المغربية المستقلة : إبراهيم بن مدان
أثار حكم قضائي صادر عن المحكمة الابتدائية بالناظور نقاشًا واسعًا في الأوساط الحقوقية والإعلامية، بعد إدانة رئيس جمعية موشي بنميمون للتراث اليهودي المغربي وثقافة السلام بغرامة مالية قدرها 5000 درهم، مع أربعة أشهر حبس موقوفة التنفيذ، على خلفية شكاية تتعلق بالتشهير.
وتعود وقائع القضية، حسب ما ورد في تصريحات رئيس الجمعية، إلى منشور كان قد نشره قبل أشهر على مواقع التواصل الاجتماعي، انتقد فيه ما اعتبره مظاهر للتطرف وخطاب الكراهية والتحريض، منسوبًا إلى بعض الصفحات والشخصيات التي تنشط في الفضاء الرقمي، والتي يرى أنها تروّج لخطاب يتعارض مع قيم التعايش والسلم.
وأوضح رئيس الجمعية أن المنشور موضوع المتابعة لم يتضمن، حسب قوله، معطيات مفبركة أو اتهامات بدون أساس، مشيرًا إلى أنه أدلى، خلال أطوار المحاكمة، بمحاضر معاينة منجزة من طرف مفوض قضائي، اعتبرها مؤيدة لما جاء في انتقاداته، دون أن يصدر في هذا الشأن حكم قضائي نهائي بخصوص المحتوى المنشور من الأطراف الأخرى المعنية.
وفي المقابل، قضت المحكمة ببراءة المشتكين من التهم الموجهة إليهم في إطار شكاية مضادة، وهو ما اعتبره رئيس الجمعية قرارًا يفتح نقاشًا مشروعًا حول حدود حرية التعبير، وحول كيفية التوفيق بين مكافحة خطاب الكراهية وحماية السمعة والحقوق الفردية.
ويرى متابعون للشأن الحقوقي أن هذه القضية تطرح إشكالًا أوسع يتعلق بانتشار محتويات متطرفة على بعض منصات التواصل الاجتماعي، وبالتحديات التي تواجهها الجمعيات المدنية العاملة في مجال نبذ التطرف وتعزيز ثقافة السلام، خاصة في ظل الجهود الرسمية التي يبذلها المغرب، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، في محاربة الإرهاب وخطاب الكراهية والتطرف الديني.
وجدير بالذكر أن جمعية موشي بنميمون للتراث اليهودي المغربي وثقافة السلام تنشط، حسب معطياتها، في تنظيم لقاءات وزيارات ثقافية لفائدة وفود يهودية ومسيحية ومسلمة، في إطار التعريف بالتعدد الثقافي والديني الذي يميز الهوية المغربية، وترسيخ قيم العيش المشترك.
وفي هذا السياق، أعلنت الجمعية عزمها مراسلة عدد من المؤسسات الوطنية والدولية المعنية بمحاربة التطرف وخطاب الكراهية، من أجل لفت الانتباه إلى ما تعتبره تضييقًا على الأصوات المدنية المدافعة عن ثقافة السلام، مع تأكيدها احترامها الكامل للمؤسسات القضائية وسلوكها المساطر القانونية المتاحة.
ويبقى هذا النقاش مفتوحًا أمام الرأي العام والفاعلين الحقوقيين، في أفق تحقيق التوازن بين حرية التعبير، وحماية الأفراد، وصون قيم التعايش التي شكلت على الدوام أحد ثوابت النموذج المغربي.
