المغربية المستقلة: بقلم عبدالرضي لمقدم
بعد أشهر قليلة سيسدل الستار عن التجربة الحكومية العثمانية التي شكلت القوى المحافظة عمودها الفقري،شأنها في ذلك شأن شقيقتها البنكيرانية قبلها،حكومتان تعاقبتا على تدبير شؤون المغاربة منذ إقرار دستور الفاتح من يوليوز 2011 ،مثلتا وجهين لعملة واحدة إسمها الإرتجال و العشوائية،و مقابل ذلك حطمت الرقم القياسي في إهدار و تبديد زمن سياسي إستراتيجي مهم،كانت له تداعيات كارثية ،ٱقتصاديا و ٱجتماعيا على البلاد و على أوسع فئات الشعب.نعم بعد بضعة أشهر سيتم سد قوس هذه التجربة،بالموازاة مع إجراء إنتخابات عامة،الشي الذي جعل المغاربة يستعجلون ذلك اليوم معبرين في ذلك عن حاجتهم و حاجة البلاد إلى حكومة قوية بنخب و كفاءات تزخر بها بلادنا،قادرة على ترجمة أمال و انتظارات عموم طبقات الشعب إلى أوراش إصلاحية كبرى قابلة للتحقيق بارتباط مع التنزيل و التأويل الديمقراطيين للمضامين المتقدمة للمتن الدستوري،حكومة متجانسة سياسيا و متآلفة على أساس برنامج مشترك ،مسنودة بأغلبية برلمانية سياسية وليست عددية،يطبعها الإلتزام و المسؤولية و الجرأة السياسية و بمنظور إستراتيجي شمولي بما يجعل المصالح العليا للبلاد في صدارة الإهتمامات و الأولويات،مستثمرة في ذلك الطفرات التي حققتها الدبلوماسية المغربية بقيادة ملك البلاد،و دون الإخلال بالجوانب المرتبطة بالمعيش اليومي للمواطن من خلال تقليص و محو الفجوات و الفوارق الإجتماعية و المجالية. حكومة مسنودة حقائبها لرجال و نساء دولة و ليس إسنادها بمنطق الترضيات و جبر الخواطر و تقاسم الريع الحكومي بمنطق توزيع الكعكة أو الغنيمة.وبهندسة يشكل الإستحقاق و الجدارة مرجعيتها و ليس بمقاييس الأعداد و المحاصصة،لأن ما عاشه المغاربة مع الولادة القيصرية لحكومة العثماني لازالت جروحها لم تندمل بعد لدى الشعب،و بصفة عامة كل ما عاشه المواطن مع كل الحكومات المتعاقبة على تدبير شؤونه لما بعد فاتح يوليو 2011 بحيث أضرت كثيرا بقواعد و شروط و شكليات تدبير الشأن العام،وخاصة طريقة تدبير الأزمة الناتجة عن فيروس كورونا،هذه الكورونا التي عرت عن حجب التخبط في التعاطي الحكومي مع الوباء كما كشفت حجم الإختلالات التي تعتتري منظومات الصحة و التعليم و الإقتصاد و الإدارة…….و ضعف بل و بؤس العرض السياسي و التدبيري هذا مرده إلى إفتقار الحكومة للخبرة و التجربة الضروريتين لمثل هذه الحالات الطارئة و لغيرها ،بل يعتبر ذلك من لزوميات العمل الحكومي في التنبيه للمخاطر و وضع هكذا إستراتيجيات إستباقية . إن بلادنا تزخر بكفاءات و نخب متمرسة و لديها من الإرادة و العزيمة ما يجعلها في مستوى المطلوب منها تسييرا و تدبيرا،قادرة على بلورة أجوبة لمختلف الأسئلة المقلقة المطروحة ،قادرة كذلك بالسير بالبلاد إلى الأمام بتوجه ديمقراطي حداثي مدعومة بالقوى الحية الكامنة في ثنايا المجتمع بتأطير و توجيه من أدوات البناء الديمقراطي و مؤسسات الوساطة الإجتماعية،واضعة نصب أعينها التحديات المطروحة على بلادنا داخليا و خارجيا. إلى ذلك فالكرة اليوم توجد في مرمى المواطن من جهة و في مرمى الأحزاب السياسية الوطنية و التقدمية من جهة أخرى.