كتاب رأي : الضاد في المنفى

بقلم : منصف الإدريسي الخمليشي

بسم الله الرحمان الرحيم , بها أبدأ كلامي , و ما كلامي إلا مدح و تعظيم و تشريف للغة اختارها الله ليخاطب بها العالمين , الإنس و الجن , لغة الضاد , اللغة العربية , هي اللغة المقدسة لكل الشعوب و في كل الأزمنة , و بالرغم من الأعداء الكثر الذين أرادوا إسقاط هذه اللغة , و جعلها في انحطاط , إلا أننا لا زلنا نعتز بها .
هناك الكثير من الشخصيات الذين أسسوا لهذه اللغة مبادئها و قواعدها , كالجاحظ و الفارابي , الخليل , المتنبي , امرؤ القيس و آخرون الذين استطاعوا أن يبصموا أسمائهم في التاريخ العربي و في الحضارة العربية , و الدليل القاطع على كل هذا هو أن دولة الأراضي المنخفضة هولندا أو الصين العظيمة و عشرات الدول الأوربية , أضافوا هذه اللغة الشريفة ذات النسب الطيب في مناهجهم التعليمية .
بحيث بالرغم من فصاحة كل من كان في عصور الجاهلية , بعد ما جاء رسولنا و حبيبنا خير الورى محمد عليه أزكى الصلاة و السلام بالرسالة و القرآن الكريم و هو أمي فنزل عليه الوحي , الكل اتهمه بالسحر و المكر و الفسق , و اللغة بحد ذاتها إعجاز و تحدي لكل خذول كفور , بفصاحة محمد عليه الصلاة و السلام , تأسس عهد جديد للغة لم تكن منتشرة آنذاك , إلا بعد نزول بعض الآيات من الذكر الحكيم , التي تندهش لها الأذهان و تخشع لها الآذان و تتأثر الأبدان , لكن جلهم حاولوا إنكار ذلك , وصفوا المختار بالشاعر , لا , و ألف لا محمد هو خاتم الرسالة , و فصيح اللغة , هو الأمي الصادق الأمين .
حاولت ربط الموضوع برسولنا الكريم لأنه خير دليل و هو أصح و أصدق بشر عرفته الإنسانية , العربية لها مجد و نحن لم نشهد عليه , لكن هذا كله اطلعنا عليه و وصلنا بحسب ما روي في الكتب و على الألسن , قد أتحدث مئات السنين عن لغتي التي ربما افتقدناها لسوء الحظ , بسبب ما خلفته و لا زالت تخلفه العولمة من سلبيات , لكن مع ذلك في رأيي إن من لم يحب العربية كأنه لم يحب القرآن الكريم .
هناك البعض من الشباب و العجزة أيضا يتواصلون بلغة المستعمر الذي قتل لهم أجدادهم و آبائهم , أنا لست ضد الانفتاح على ثقافات أجنبية لكن أتحصر على أصابنا من انهيار للعروبة التي كانت قبل عشرات السنين مقاس الرجل و المرأة في فصاحة كلامهما , و الآن لسوء الحظ أصبح المقاس في نوع الهاتف أو الصورة الأجمل أو الكلام النابي الذي أصبح كشربة ماء , يتحدثون بالإنجليزية أو الفرنسية و لا يتحدثون بلهجاتهم و ثقافاتهم البربرية الريفية العربية الجبلية , صدقوني حاول أن تقنع أحد الأجانب أن يتواصل مع صديقه بلغة ليست ملكا له , فنحن الله أنعم علينا بلغة جميلة , و لم نعترف بها , لماذا ؟ الجواب هو نحن لنا استقلال شفوي و ليست هناك وثيقة كتابية تدل على الاستقلال , الأمر الذي لم يفهم لي إلى حدود الآن , ما السبب في دراستنا اللغة العربية , في المرحلة الدراسية و بمجرد أن تنتقل إلى الجامعة أو سوق الشغل يطلبون الفرنسية و الإنجليزية , أمر مضحك و هزيل جدا
اللغة العربية لغة الضاد …

Loading...