الشعب والملك في مواجة فيروس كورونا بقلم: عزيز احنو

المغربية المستقلة: بقلم عزيز احنو

رغم هشاشة الأوضاع ببلادنا وهيمنة الطبقات البورجوازية على العقارات والممتلكات ، وتضخيم الأرصدة البنكية والسيولة ، إلا أنها لم تبادر إلى اتخاذ قرارات جريئة وتضامنية مع اغلبية الشعب الذي يعاني الهشاشة والفقر بسبب تعاقب حكومات فاشلة في تدبير الشأن الإجتماعي ببلادنا ، وأحزاب أضعفها النظام السياسي القائم لتصبح مجرد مشاهد صورية لانفع لها في شيئ .

وبقي ملك البلاد المبادر الأول والذي اتخذ قرارات شجاعة وجريئة يشهد بها العالم بأسره، كخلق صندوق كورونا لمواجهة كوفيد 19 ، وقرار الحجر الصحي وإغلاق جميع المؤسسات والقطاعات المدرة للدخل ، وإن دل هذا على شئ فإنما يدل على أن الملك فضل صحة المواطنين على الدخل المادي ، وفضل أن لا يموت المغاربة أفواجا ، والتضحية ببعض القطاعات الإنتاجية للدولة ، كما أن الشعب المغربي لبى نداء القرار الجرئ للملك ولزم البيوت حفاظا على صحته وصحة المواطنين .
في حين نجد الحكومة وعلى رأسها الدكتور سعد الدين العثماني يستخف بخطورة الوباء وقدرة انتشاره بسرعة فائقة .كما أن وزير الصحة استهان بالجائحة ، و هو الذي كان يقول العام زين وأن المنظومة الصحية ببلادنا قادرة على التصدي لهذا الوباء .
وباء كورونا أظهر أيضا أن الرأسمال الأول لبلادنا هو الجالية المغربية ، التي تضامنت بشكل واسع مع أهاليها وذويها ، عبر بعث المساعدات والحوالات المادية ، وتخصيص مقرات سكناهم للمعوزين والمتشردين ، والانخراط الواسع بصندوق كورونا ، واحترام القيم التي قد تكون ركيزة أساسية في قيام دولة ما بعد كورونا ، في وقت لم تقدم فيه الطبقات البورجوازية والعائلات الميسورة سوى القليل وبعض المبادرات المحتشمة لبقية الشعب المغربي الغير مسجل بصندوق الضمان الاجتماعي أو نظام الراميد ، وباء علمنا درس مفهوم الدولة ، ومفهوم الزعامة، التي أبان عنها الملك في الحفاظ على صحة المواطن عبر تخصيص الملايير لاقتناء أجهزة طبية وتوزيع الكمامات بأثمنة رمزية للحفاظ على أمن وسلامة المغاربة ، وبتوفير جميع المستلزمات بالأسواق الداخلية . وانخراط جميع أجهزة الدولة من امن وسلطات محلية وقوات عموميةوأطباء وهيئات التمريض في مواجهة هذاالوحش الصامت .
وباء كورونا أظهر بجلاء من المواطن الغيور ومن المواطن الذي اغتنى من ثروات البلاد واعتمد الانتهازية والوصولية تحت غطاءات سياسية وحزبية ودينية .
الوباء العالمي الذي اجتاح جميع دول العالم ولم يستثني أحد من البشرية ، يضعنا أمام الأمر الواقع في فشل السياسات المتبعة وبعد النظر ، ونعتمد مستقبلا على بناء دولة المؤسسات ، واحترام حقوق الإنسان والأقليات ، دولة مدنية تهتم بقطاع التعليم والبحث العلمي والصحة كأولويات ، و اعتماد القيم المغربية والأعراف التقليدية التي أساسها التضامن والتآزر و الصبر ، لبناء دولة يحترم مسؤوليها مواطنيها بعيدا عن الجشع وتضخيم الرساميل التي قد لا تنفع مستقبلا في شئ ما دامت القطاعات الحساسة كالمقاهي والفنادق وأماكن التجمعات قد تعرف ركودا بسبب الخوف من التجمعات واللقاءات لنقل الفيروسات والأوبئة والتي قد تدوم لسنوات .
وهنا وجب التذكير بأن الدولة قادرة على ضمان أمنها الغذائي بحكم الموارد الفلاحية والباطنية والثروات السمكية التي تتوفر عليها ، دون الحاجة إلى استيراد المنتوجات الغذائية ، والتي قد تضع مستقبل البلاد في مصاف الدول النامية ، إن تم تدبير الأمور بطرق عقلانية وتدبير محكم الموارد .

Loading...