كتاب الرأي : “ايران والصراع مع السنة”

المغربية المستقلة : رشيد حمري صحفي متدرب

مجموعة دول العالم الاسلامي طغى على الحديث في الآونة الأخيرة أن ايران تسعى لتعبيد الطريق للمد الشيعي في العالم السني، لتسهيل السيطرة على الأراضي المقدسة، الأمر الذي تكفلت السعودية بمحاربته والوقوف في وجهه سدا منيعا، تجلى الأمر في محاولتها القضاء على جماعة الحوتي الشيعي في البلاد اليمنية الجارة للسعودية، والتي دخلت المعترك السياسي بل وحتى الحربي للدفاع عن سيادتها وسادة بلادها اليمن، كما تعالت أصوات منددة ومحذرة من المد الشيعي الايراني ومختلف الفصائل التي تتبنى مذهبها، لكن هل فعلا يعتبر المد الشيعي خطرا زاحفا يمكن أن يلتهم الدول السنية ويستولي على أراضيها بعد القضاء على مذهبها.
فلا شك أن الصراع بين السنة والشيعة قديم جدا، يمكن التأريخ له بظهور التشيع، الذي ولد من رحم إسلام أهل السنة والجماعة، والغرض هنا ليس التأريخ له والتعريف به بدقة، وإنما غرضنا حل اشكالية ايران والعالم السني، فالمعروف أن ايرن الثورة ليست ايران قبل الثورة، فإيران قبل الثورة كانت ايرانا خاضعة وتابعة للغرب ومسايرة لسياسة أمريكا، أما ايران الثورة فغيرت من سياستها ومن شعارها وارتدت لباسا جديدا غير الذي ارتدته لسنوات، بل اتخذت من أمريكا واسرائيل العدو الأول والأخير، الشيء الذي لم يعجب أمريكا التي عملت على افشال مشروع الثورة بكل السبل المتاحة، بل وسلحت صدام أيضا للقضاء عليها، حيث حارب ايران لمدة ثماني سنوات(من1980م إلى سنة1988م)، الأمر الذي يكشف أن قضية الصراع المذهبي والطائفي في المنطقة، هي قضية مختلقة من طرف أمريكا وحلفائها من أجل كسر إرادة العالم الاسلامي ورغبته في التكتل والتوحد، بل وجعله بمثابة دويلات صغيرة يحكمها منطق العداء، وهي بدورها بمثابة حقل ألغام يمكن أن تنفجر على بعضها البعض في أية لحظة.
إن استشراء العداء بين العرب المسلمين السنة والشيعة الفرس في الغالب مع وجود أقليات شيعية في الدول العربية المسلمة، لم ينشأ عن رغبة أصيلة أو قناعة شخصية وإنما كان ترجمة لعداء بالوكالة بين الدول الإمبريالية “أمريكا…” والدول المستعصية والرافضة للتبعية والخضوع لها، لذلك لا يمكن القول اليوم مهما طبل المطبلون أن السني عدو الشيعي بدعوى أن الدين الاسلامي لا يدعو للعداء بين المسلمين وغير المسلمين، وما بالك بالذين “يؤمنون بالله ويشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله”.
إن الدين أي دين لا يدعو إلى العدوان والكراهية بين بني البشر الذين تجمع بينهم الصفات الفيزيولوجية والعقيدة الأخلاقية المشتركة، بل على العكس من ذلك، فإنه يحض على التسامح والتعايش وقبول الآخر باختلافاته وتناقضاته ومشاكله ومزاياه ومعتقداته ومقدساته….بعدا عن النظرة الدونية إلى الآخر المخالف في الدين والعقيدة واللون واللغة…
إن الدين بشتى أنواعه الاسلامي المسيحي اليهودي… يدعوا إلى نبد الطغيان والامبريالية والاستبداد، ويساوي في المقابل بين بني الانسان باعتبارهم خلية متشابكة تحتاج إلى بعضها البعض لضمان بقائها حتى وصول أجلها.

Loading...