رسالتي من غزة العزة

المغربية المستقلة  :  بقلم محمود حسين

أضحت غزة مكاناً يختزل العالم بأكمله، مكاناً تُتجاوز فيه كل الأفعال والمشاعر الإنسانية المتناقضة.

تطلّ مدينة غزة أثناء الحرب من خلال هذه الرسائل، أحياناً عابسة، وشاحبة. تظهر كامرأة، وأحياناً كرجل. تظهر كمأساة، ومنازل وحيوات لم تعد موجودة. تظهر كصخب هيبستري، كأرض قاسية لا تحمي شعبها بالجبال والمرتفعات، وأحياناً حنونه ببحرها وسهولة أرضها، أو كعشق يتلبد القلب. لكن في كل الأحوال لا تظهر غزة وحدها، فهي تأتي في هذه الرسائل بصحبة أناس آخرين، يدور بينهم وبين العالم حوار متلعثم. يمكن سماعه واضحاً من صراخ الألم تارة، ويتطلب إرهاف السمع تارة أخرى.

أي رسالة هنا هي مغامرة حقيقية، ولا يمكن ضمان وصولها، إذ إن أشياء كثيرة قد تحدث في الطريق. وحتى لو تسلمّها المرسل إليه وفض مغاليقها، فإن ذلك لا يعني وصولها. فالرسالة هي إيماءة في اتجاه آخر، ومحاولة لبدء كلام مؤجل. قد يبدأ هذا الحوار عند تسلّم الرسالة، وقد لا يتحقق ذلك. وقد يبدأ في لحظة تالية بين أطراف ليس بينهم المرسل أو المرسل إليه.

فهل يمكن أن تصل هذه الرسائل إذاً؟ ليست اللغة هي العقبة الممكنة في طريق وصولها، بل حصار ودول ومصالح وشركات وفلسفات ورؤى بشر آخرين ظنوا أنهم يملكون الحق ليحاصروا ويبدو شعباً يريد الحياة.

في محاولة لتوثيق ونقل الواقع الإنساني والمشاعر العميقة لأهل غزة تحت الحصار، نقدم لكم تجميعة رسائل مستقاة من قلب الأحداث. هذه الرسائل، التي تم تجميعها بعد التواصل المباشر مع بعض سكان غزة الصامدين في وجه الحرب وقسوتها، تعبر عن مشاعر خام وصادقة، بعيدة كل البعد عن الزيف أو التجميل. من خلال استطلاع رأيهم، سعينا إلى فهم تغيرات في نظرتهم تجاه العالم.

Loading...