المغربية المستقلة:
سيرة المحبوب صلى الله عليه وسلم
الجلسة: مائة وثلاثة وخمسون
من أحداث السنة الثانية
*غزوة بدر الكبرى*
*نزول الملائكة للقتال*
ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من عريشه ببُشرى أخرى إلى أصحابه رضي الله عنهم:
فقال صلّى الله عليه وسلّم:
*(( هَذَا جِبْرِيلُ آخِذٌ رَأْسَ فَرَسِهِ، عَلَيْهِ أَدَاةُ الحَرْبِ))*
رواه البخاري
وفي رواية لابن إسحاق عن عبد الله بن ثعلبة رضي الله عنه قال:
” خفق رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خفقةً في العريش، ثمّ انتبه
فقال:
(( أبْشِرْ يَا أَبَا بَكْرٍ ! هَذَا جِبْرِيلُ عليه السّلام مُعْتَجِِرٌ بِعِمَامَتِهِ، آخِذٌ بِعِنَانِ فَرَسِهِ يَقُودُهُ، عَلَى ثَنَايَاهُ النَّقْعُ، أَتَاكَ نَصْرُ اللهِ وَعِدَتُهُ )).
وروى الطبراني في المعجم الكبير من حديث رفاعة بن رافع، وابن جرير من حديث ابن عباس – رضي الله عنهما – قال: “أمد الله تعالى نبيه – صلى الله عليه وسلم – والمؤمنين بألف، فكان جبريل في خمسمائة مجنبة، وميكائيل في خمسمائة مجنبة..
👈🏼قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:” قال الشّيخ تقيّ الدّين السّبكي:
سئلتُ عن الحكمة في قتال الملائكة مع النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، مع أنّ جبريل عليه السّلام قادر على أن يدفع الكفّار بريشة من جناحه ؟
فقلت: وقع ذلك لإرادة أن يكون الفعل للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه، وتكون الملائكة مددا على عادة مدد الجيوش، رعاية لصورة الأسباب وسنّتها الّتي أجراها الله تعالى في عباده، والله تعالى هو فاعل الجميع، والله أعلم ” اهـ.
نعم .. هذا جبريل في مقدّمة الملائكة الّذين نزلوا بأمر من الله القائل:
{إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ} [الأنفال:12].
ومما يثبت هذه المعجزة مارواه مسلم في صحيحه من حديث ابن عباس، وجاء فيه قال:
بينما رجل من المسلمين يومئذ يشتد في أثر رجل من المشركين أمامه، إذ سمع ضربة بالسوط فوقه، وصوت الفارس يقول:
أقدم حيزوم، فنظر إلى المشرك أمامه، فخر مستلقياً، فنظر إليه فإذا هو قد خطم أنفه، وشق وجهه كضربة السوط فاخضر ذلك أجمع، فجاء الأنصاري، فحدث بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
فقال: “صدقت، ذلك من مدد السماء الثالثة”، فقتلوا يومئذ سبعين، وأسروا سبعين..
{إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}🌸
_____________________________________________
سيرة المحبوب صلى الله عليه وسلم
الجلسة: مائة وأربعة وخمسون
من أحداث السنة الثانية
*غزوة بدر الكبرى*
*أبو جهل في قومه*
بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصحابه يشجعهم على قتال المشركين ويرفع من عزمهم ويشد على أقدامهم وإقدامهم..
إذ بزعيم الشرك أبي جهل يؤلب ويتوعد ويهدد بأنه سينهي على محمد وأتباعه في هذه الجولة وأنها ستكون القاضية..
روى ابن إسحاق رحمه الله والإمام الطّبري في “تفسيره” بسند صحيح ..
عن عبدِ اللهِ بنِ ثعلَبَةَ بنِ صُعَيْرٍ رضي الله عنه أنّ أَبَا جَهْلٍ قالَ حِينَ الْتَقَى القَوْمُ:
اللّهُمَّ أَقْطَعَنَا الرَّحِمَ، وَآتَانَا بِمَا لَا نَعْرِفُهُ، فَأَحْنِهِ الْغَدَاةَ !
قَالَ: فَكَانَ الْمُسْتَفْتِحَ “.
إنه يريد استدراج قومه لحرب لا رجعة فيها.. فزعامة قريش مرهونة بهذه المعركة..
فأنزل الله تبارك وتعالى آياتٍ تبشّر أبا جهل بما أراد، وتبيّن له المحقّ من المبطل:
قال عبد الله بن ثعلبة:
” فأنزل الله تعالى:{إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ وَإِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاً وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ} .
{إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}🌸
___________________________________________________
سيرة المحبوب صلى الله عليه وسلم
الجلسة: مائة وستة وخمسون
من أحداث السنة الثانية
*من مشاهد بدر*
*استقبال المشركين بالحصباء:*
روى ابن إسحاق عن عبد الله بن ثعلبة رضي الله عنه أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أخذ حفنةً من الحصباء، فاستقبل قريشا بها، ثمّ قال: (( شَاهَتِ الوُجُوهُ )) ثمّ نفحهم بها.
رمى بها وجوهَ العدوّ، فلم تترك رجلاً منهم إلاّ ملأت عينيه، وشُغِلوا بالتّراب في أعينهم، وشُغِل المسلمون بقتلهم..
فأنزل الله في شأن هذه الرّمية على رسوله صلّى الله عليه وسلّم:
{فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَناً إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} .
وفي رواية أخرى عند الطبراني عن حكيم بنِ حزام رضي الله عنه قال – وكان يومئذ مع المشركين -:
لمّا كان يوم بدر أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأخذ كفّا من الحصباء فاستقبلَنا به، فرمانا بها، وقال: (( شَاهَتْ الوُجُوهُ ))،
فانهزمنا، فأنزل الله عزّ وجلّ:{وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى}
{إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}🌸
_________________________________________________
سيرة المحبوب صلى الله عليه وسلم
الجلسة: مائة وخمسة وخمسون
من أحداث السنة الثانية
*غزوة بدر الكبرى*
*المبـارزة..*
كان بين يدي المعركة مبارزة ثبّت الله بها قلوب المؤمنين… وزلزل بها قلوب المشركين..
قال عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه-في رواية أحمد دائما-:
” فَبَرَزَ عُتْبَةُ،وَأَخُوهُ شَيْبَةُ، وَابْنُهُ الْوَلِيدُ حَمِيَّةً، فَقَالُوا: مَنْ يُبَارِزُ فَخَرَجَ فِتْيَةٌ مِنْ الْأَنْصَارِ.
[في رواية ابن إسحاق: خرج عوف ومعوّذ ابنا عفراء، ووعبد الله بن رواحة]
فَقَالَ عُتْبَةُ: لَا نُرِيدُ هَؤُلَاءِ وَلَكِنْ يُبَارِزُنَا مِنْ بَنِي عَمِّنَا مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ.
[في رواية ابن إسحاق: فقال عتبة: من أنتم ؟ قالوا: رهط من الأنصار..فقالوا: ما لنا بكم حاجة]..
قال عليّ رضي الله عنه: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم:
(( قُمْ يَا عَلِيُّ ! وَقُمْ يَا حَمْزَةُ ! وَقُمْ يَا عُبَيْدَةُ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ !)).
ثلاثة من بني عبد المطّلب: حمزة عمّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم.. وعليّ ابن عمّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم .. وعبيدة بن الحارث ابن عمّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم صاحب أوّل سريّة في الإسلام..
روى البخاري ومسلم عن أبي ذَرٍّ رضي الله عنه قالَ:
” نَزَلَتْ {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} فِي سِتَّةٍ مِنْ قُرَيْشٍ: عَلِيٍّ، وَحَمْزَةَ، وَعُبَيْدَةَ بْنِالْحَارِثِ، وَشَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَعُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَالْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ “.
أقبلوا ومعهم ملك الموت ليفتك بأرواح المشركين..
روى أبو داود عن علِيٍّ رضي الله عنه قال:
فَأَقْبَلَ حَمْزَةُ إِلَى عُتْبَةَ، وَأَقْبَلْتُ إِلَى شَيْبَةَ، وَاخْتُلِفَ بَيْنَ عُبَيْدَةَ وَالْوَلِيدِ ضَرْبَتَانِ، فَأَثْخَنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ، ثُمَّ مِلْنَا عَلَى الْوَلِيدِ، فَقَتَلْنَاهُ وَاحْتَمَلْنَا عُبَيْدَةَ “.
وفي رواية أحمد قال عليّ رضي الله عنه: فَقَتَلَ اللهُ تعالى عُتْبَةَ وَشَيْبَةَ ابْنَيْ رَبِيعَةَ وَالْوَلِيدَ بْنَ عُتْبَةَ وَجُرِحَ عُبَيْدَةُ.
عندئذ ابتهج النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بفرسانه، وفرح لانتصارهم، وتحمّس المؤمنون لللمشاركة في صناعة النصر المبين
{إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}🌸