المستقلة المغربية : بقلم حدو شعيب
مع الأسف، كل مشاكل البلاد يتيمة كما يبدو لي ، لا أحد يتبناها، الكل يتقاذفها لتصطدم من جدار إلى جدار… لربما سقطت من السماء أو طلعت من أعماق الأرض. لا أدري… كما هو معلوم، يعتبر التشخيص أهم من العلاج، فكلما صح التشخيص كلما إختصر الطريق لإيجاد الحلول وكلما ترسخت نجاعتها .
الكل يعي حاليا أن الفساد عم جميع المرافق، وأن المتفائلين كثيرا يعتقدون في أنه يلزمنا الكثير من الوقت لتدارك الأمر في محاربة الفساد… أما من كان متشائما فهو من صنف الذين يرون في القضاء على الفساد أو بالأحرى الحد منه مستحيلا.
عندنا فقط لا نسمع عن أحد تحمل مسؤوليته في فشل ما وبادر إلى أضعف الإيمان في الإقرار بفشله والإعتذار عن أضراره التي لحقت البلاد والعباد ، فقط نجد من يتغنى بإنجازات خيالية ويتحدى الجميع في قلب الحقائق رأسا على عقب، يصبح الأبيض أسودا والعكس صحيح في تحد صارخ لكل ذي عقل. هكذا إذن، يصبح بلدنا أحسن بلد في العالم، ويعم الرخاء جميع أرجائه ويشمل الأمن جميع مكوناته ونحن نسير في طريق النمو…!!!!
نعم نسير في طريق النمو وعلينا بالصبر، ستفنى الأجيال والنمو لا زال صعب المنال، لا بنية تحتية ولا تعليم ولا صحة في متناول الجميع… حيث تزداد طرق بعينها زفتا وتزداد أخرى غبارا وأوحالا … تعليم مؤدى عنه هنا وتعليم مجاني هناك، وصحة مؤدى عنها هنا وأخرى مجانية هناك، فقط يجب الإنتباه إلى أن المجانية هنا تكون على حساب الجودة، وعليه، إن أردت تعليم سير على الله تعالى إلى ما هو مجاني، وإن أردت صحة #خرج ولم يعود# فتوكل على الله وامدد رقبتك… طبعا لا أَلُومُ العاملين بالقطاع العمومي، أنا لا أنتظر من مدرس يدخل القسم متخطيا أرجل التلاميذ، كناية عن الإكتظاظ المفرط، أن يعطي نتيجة إيجابية مهما بالغ في العطاء … مستحيل، فهو لا يستطيع التواصل مع أي من المتعلمين، ولا يستطيع مراقبتهم ولا يستطيع تتبعهم… كما أني لا أَلُومُ العاملين بقطاع الصحة العمومية، من الخيمة خارج مايل، حينما يبادرك طبيب بالقول إذهب إلى أقرب مكان من المستشفى واشتري دواء وضمادات ومقص وما إلى ذلك وعد، فذلك عنوان على أن الطبيب يشتغل في ظروف شبه مستحيلة للقيام بعمله…
كل مشاكلنا مصدرها الحكامة، تلك الطامة الكبرى، إنها الحكامة ولها مدلولها اللغوي، عندنا كلها يلغي بلغاه، هيآت منتخبة غارقة في شوقها منغمسة في مصالحها بالكسب مشروعا كان أم غير مشروع، وهيآت معينة لا تختلف عن سابقتها، هكذا إذن تتشكل نخب مسؤولينا، مع فارق بسيط، لربما في قرارة أنفسهم يحسون بحظ حالفهم وأنهم مكرمون في مناصبهم وعليهم باستغلال الفرص، كل الفرص قبل الرحيل… أما القيام بمسؤولياتهم فهو معلق إلى صدور التعليمات… ليس لهم جواب لاي سؤال … يتعاملون مع مصالح المرتفقين وفق منهجين، إن كان من اصحاب اليمين، يطوعون القوانين والقرارات حتى تعصر عسلا… أما إن كان من أصحاب الشمال، فكل القوانين تصبح سدا منيعا في وجههم… فاختر انت المرتفق، مكان اليمين بثمن، إما ان تدفع نقدا أو عينا أو تكون مرسلا لتحصل على مبتغاك … ومكان الشمال بثمن، ستؤدي لا محالة من صحتك، من حريتك أو كرامتك ويبقى الحصول على مبتغاك في الشك…
في الجانب الآخر من الضفة، هناك مواطن لا أدري إن كان له إحساس أنه جزء من المجتمع، وهو فرد داخل جماعة، حينما يريد حاجته، يجب على الجميع فسح المجال أمامه حتى يقضي حاجته، هكذا إذن، القلة من يحترمون الأدوار سواء في صفوف أمام المصالح أم على الطريق… يريد أن يبيع سلعته بأغلى ثمن ويبحث عن من يشتري بأرخص الأثمان… يزدري الآخرين ويمجد نفسه … يبحث عن نخبة كفؤة تسير شؤونه ويصوت للصوص أو لا يصوت أصلا … يريد الدمقراطية لكن بجهد الآخرين هو في عطلة … ينتقد الآخرين وهو نزيههههههه .
السلام عليكم.
والتزموا بيوتكم:في انتظار زمن يصبح بيننا من يتبنى مشاكلنا.