كتاب الرأي : صعوبات التعلم

بقلم : يوسف باجا

صعوبات التعلم :

التعلم هو أساس المعرفة الإنسانية الحديثة؛ ففي العصور القديمة كان الإنسان يكتسب المعرفة بالتجربة والخطأ، أمّا الآن ومع انتظام العمليّة التعليمية في جميع أنحاء العالم أصبح اكتساب المعارف الإنسانية السابقة يقوم على تعريف التلاميذ بالعلوم وتلقينهم أساسياتها، ودخلت العديد من التحديثات على المناهج التعليمية التي تطوّرت إلى منح مساحة أكبر للطالب لاكتشاف المزيد والتجربة والتعلّم من خلالها تحت إشراف تربوي. كان هذا التطور في العملية التعليمية مع بدايات القرن العشرين مع وضع نظريات في العملية التعليمية بناءً على المدارس الفلسفية التي كانت قائمةً آنذاك، ورغم أنّها كانت هناك بوادر للعمل بنظريات تعليمية إلّا أنّ المدرسة السلوكية تعتبر أولى المدارس التي أسست لنظريات التعلم.
أنواع نظريات التعلم
النظرية السلوكية ظهرت تلك المدرسة في الولايات المحدة الأمريكية عام 1912م، وتمحورت تلك النظرية حول مفهوم السلوك من خلال علاقته بعلم النفس، وذلك بالاعتماد على القياس التجريبي ونبذ الأفكار غير القابلة للملاحظة والقياس.
يمكن تلخيص تلك النظريّة في عملية التعلم؛ حيث إنّها تؤكّد على أن كل معرفة مقدمة للتلميذ لا بدّ أن تتوافر فيها شروط قادرة على إثارة اهتمامه وميوله وحوافزه، وإنّ ذلك يتم عبر تفكيك وتقسيم المادة الدراسية إلى أجزاء وفق معطيات ووقائع يمكن وضع علاقة بينها ومن ثم تقديمها إلى التلميذ بتسلسل وتدرج متكامل، وإنّ المادة الدراسية يجب أن تتناسب ومستوى نمو التلميذ البدني والعقلي.
النظرية الجشطلتية:
ظهرت تلك المدرسة نتيجة رفض بعض العلماء مثل ماكس فريتمر، وكورت كوفكا لأفكار
النظرية السلوكية:
حول النفس البشرية، ووضعوا المدرسة الجشطلتية التي كانت أهم مواضيع دراستها سيكولوجيا التفكير، ومشاكل المعرفة. تتلخّص مبادئ التعلم وفقاً للمدرسة الجشطلتية في أنّ الاستبصار وهو الفهم والقدرة على الإحاطة بالمعلومات وترابطها شرط للتعلم الحقيقي، وأنّ التعلم يجب أن يقترن بالنتائج، وأنّ الحفظ والتطبيق الآلي للمعارف المختلفة أمر سلبي لا يمنح مساحةً للإبداع؛ فالاستبصار حافز قوي، بينما يعدّ التعزيز الخارجي حافزاً ضعيفاً للتعلم.
النظرية البنائية:
تختلف النظرية البنائية عن النظريتين السابقتين؛ حيث إنّ رائد تلك المدرسة التعليمية جان بياجي كان يرى أنّ التعلم يتم اكتسابه عن طريق المنبع الخارجي. أهم مبادئ التعلّم في تلك النظرية هي أنّ التعليم لا ينفصل عن التطور المتنامي لدى التلميذ أو الإنسان عموماً للعلاقة بين الذات والموضوع، وأنّه يقترن بقياس الذات على الموضوع وليس بمجرد تحصيل معارف عنه، وأنّ الاستدلال شرط أساسي لبناء المفاهيم المختلفة؛ حيث إنّه يربط العناصر ببعضها البعض، ومن المبادئ أيضاً أنّ الخطأ شرط أساسي للتعلم؛ فمن خلال تجاوزه يتم بناء المعرفة التي تعتبر صحيحة و تؤثر صعوبات التعلم في الطريقة التي يتعلم بها الشخص أشياء جديدة، و الكيفية التي يتعامل بها مع المعلومات، و طريقة تواصله مع الآخرين. و تشمل صعوبات التعلم جميع مجالات الحياة، وليس فقط التعلم في المدرسة، كما يمكن أن تؤثر في كيفية تعلم المهاراتالأساسية مثل القراءة والكتابة و الرياضيات، و في طريقة تعلم مهارات عالية المستوى مثل التنظيم و تخطيط الوقت، التفكير المجرد، و تنمية الذاكرة الطويلة أو القصيرة المدى و الاهتمام
تعتبر صعوبات التعلم حالة مستمرة، ويفترض أن تكون ناتجة عن عوامل عصبية تتدخل في نمو القدرات اللفظية وغير اللفظية، وتوجد صعوبات التعلم كحالة إعاقة واضحة مع وجود قدرة عقلية عادية إلى فوق العادي، وأنظمة حسية حركية متكاملة وفرص تعليم كافية. وتتنوع هذه الحالة في درجة ظهورها وفي درجة شدتها. وتؤثر هذه الحالة خلال حياة الفرد على تقدير الذات، التربية، المهنة، التكيف الاجتماعي، وفي أنشطة الحياة اليوميةولقد بدأ الاهتمام بصعوبات التعلم أساسا في المجال الطبي، وخاصة من قبل العلماء المهتمين بما يعرف الآن باضطرابات النطق، أما دور التربويين في تنمية وتطوير حقل صعوبات التعلـّم فلم يظهر بشكل ملحوظ إلا في مطلع القرن العشرين، و خصوصا في الستينات من القرن الماضي، حيث ظهر مصطلح صعوبات التعلـّم حين قام  ” صموئيل كيرك ” Samuel A. Kirk عالم النفس الأمريكي في عام 1962 بإعداد كتاب جامعي يتحدث عن التربية الخاصة ظهر فيه أول التعريفات الخاصة بصعوبات التعلم.
وفي نفس العام أيضا كانت البداية العلمية عندما استخدم كل من كيرك و بيثمان هذا المصطلح لوصف مجموعة من الأطفال في الفصول الدراسية الذين يعانون من صعوبات تعلم القراءة والتهجي أو إجراء العمليات الحسابية
وتعتبر عسر القراءة والكتابة واحد من أكثر أنواع صعوبة التعلم شيوعا. إنه مرتبط بطريقة معالجة اللغة، وعادة ما يجد الأطفال صعوبة في القراءة والكتابة والهجاء. مصطلح “ديسليكسيا Dyslexia” أصله يوناني ويعني صعوبة التعامل مع الكلمات، وتعرفه الرابطه الدولية لعسر القراءة والكتابة بالآتي:” ال Dyslexiaاضطراب له تأثيره الأساسي على الأعصاب
بدرجات متفاوتة الشدة، وفي الصعوبات التي تتجلى في اللغة استماعا وتعبيرا، ويتضمن مشاكل في النطق، والقراءة والكتابة والإملاء، والخط، وأحيانا في الرياضيات.” 
بقلم يوسف باجا طالب علم النفس

Loading...