مولاي بوعزة الولي الأمازيغي الصالح

المغربية المستقلة : متابعة محمد بوفطيحي

تعتبر كتابات لوبنياك لدى الفرنسيين من أقدم ما كتب عن مولاي بوعزة ، وقد استعمل كمصادر له كتاب المعزى أو ترجمة صالح ، وهو مخطوط قديم تألف من حوالي 300 صفحة وكان يجامع مولاي بوعزة ، ثم الرواية الشفهية الواسعة الإنتشار ، فالولي الصالح من أصل امازيغي ولد بالأطلس في شرق مراكش ، لم يكن يتكلم العربية ولو انه عاش بين العرب وكانت وفاته سنة 1177 م ومتدت خياته حوالي 130 عام وهو معاصر لعبد المومن وكان راعيا ثم استقر في دمنات مدة 20 عام وسكن بعدها في دكالة وهناك كان مريدا لمولاي بوشعيب أزمور وألم بجميع اسرار التصوف ومارس الزهد واقتصر على الإقتيات بالعشب وبدقيق البلوط وارتدى حصير من الدوم وتعبد بشوق هام على الدوام بالله ، فصار صالحا وغادر أبي شعيب الذي سلمه أتانا وقال له : اذهب وابني زاويتك في المكان الذي سوف تتوقغ فيه هذه الدابة ، وبعد رحلة طويلة ، توقفت الآتان عند المكان المسمى مولاي بوعزة وهناك بنى الصالح زاويته وتكاثرت معجزاته وتحكم في الطبيعة وفي الحيوانات المتوحشة وكان يشفي المرضى وامتلك موهبة عجيبة من الحدس وكان يهرع إليه من جميع الجهات فحسده السلاطين واتهمه طلبة فاس بالتضليل ، وقد امتهنت قدراته امام الجميع بخوارق لا تناقش وكان رجلا فارع القامة ذو سحنة داكنة كأنه زنجي وكان غير ملتحي وأصلعا وكانت قسمات وجهه توحي بالهيبة والجلال ، وكان له من زوجته الأولى أم العز ولد هو سيدي علي اوبوعزة الذي جعلته العناية الإلهية يخلف أباه ويقوم بدوره في الخوارق .
وظلت شهرة مولاي بوعزة معتبرة، وكانت الزيارة إلى قبره بمثابة الحج إلى مكة وظل السكان يعتقدون أن رضى الولي الصالح على حجاج قبره أشبه بالشرب من بئر زم زم…..
وبعيدا عن الأساطير ، يبقى مولاي بوعزة صالحا كبيرا في عصره، ولم ينجز أبدا أيا من المعجزات التي نسبت إليه ، وكان السكان يكنون له احتراما عميقا ، فامتدت سمعته وسمعة مسجده بعيدا وصار مولاي بوعزة معروفا بين القبائل بفضل الإعتبار الذي أولاه إياه سلاطين المغرب وصار معروفا بين الأطلس والساحل ومن الدار البيضاء إلى فاس وقد أطلق إسمه على العديد من الأطفال بقبائل تادلا وزايان وزعير وحتى الشاوية ،وأتته الزيارة من كل مكان تقريبا رغم انعدام الأمن الذي عرقل تدفق الحجاج ، وظل زيان وبني عمار وزعير بمثابة إقطاع أو مشايعين له وأسسوا الدشر واعتبروا مولاي بوعزة سيدا لهم ، وفي كل ربيع تبعث كل قبيلة 200 إلى 300 من ذويها ليقدموا للزاوية قربانا أكباشا وثيرانا وبغالا جيدة وكسوة للقبر وشموعا وزيوتا للإضاءة ، ومع بناء الجامع من طرف مولاي اسماعيل ، ظهر من المراسلات القديمة الحاملة لخاتم السلطان بأن مدخول الزيارات كان يؤول إلى المخزن ، ومن المحتمل أن الإدارة في هذا العصر قد تحسنت ، لكن السلاطين اللاحقون لم تكن لديهم السلطة التي كانت لدى مولاي اسماعيل ، فعادت البلاد بسرعة إلى بلاد السيبة ، فعادت ادارة الولي إلى سكان الدشر الذين دخلوا في صراعات متواصلة حول مداخيل المسجد حتى جاء أحد قياد زايان فاستولى عليه.
ويمكن اعتبار مولاي بوعزة مع مولاي ادريس بفاس وسيدي بلعباس بمراكش وعبد القادر الجيلالي من بين أكبر صلحاء المغرب القدامى .

الولي مولاي بوعزة كان يجهل العربية بصفة كلية خصوصا وأن قبيلته كانت من أصول أمازيغية ، غير أنه بعيدا عن التشكك في وجود الولي من عدمه فإن زعامته الدينية صارت أمرا ثابتا وصنف بين أكبر تلك الزعامات القديمة في مجموع تادلا والأطلس وان لم نقل في مجموع المغرب .

Loading...