المغربية المستقلة بعين المكان … ازيلال بؤرة احتجاجات اجتماعية مطلبية وذاكرة سجالات سياسية …!!!

ازيلال :

تحقيق موفد المغربية المستقلة : ابراهيم مهدوب

هي واحدة من أكثر مناطق الاحتجاج بالمغرب حتى وإن لم يكن للاحتجاج عناوين سياسية بقدر ما يطالب بمد الطرقات وتحسين ظروف العيش.. وهي واحدة من أكثر المدن المغربية التي قدمت رجال ونساء المقاومة إبان الاستعمار الفرنسي..وهي كذلك من أكثر الأقاليم المغربية حفظا لتاريخ قديم..من عناوينه اكتشاف هيكل كامل لديناصور.. الأمر الذي لا يتكرر كثيرا حتى في أكثر مناطق العالم قدما وعتاقة.

أزيلال.. من عواصم الأطلس الكبير.. يدل على ذلك اسمها الذي يعني بالأمازيغية “أعلى المرتفع”.. مدينة بسيطة في شوارعها وأزقتها..يمكن أن يتجول فيها السائح ككل في مدة لا تتجاوز ثلاث ساعات..غير أن امتدادها الإقليم لا يجعلها أبدا بسيطة..ما دامت تضم عدة قرى وعدة منعرجات..تفضي بالزائر إلى عالم من عوالم المغرب العميق الذي يحتضن الكثير من المعالم الجمالية والمهملة بالمغرب.

تتباهى المدينة بأنها تُنافس الرباط في كثرة الاحتجاجات..فإن كانت العاصمة الإدارية تجتاحها في الغالب احتجاجات أطر متعلمة لا ترى عن التغيير السياسي بديلا..فالساكنة المحيطة بأزيلال التي تعاني من مسالك طُرقية غاية في الصعوبة يُغلَق العديد منها في فصل الشتاء..والتي تعاني كذلك من تدني الخدمات الأساسية..لا ترى أمامها إلا مدخل العمالة كساحة للاحتجاج الذي كثيرا ما يُخمَد..ليس بالضرورة بالمقاربة الأمنية..ولكن بوعود قد تتحقق وقد تتبخر.

“ستستمر هذه الاحتجاجات ما دامت الدولة لا تأخذ بعين الاعتبار خصوصية المناطق الجبلية” يشير زهير ماعزي، مسؤول بجمعية أزيلال للتنمية والبيئة والتواصل، الذي التقت به هسبريس في إحدى مقاهي المدينة القريبة من سوقها الرئيسي. خصوصية هذه المناطق تتجلى أساسا، كما عايننا، ذلك، في ساكنة كثير منها لا يتحدث بغير الأمازيغية، إلا أن تعيين أساتذة من مناطق بعيدة لا يفهمون الأمازيغية، يُوّلد شرخا كبيرا لدى التلميذ، وقد قدم ماعزي نتيجة مُرّة: “من قبيلة معينة، ورغم أن القسم الابتدائي كان مليئا بالتلاميذ، فواحد فقط منهم، هو من استطاع الوصول إلى الثانوي، لأن الآخرون لم يفهموا يوما ما كان الأستاذ يلقنه لهم.

سؤال الخصوصية الطرقية حملناه كثير لبعض المنتخَبين بالإقليم، حيث أجاب واحد منهم بأن الدولة تعمم تقريبا نفس الميزانية على غالبية أقاليم المغرب من أجل تشييد الطرق، إلا أنها تتناسى أن مد طريق في الجبل، يحتاج لأضعاف ميزانية مد طريق مُستوية، والنتيجة: أن أي طريق جبلية يتم مدها، تتآكل بسرعة، وغالبا ما تؤدي إلى حوادث خطيرة. ويحاول ماعزي في جمعيته أن يُنبه الدولة إلى ضرورة إعطاء الجبل حقه في التنمية: “طوّرنا مرافعة قانونية من أجل حق الجبل في التنمية، ولدينا قانون خاص بالجبل، ونطمح أن تصغي الدولة إلينا من أجل إيلاء الجبل مكانته التي يستحق”.

حاضر المدينة المليء بالاحتجاجات، قد يعود إلى ماضيها المُلتهب، ولو أن السياقات تختلف كثيرا بين مُطالب بالاستقلال أو تعديلات سياسية وبين مُطالب ببطاقة راميد. ففي هذه النقطة الأطلسية، برزت بقوة المقاومة المسلحة ضد الاستعمار الفرنسي ونشبت معارك ضارية بينه وبين القبائل المحلية استمرت زهاء 21 سنة من عام 1912 حتى 1933. كما برزت في ستينيات القرن الماضي، تنظيمات تابعة للاتحاد الوطني للقوات الشعبية، الحزب الذي دخل في مواجهات مباشرة مع القصر الملكي، كانت من أبرز عناوين سنوات الرصاص.

في اتصالنا مع محمد وغاض، رئيس بلدية أزيلال، أشار إلى أن الاحتجاجات التي تعرفها المدينة، تبقى صحية وعادية بالنظر إلى التهميش الكبير الذي عانه الإقليم لسنوات طويلة، إلا أن الدولة بدأت تفكر جديا في إنهاء هذه العزلة حسب قوله، ما دام هناك تدرج في مد دواوير وقرى الإقليم بالطرقات والخدمات الأساسية، إلا أن ساكنتها لا تدرك بمسألة التدرج، وما إن تلاحظ أن قرية ما استفادت مثلا من مستوصف، إلا وتطالب هي الأخرى بذلك، رغم أن المخططات المتعلقة بتنمية الإقليم، يستطرد وغاض، ستعطي لجميع الدواوير حقها، حتى ولو كانت الميزانية المخصصة لذلك، غير كافية نظرا لخصوصية المنطقة.

في هذه المدينة النظيفة، يشير بعض من التقينا بهم، إلى أنها مجرد “باساج”، فعوض أن تُعطى المكانة التي تستحق، تبقى ممراً لمن يريد المرور إلى قرى الجبل، الأمر الذي لم يُمكّنها مما تتمنى، بل على النقيض من ذلك، جعلها مجرد مكان احتجاجات تُريد منها أن تُغدِق عليها ببعض الإصلاحات في إقليم يعاني من غياب طريق تؤدي به إلى قلعة مكونة، رغم أن هذه الأخيرة تبقى أقرب إلى أزيلال من قُربها لمراكش، إلا أن لوبيات السياحة، كما يصفهم ماعزي، لا تريد حرمان المدينة الحمراء من السياح المارين إلى هذا الجزء الجميل من المغرب. وبالتالي، ضغطت في اتجاه عدم مد أي طريق نحوها ونحو هوليوود المغرب “وارزازات”، الأمر الذي زاد من محنة قرى أزيلال.

بعيدا عن الاحتجاجات القروية، يظهر في المدينة حراك سياسي من نوع آخر، أحزاب يسارية هي التي تحكمها، بينما في المعارضة الشعبية، توجد جماعة العدل والإحسان القوية بشكل واضح كما يؤكد ماعزي..مواجهة إديولوجية وسياسية تشترك في نقاط وتختلف في أخرى خاصة وأنه من بين الأحزاب الحاكمة، هناك من ضمت يدها مع جماعة ياسين إباّن 20 فبراير..إنها استمرارية لذاكرة المدينة..التي عرفت في السابق مواجهات سياسية بين حزب عبد الله إبراهيم وحزب المحجوبي إحرضان..في منطقة أطلسية تتعدد فيها الأحاديث..وتخترق كل الميادين..من السياسة إلى السياحة..ومن الفلاحة إلى الثقافة الشعبية

Loading...