المغربية المستقلة : بقلم منير الدايري
في الثامن من مارس 2025، يتزامن الاحتفال باليوم العالمي للمرأة مع أيام شهر رمضان المبارك، ليجمع بين روحانية الشهر الفضيل وتكريم دور المرأة في عالم العمل. هذا التقاطع ليس مجرد مصادفة زمنية، بل رمزية عميقة تبرز قدرة المرأة على تحقيق التوازن بين العبادة والعطاء المهني، في وقت تتجلى فيه قوتها وصبرها كما لم تتجلَ من قبل
.
رمضان والعمل: المرأة في قلب المعادلة
في رمضان، حيث يمتزج الصيام بالتأمل والعمل الجاد، تبرز المرأة كعمود فقري للمجتمع والاقتصاد على حد سواء. من المعلمة التي تُعد دروسها وهي صائمة، إلى الطبيبة التي تقضي ساعات طويلة في غرف الطوارئ، والموظفة التي تدير فريقها بكفاءة رغم تحديات الشهر الكريم، تثبت المرأة أنها قادرة على تحمل المسؤولية بجدارة. الإحصاءات العالمية تشير إلى أن النساء يشكلن نحو 47% من القوى العاملة، لكن في رمضان، يصبح هذا الرقم أكثر من مجرد إحصائية؛ إنه شهادة على المثابرة.
في العالم العربي، تتألق المرأة في هذا الشهر بأدوار متعددة. نرى رائدات أعمال مثل لبنى العليان في السعودية، التي تقود مشاريع ضخمة بينما تحتفظ بتقاليد الشهر، . هؤلاء النساء لسن استثناءات، بل نماذج تعكس واقعاً يتجدد كل عام.
تحديات مضاعفة في رمضان
لكن هذا التألق لا يخلو من عقبات. ففي شهر يتطلب التركيز الروحي والجسدي، تواجه المرأة تحديات إضافية في بيئة العمل. الفجوة في الأجور، التي لا تزال قائمة – حيث تكسب المرأة عالمياً 82% مما يكسبه الرجل وفق تقارير 2024 – تتفاقم أحياناً مع توقعات اجتماعية ترى في المرأة المسؤولة الأولى عن إفطار العائلة وسهرات رمضان. هذا الضغط المزدوج يضعها أمام اختبار صعب: كيف تحافظ على إنتاجيتها المهنية دون أن تفقد روح الشهر؟
كما أن التمثيل الضعيف للمرأة في المناصب القيادية – أقل من 30% في القطاع الخاص عالمياً – يجعل من الصعب عليها أحياناً التأثير في سياسات العمل التي تراعي خصوصية رمضان، مثل ساعات العمل المرنة أو الإجازات الإضافية. هنا تبرز الحاجة إلى وعي مؤسسي أكبر بدور المرأة في هذا الشهر
عيد المرأة في رمضان: دعوة للتكريم والدعم
إن الاحتفال بعيد المرأة في رمضان هو فرصة لتكريم صمودها ودعوة لدعمها. يبدأ ذلك بتشريعات تضمن أجوراً عادلة وبيئات عمل تتفهم طبيعة الشهر الفضيل. المبادرات التي تطلقها بعض الشركات العربية، مثل منح إجازات قصيرة أو تقليص ساعات العمل للنساء في رمضان، خطوة في الاتجاه الصحيح، لكنها بحاجة إلى تعميم.
على الصعيد الاجتماعي، ينبغي أن يتشارك أفراد الأسرة مسؤوليات الشهر، ليصبح رمضان تجربة جماعية لا عبئاً على المرأة وحدها. وفي الوقت ذاته، يمكن للمجتمع أن يستلهم من قيم رمضان – كالتكافل والعدل – لتعزيز مكانة المرأة في العمل، سواء كانت في مكتب أو مصنع أو بيت.
خاتمة: نور المرأة في شهر النور
في رمضان 2025، ومع احتفالنا بعيد المرأة، نرى فيها نوراً يضيء المجتمع. إنها التي تصوم وتعمل، تصبر وتبدع، تحافظ على التقاليد وتبني المستقبل. تكريمها في هذا الشهر ليس مجرد واجب، بل استثمار في مجتمع أكثر عدلاً وازدهاراً. فلنجعل من عيد المرأة في رمضان مناسبة لنقول: شكراً لكِ، ولنعمل معاً لأجلكِ.
