الصحافة الفرنسية والإسبانية المعتمدة بالمغرب طعنت في مجهودات المغاربة ملكا وشعبا للتصدي لكورونا، و المجلس الوطني للصحافة سكت عن هذا التضليل اللامهني، وعلامته السكوت الرضى.
ولكن، ما حز في نفوس المغاربة عامة والصحافة الوطنية بخاصة، هو الصمت المطبق للمجلس الوطني للصحافة، الذي لم يحرك ساكنا ضد ما نشرته هذه الصحف الأجنبية، التي لم تلتزم بأخلاقيات المهنة، ولم تتحلى بالموضوعية. حيث نشرت تقاريرا مزيفة ومخالفة للمصادر الموثوقة والرسمية حول وباء كورونا بالمغرب. ضاربة بعرض الحائط كل المجهودات المبذولة من طرف الدولة المغربية ملكا وشعبا، إن على مستوى الصحي أو الاجتماعي أو التضامن والتكافل الاقتصادي الوطني. والتي صارت مثلا يحتدى به على ألسن أغلب قادات دول العالم.
وقد تمادت هاتان الوكالتان الإعلاميتان الفرنسية والاسبانية، في توصيف أو ضاع المغاربة بكل النعوت التي تخرج عن السياق المهني المتعارف عليه في الصحافة العالمية. وكان الأجدر بهما وصف أوضاع ومعاناة شعبيهما الفرنسي والاسباني مع كورونا، الذين تتساقط أرواحهم كالجراد، والحكومة الفرنسية والاسبانية عاجزتان عن الإحاطة بهذا النزيف في الوفيات. كما كان على الصحافة الفرنسية التحلى بالحياد والنزاهة والجرأة، للرد على العنصرية المقيتة المدوية التي هزت كيان العالم، للطبيبين الفرنسيين اللذين اقترحا إجراء تجاربهما حول اللقاح المستحدث لعلاج كرونا على الشعوب الإفريقية.
ونحن نعرف مزاج بعض وسائل الإعلام الفرنسية والاسبانية، وما يحيكانه من عداوة ضد المغرب في قضايا متعددة. ولكن ما نجهل حقيقته، هو وظيفة هذا المجلس الوطني للصحافة، الذي كان عليه أن يبادر للرد على ما جاء في مقالات هاتين الوكالتين، على اعتبار أنه مسؤولا عن أخلاقيات مهنة الصحافة كتنظيم ذاتي. وأن يصدر بيانا للتنديد بهذه المغالطات والمعطيات الغير الموثوقة، والتذكير باحترام قواعد ممارسة مهنة الصحافة، قبل بيان الوزارة الوصية كقطاع سيادي حكومي. لاسيما أن أخلاقيات المهنة ليست لها حدودا جغرافية، أو قانونا وطنيا يلزم دولة دون أخرى، وإنما هي أعراف مهنية، وضوابط أخلاقية، وقواعد تنظيمية متعارف عليها عالميا. ملزمة لكافة الهيئات المهنية والتنظيمات الذاتية للصحافة والإعلام، وطنيا ودوليا. وما يبعث عن الحيرة والتساؤل، هو أن المهام المخولة للمجلس الوطني محددة وواضحة المسؤولية. من ضمنها الدفاع والحث على الالتزام بأخلاقيات المهنة، وتقديم تقارير شهرية وسنوية حول وضعية حرية الصحافة.
كما كان على السيد مجاهد، على الأقل كرئيس للفدرالية الدولية للصحافيين، إصدار بيان تنديدي لحث هؤلاء الصحافيين الدوليين بالالتزام بأخلاقيات المهنة وقواعدها الأدبية، التي تفرض التحقق من مصادر الأخبار الموثوقة، واعتماد المعلومات التي تكفلها الجهات الرسمية، وعدم استغلال معاناة الشعوب مع الكوارث الطبيعية والإنسانية، كالجائحات الصحية والأوبئة والأمراض المعدية. في الابتزاز الإعلامي وتصفية الحسابات السياسية وإثارة الفتنة والتشويش على الأوطان.
وأمام هذه التصرفات اللاإنسانية لهاتين الوكالتين الإعلاميتين الأجنبيتين، التي يرفضها كل ضمير حي، بصفته كمهني أو مواطن أو إنسان، تخلى المجلس الوطني للصحافة وللأسف عن مسؤوليته، كتنظيم ذاتي معني بالدرجة الأولى بأخلاقيات المهنة. وكمجلس وطني غيور عن الإعلام الوطني، حريص عن مصالح البلاد وكرامتها وعزتها. إلا إذا كان هذا المجلس الوطني يعتبر نفسه مؤسسة مستقلة، ذات تنظيم ذاتي إقليمي أو دولي، وغير محلي وطني، فالأجدر به إزالة كلمة “الوطني” من اسمه وتعويضها باسم آخر يعفيه من المسؤولية الوطنية في اتخاذ مواقفه، كيفما كانت إيجابية أو سلبية ضد بلاده، في إطار ما قد يحتج به من حرية للتعبير والرأي، وأن يبحث له عن الدعم المالي العمومي خارج المال العام للدولة. “ويعري على اكتافو .. ويخلي عليه فلوس الشعب”
أسئلة كثيرة يطرحها المواطن المغربي، كصاحب حق في إعلام وطني يخدم مصالح بلده، كما يطرحها الصحفي المهني الغيور عن وطنه الذي يعتبر مهنته تجنيدا للدفاع عن وطنه بما يملك من وسائل الاتصال. فبمجرد التفكير في قضية هذه الصحافة الأجنبية، التي طعنت وبخست مجهودات المغرب، ملكا وشعبا، في تصديه لوباء فيروس كورونا. تطفو إلى السطح التساؤلات التالية :
لماذا صمت المجلس الوطني على ما أقدمت عليه الوكالتان الإعلاميتان، الفرنسية والاسبانية المعتمدتين بالمغرب، من تجاوزات لأخلاقيات المهنة، عبر بث تقارير مزيفة ومعلومات مغلوطة، مست الشعور الوطني للمغاربة؟
ولماذا لم يساند المجلس الوطني البلاغ الحكومي الصادر ضد الوكالتين، والذي أعاد الاعتبار للمهنيين بخاصة والمغاربة عامة؟
هل يعتبر ذلك تقصيرا من المجلس الوطني للصحافة أم تواطئا مع الوكالتين الفرنسية والاسبانية؟
أم أن المجلس الوطني يغض الطرف على مثل هذه الممارسات اللاأخلاقية للصحافة الأجنبية المعتمدة بالمغرب، طمعا في عدم فقدان علاقته بها وضمان مساندتها ودعمها له، حينما يصطدم مع حكومته المغربية، ويجد نفسه وجه لوجه مع ما يسميه بعض أعضاء المجلس بالمخزن.