المغربية المستقلة: بقلم الدكتور شنفار عبدالله
إجراء : تقليص نفقات لوازم المكتب من الأوراق ومواد الطباعة إلى حوالي نصف التكلفة في الادارة والمؤسسات العمومية المغربية نموذجا..
من خلال تجربة عمل بالادارة العمومية المغربية؛ توصلت الى انه نستطيع تقليص هذه النفقات إلى النصف من التكلفة الاجمالية عن طريق؛ من خلال إجراء بسيط جدا ولن يكلف الدولة أية أعباء أو استثمارات أو أموال إضافية؛ مطلقا ونهائيا.
كيف السبيل إلى مفتاح ذلك؟
لست من عشاق الجانب النظري لوحده؛ الذي يفتح المجال لخلق هالة من التهريج حول التحديث والإصلاح الاداري أحيانا؛ والعشوائية والارتجال تارة أخرى؛ بل من المؤمنين بضرورة تبني فكر إجرائي يعتمد تصريف الأفكار والنظريات والقيم على أرض الواقع الملموس.
فلماذا تقع لدينا نوع من الإعاقة والعجز عند مساحة تصريف وتنزيل الأفكار والمشاريع الاستثمارية؟
منذ الإعداد للمشروع الاصلاحي او التحديثي او الاستثماري؛ مرورا بالمصادفة عليه ووصولا إلى التنفيذ؛ وانتهاء بالمراقبة والتقييم والتصحيح؛ المشروع الاستثماري يتطلب الاجابة على عدة اسئلة يمكن اختزالها فيما يلي:
فلابد أن نعرف الاجابة عن التساؤلات المصحوبة بنوع من القلق الذي ينتاب المقبل على ركوب مخاطر الاستثمار؛ التالية:
ما هي طبيعة هذا المشروع؟ وما هي مجالاته؟ وما هي واقعيته؟ وما هي حدوده؟ ماذا لدينا من الموارد المالية والبشرية والمتطلبات والمشاكل والمعيقات والاكراهات…؟ ماذا نريد أن نفعل؟ ماذا نقدر على فعله؟ كيف ومتى نفعل او نتبنى هذا المشروع او ذاك، حتى نستطيع إنتاج وخلق وتحقيق الثروة والربح؟ ماذا عن مختلف عوامل الانتاج المتدخلة في المشروع؟
فالمشروع الاستثماري التحديثي او الاصلاحي هو مجرد آلية لإنتاج وخلق وتحقيق الثروة؛ ويعني مجموعة عمليات محدودة في الزمان والمكان في إطار محيط سوسيو اقتصادي، يستهدف هدفا معينا في جدلية اعتماد متبادل بين الفكر والواقع.
وهذه العمليات تسير حسب متوالية حسابية وهندسية متوازية في التغذية الراجعة تنطلق من العناصر والمحددات التالية:
أولا: رسم فكرة للمشروع المراد إنجازه، وهي عملية مفاضلة بين عدة خيارات مطروحة، والتي تتوقف
على اختيار واحد من بين هذه الخيارات والبدائل والتي تعتمد عدة معايير:
– تحليل الحاجيات والمتطلبات،
– المجموعات أو المناطق المستهدفة به؛
– عملية اختيار بين عدة متغيرات تقنية، مالية، مؤقتة …؛
– إمكانيات عوامل الانتاج،
– عملية تقييم أولية لنتائج وآثار المشروع المراد إنجازه؛
– صياغة ذلك في إطار خطة تدقق المراحل اللاحقة؛
ثانيا: بلورة الفكرة حول المشروع بطريقة أكثر تفصيلا من خلال:
– مظاهر المشروع: وتعني الأهداف والنتائج المتوخاة وطبيعة الأشغال.
– ومظاهر التمويل: تكلفة المشروع، وطريقة تمويله؛ تمويل ذاتي؛ اللجوء الى القروض؛ في اطار الشراكة…
– ومظاهر التنفيذ: مذكرة حول توقعات الإنفاق والمصاريف.
ثالثا: التحليل والدراسة للمشروع او الفكرة، وهي:
مجموعة عمليات تتخلل مراحل المشروع، وهي إما دراسة أولية أو دراسة انحرافية، وتعتمد التحليل التقني، النقدي المالي الاقتصادي، وكلها تحاليل ودراسات في علاقة جدلية.
رابعا: اتخاذ قرار تبني الفكرة؛ وهي مرحلة حاسمة في مصير اللجوء والإقدام على الاستثمار، بناء على توفر المعلومات الكافية حول المشروع وهنا تأخذ إما:
– مسار المصادقة النهائية اقتناعا بأهمية المشروع.
– أو طلب مزيد من الدراسة التكميلية حول المشاريع المضمنة بالمشروع، نظرا لعدم اتضاح الرؤية جيدا موقتًا.
– أو التخلي نهائيا عن المشروع لأسباب عدم مردوديته، او قلة الإمكانات والمتاح أو معارضة الأغلبية للمشروع الى غير ذلك من العراقيل.
خامسا: الشروع في التنفيذ:
بمجرد المصادقة واتخاذ قرار الاستثمار يشرع في انطلاق المشروع وخروجه إلى حيز التطبيق.
سادسا التتبع: ويعني أن تنفيذ المشروع يتخلل مراحله نسق من التتبع؛ من رقابة وتسجيل مدى التقدم الحاصل فيه.
سابعا: نهاية المشروع؛ وتعني الانتهاء وانخراطه ضمن المشاريع الموجودة أو في استقلاليته لكونه حديث النشأة، وهنا لازال يتطلب الامر مزيدا من الحدر كون المشروع في بداياته الأولى.
