوني وتوجهه السياسي .
و هذا من بين الأسباب المشروعة في كل حكومات المجتمعات الديموقراطية ، الذي يسمح بترك الأمر لها ، عند التأهب لصياغة القوانين المقترحة أو للوزير الذي تتمثل وظيفته في تبرير سبب تقديم مشروع هذا القانون بهذه الصيغة
الجامعة أو تلك .
_____________________________________موقع المغربية المستقلة يدعو متتبعيه للإلتزام واتباع التعليمات و التدابير الإحترازية التي اتخذتها السلطات طوال فترة الطوارئ الصحية ، والتي لم تنتهي بعد حفاظا على سلامتكم و سلامة البلد ” بقاو في ديوركم