المغربية المستقلة : منير الدايري
لن أغادر ،
قبل أن أعرفَ لِمَ الأسئلةُ تُحاصرُ عقلي،
مَن فتحَ أبوابَ الجنونِ ليُطلقَ سراحه؟
لماذا البحرُ حزينٌ والأرضُ غاضبة؟
هل في الرحيلِ محوٌ لذكرياتي،
أم تعليقٌ لأيامي على أغصانٍ عارية؟
لن أغادر،
والمجهولُ يُقذفُ بي بينَ القدرِ والاختيار،
أنا كوكبٌ ضلَّ مدارهُ،
أم ساعةٌ توقفتْ عن الدوران؟
لن أغادر،
إلا بعد أن تُزهرَ الورودُ على ضفافِ أحلامي،
والنسيمُ يُغني ألحانَ الحياةِ فوقَ حقولِ روحي،
لا أتركُ مكاني والمخالبُ تُمسكُ عنقي،
ونورُ الفجرِ يُضيءُ دروبَ خيالي،
خطواتي على الرملِ لن تُتركَ للريحِ تُبددها.
لن أغادر،
قبل أن ينطلقَ القطارُ نحوَ الأفقِ البعيد،
وأرى الرفيقةَ تنتظرُ عودتي عندَ المحطة،
وأنغامُ الصباحِ تُعانقُ صدري،
لماذا القطارُ يُسرعُ في خطاهُ،
والرفيقةُ تُلوحُ لي من بعيد؟
لن أغادر،
لماذا القصائدُ مريضةٌ بالمللِ،
تُعاني الهذيانَ والضياع؟
لماذا قلبي صارَ لعبةً بينَ الأصابع؟
لن أرحلَ يا صديقتي،
فحرفي تحطمَ بنظرةٍ،
من عيونٍ كانتْ تسكنُ قلبي.
لن أغادر،
قبل أن أرى المراكبَ تعودُ إلى البحر،
وأعانقَ ترابَ الوطنِ بحبٍّ لا ينضب،
وأزرعَ أشواقي في حقولِهِ الخضراء،
لن أغادر،
حتى تُشرقَ شمسُ العشقِ على جبالِهِ،
وأُغني لأرضي أنشودةَ الوفاءِ الأبدي.
لن أغادر،
قبل أن يعودَ النهرُ لعناقِ البحر،
وتعودَ الحياةُ إلى وجهي،
يستريحَ فكري،
ويجدَ ظلي مكانًا يستندُ إليه.