ثامنا: التقييم والتصحيح اللاحق للمشروع: وهو تقييم لدرجة النجاح أو الفشل، ومواطن الضعف والقوة في مراحل تنفيذ المشاريع المتضمنة به لاستنتاج الدروس والحكمة في مشاريع مستقبلية.
فالحكامة لها ارتباط وثيق بالعقلنة والترشيد والفعالية. فوفق علماء الاجتماع؛ الحكامة هي نوع من الزيادة في الفعل الاجتماعي الذي يستهدف تحقيق غاية معينة وفق دوافع أخلاقية وسلوك حداثي في الادارة والتدبير الرشيد للدولة في مجالات التكنولوجيا والبيروقراطية والتوسع في مختلف العلوم والقدرة العالية على الفعل والتصرف الانساني والنتائج المترتبة عنها على الصعيد السياسي والاقتصادي والديني والعائلي.
الحكامة هي وسائل إجرائية وليس مجرد تصورات وأفكار وقيم؛ بل هي تنزيل وتصريف لهذه الأفكار والقيم على أرض الواقع؛ أي تنزيلها من ذلك البرج العاجي؛ وتجاوز المحطة الأولى التي تكون فيها عبارة عن فكرة؛ إلى المحطة الثانية لتعرف الامتداد والاستنبات الفعلي والملموس.
فماذا نقصد بالعقلنة والترشيد في الإدارة؟ العقلنة والترشيد يشمل استعمال الماء الصالح للشرب؛ والكهرباء والهاتف والبنزين ومستلزمات المكتب؛ ومصاريف الأبهة والتنقلات الزائدة… وغيرها.
نعرف أن الإدارة على الرغم من التطور التكنولوجي الذي عرفته الرقمنة واستعمال البطائق والشرائح الاليكترونية؛ لا يمكنها الاستغناء عن الورق من أجل الحفظ والتوثيق لمختلف عملياتها وإجراءاتها كشاهد وأرشيف على ذلك الفعل الاداري.
وبالتالي فالورق يبقى ضرورة وحتمية في نفس الوقت والذي له ارتباط وثيق بمادة الطباعة أو المزاد الباهض الثمن والتكلفة.
في الادارة نجد عدة نماذج لمختلف الوثائق الإدارية تحدد الحجم طولا وعرضا. ونضرب مثلا بوثائق المحكمة؛ حيث نلاحظ على الهوامش، الاشارة الى الحجم والحدود؛ كأن نجد: 21/20 أو 14/21… وغيرها من النماذج والمطبوعات. لكن هذه النماذج هي أكثر تكلفة ولا تتضمن أي إجراء في مجال العقلنة والترشيد والاقتصاد في استهلاك هذه المستلزمات؛ بقدر ما هي ضمانة قانونية فقط لتفادي التزوير.
لكن الذي يهمنا نحن هو معرفة كيف نقلص عدد الاوراق والمطبوعات وأدوات الطبع من الخبر أو المداد “Toner”. المعروف أن طريقة الكتابة؛ من اختيار نوع الخط مثل: الأساسي Times New Romans- calibri- Simplfied Arabic… وغيره من انواع الخط التي يتيحها الحاسوب، والتي يمكن تحميلها كذلك؛ وكذا اختيار مختلف التأثيرات والاطارات وحدود الصفحة والمحاذاة وحجم الخط والمسافة بين السطور عموديا وأفقيا… وغيرها من الخيارات؛ وكلها توثر على العدد المطلوب من الصفحات، وبالتالي عدد الاوراق وحبر الطبع. فهناك من يكتب نفس الحجم من الكلمات المحدد مثلا في: 13kbits على 500 صفحة أي ما يتطلب حزمة أوراق يصل ثمنها من 40 الى 80 درهما حسب جودة ونوع الورق. وما يتطلب ذلك من حبر؛ بعد تحديد الاختيارات التالية: بحجم خط اختيار تأثير 16 وبمسافة بين السطور تصل الى 1,5 وبحدود الصفحة في: 2/2 عموديا و 1,5 أفقيا. واختيار نوع الخط مثلا نوع Calibri.
وقد نجد شخصا آخر يكتب نفس الحجم المحدد في 13kbits مع تحديد خيارات: بحجم خط 14 وبمسافة بين السطور حددها في: 1,15 وبحدود الصفحة في: 1,91 عموديا و2,54 أفقيا، مكتوبة بنوع خط Times New Roman. في حدود 250 صفحة؛ أي نصف الحزمة من الورق؛ وهذا يعني تقلص التكلفة الى 40 درهما عوض 80 درهما.
هذا؛ دون احتساب عدد أوراق المسودة؛ التي يتم ضياعها بعد التصحيح وإعادة التصحيح من طرف المسؤول الذي يتوفر على كاتبة أو محاط ببطانة سوء غير كفؤة. والتي يمكن معالجتها هي الأخرى من خلال فرض تعلم التحرير من قبل شريحة الموظفين واعتمادهم على أنفسهم في الكتابة والرقانة.
وبالتالي اذا قمنا بعملية حسابية للترسانة المرصودة من الاموال والاعتمادات لفائدة لوازم المكتب من الورق والحبر؛ سنجدها تحسب بملايين الدراهم؛ مما يشكل عبئًا على ميزانية الدولة يذهب هباءً منثورًا.
______________________________________________
موقع المغربية المستقلة يتمنى لكم عيدا مباركا سعيدا، كما يدعو متتعيه للإلتزام واتباع التعليمات و التدابير الإحترازية التي اتخذتها السلطات طوال فترة الطوارئ الصحية حفاظا على سلامتكم و سلامة البلد ” بقاو في ديوركم