ادريس أويحيى وسيط ثقافي نشط في بلاد الروم،ونموذج حي لنبوغ مغربي بلاحدود

المغربية المستقلة  : بقلم عبد اللطيف الباز

وجوه تشرق في المجتمعات العربية المقيمة بالديار الإيطالية كإطلالة شمس في نهار غائم و يحضى مغاربة إيطاليا على مناصب مهمة بالدولة الإيطالية ويتركوا بصمتهم في أماكن عدة من مختلف أنحاء البلاد ، فقد شهدت الأسر المغربية في السنوات الأخيرة تفوق ملحوظ لأبنائها وبناتها في المدارس والجامعات وحتى مناصب العمل المهمة كالمحامات و الجهاز الأمني و المقاولات الصغرى …”إدريس أويحيَى “هو واحد من أفراد الجالية المغربية الذي زادنا فخرا و شرفا بنيله منصب وسيط تقافي مابين المؤسسات الإيطالية، وبدأ إهتمام وسائل الإعلام بقصة المهاجر المغربي حين لوحظ ورود إسم “إدريس أويحيَى ” ضمن لائحة المؤسسات الإيطالية في منطقة لومبارديا. هذا الإسم شكل مفاجأة بالنسبة للبعض في البداية، نظرا لحمولته الدينية وبالنظر إلى الإهتمام المتزايد بقصة “إدريس أويحي ” دفع موقع ” المغربية المستقلة”إلى النبش في مساره وكيف أصبح أوائل من أصول أجنبية ينجح في الإلتحاق بهذه المؤسسات التي تتولى الإشراف على شؤون الهجرة واللجوء داخل النطاق بجهة لومبارديا،إلا أن الأضواء ركزت على “إدريس” ذو الأصول المغربية بإعتباره أمراً استثنائياً بكل المقاييس أن يتواجد إسم غير إيطالي بين موظفي المؤسسات الإيطالية. ينحدر إدريس أويحيى من مدينة سلا، ومنها شدّ الرحال صوب إيطاليا خلال ثمانينيات القرن الماضي.. حيث ارتأى، وقتها، أن يغيّر الأجواء بحثا عن الدراسة وسط بيئَة أفضل مما لقيه فوق تراب الوطن، لكنّ الأقدار كانت تخط له مسارا بديلا عما كان يتوقّع أن يؤول إليه مستقبله.

أويحيَى لم يكن غير مهاجر لاقَى الرياح المتجهة شمالا بأشرعة سفينَة حياته، فما كانت هذه الهجرة إلاّ أن لازمته وهو يعيش وسطها، قبل أن يحيَى بهَـا ثمّ لهَا.. لكنّ لسانَه، رغم طول أمد الاستقرار بالديار الإيطاليّة، لم يلُك عباراته الدارجَة التي يطلقها بطريقَة لا تختلف عمّا اعتاد عليه حين عيشه بـ”عَدوَة سلا”. إختار إدريس أويحيَى أن يقصد إيطاليا بداعي الدراسَـة، خاصّة وأن مستوَاه الجامعيّ خلال سنوات الثمانينيات بالمغرب قد مكّنه من نيل منحَة لأجل تعلّم اللغة الإيطاليَّة والتمكّن من ضبطها بغرض استثمارها في مواصلة التحصيل ضمن علوم الفيزياء والكيمياء التي كان قد أنهَى سلكها الأول بالوطن الأم.

عن هذه المرحَلة الاستهلالية ضمن مشوار هجرته يقول إدريس إن الأمر برمّته كان اختياريا وعن قناعَة، ويزيد ضمن لقاء جمعه بموقع المغربية المستقلة : “قدمت لإيطاليا من أجل الدراسة قبل أن أخوض مغايرا، وبمجرّد وصولي إلى بلد الاستقبال انخرطت في جمعيات وبدأت أتعامل مع مهاجرين مثلي، وبعدها تمكنت من لغة بيئتي الجديدة حتّى احقق اندماجا.. كل ذلك بعيدا عن مشواري الدراسي الذي كان قد دفعني لمغادرة سلاَ”.

“دراستي للغة الإيطالية ضمن مركز للغات بالمغرب جعلتني أؤسّس لأرضية تساعدني بإيطاليا.. لكنّ ما دفعني للتخلي عن مساري الأكاديمي يقترن بسياسة البلد التي تغيب عنها أي من الاعترافات تجاه المسارات الدراسية المغربيّة، لذلك كان علي أن أعاود التحصيل على الإجازة إيطاليّة وسط صعوبات اقتصاديّة دفعتني رأسا إلى البحث عن عمل بعد توقف صرف منحتي الدراسية عقب 7 أشهر من توصلي بها”

دراسة موقوفة التنفيذ : إدريس أويحيَى يتعاطَى بشكل يومي مع مشاكل اندماج تهم مختلف شرائح الهجرة بجهة لومبَارديَـا، وأبرزهم يافعون مغاربة التحقوا بأولياء أمورهم وشرعوا في الدراسة ضمن بيئتهم الجديد، زيادة على نزلاء مؤسسات سجنية يغيب تواصلهم مع العالم الخارجي ويعجزون عن استيفاء المساطر التي يكفلها لهم القانون من أجل الدفاع عنهم أمام العدالة وكذا نيل ما هو لهم بفضاءات الحرمان من الحرية وإعادة التأهيل.. ويعمل إدريس أيضا، بوتيرة يوميّة، على شرح السبل الإدارية المستوجب سلكها لاستخلاص الوثائق التي يبتغيها أي من المهاجرين المتواصلين معه. وساطَة ثقافيّة :

يشتغل إدريس، منذ عقود وحتّى الآن، وسيطا ثقافيا ما بين عدد من المؤسّسات الإيطاليّة، خاصّة بميلانُـو وجوارها، من جهة، والمهاجرين الذين لا يتقنون لغة البلد، او لا يضبطون التعامل الإداري أو يتموقعون في أوضاع خاصّة معيقَة، من جهة ثانية.. ويشتغل أويحيَى على تيسير التواصل بين الطرفين، مع ابتغاء المساعدة على اندماج المهاجرين وكذا تعريف الإيطاليين بطرق تفكير من هم أجانب يشاركونهم ذات فضاءات عيشهم.

“شرعت في هذا الأداء المهني وسط مركز لاستقبال من لا يتوفرون على مأوى قار، وجلّهم كان من ضحايا الهجرَة.. لكنّي طورت مهاراتي وصقلت قدراتي عبر تكوينات همّت التواصل الثقافيّ ومستجدّاته، وهو ما ساهم في تعرفي على تقنيات العمل ومواكبة تطوراتها أولا بأوّل” يورد أويحيى ضمن تصريح حصري له أدلى به لموقع ال. ويضيف ذات المغربي المغربية المستقلة : “أن تكون وسيطا ثقافيا يستوجب عليك الانحدار من الهجرة.. وإنما المعطى يهم مهنة أصبحت لها تخصصات ضمن أكاديميات التواصل، بل إنّ هناك من تحصلُوا على مَاسْتْر في ذات المراس دون أن يواكبوه بنجاح ميداني في ظل الدور الذي تلعبه التجربة بالتعاطي مع الناس”

Loading...