المغربية المستقلة: حدو شعيب
رغم ان البيوت أصبحت المكان الأكثر أماناً للوقاية من انتشار فيروس كورونا المستجد، الا أنها لم تعد آمنة لبعض النساء و الاطفال بالنظر لتعرضهم للعنف بشكلٍ شبه يومي، بسبب ملازمة الزوج العصبي المنزل، وتدخّله في كل شؤونه بدءاً من التنظيف حتى الطهي، إلى الاعتناء بالأطفال، وغيرها من التفاصيل الصغيرة.
فقد تحول الحجر الصحي شيئاً فشيئاً إلى “مشهد مرعب” قضّ مضجع العديد من النساء وحول حياتهن إلى كابوس بعد أن لازم الرجال البيت منذ فُرض الحظر الصحي الشامل على البلاد. واصبحن عرضة للعنف الزوجي بشكلٍ متفاوت، واهانات بشكل يومي . فقد ادى العزل الصحي ومنع التجوال بسبب كورونا إلى تزايد حالات العنف في جميع دول العالم ومن ضمنها الدول العربية و منها المغرب ، حيث تشير الوقائع أيضا إلى ازدياد العنف ضد الأطفال ايضا.
فالحجر الصحي هو وضع جديد وغريب على العائلات، مما يعني أن بعض الأفراد وجدوا صعوبة في التعامل معه… وقد ساعد تواجد أفراد الأسرة على مساحة مغلقة ولفترات طويلة في توتر العلاقات العائلية، حيث أن التقارب المكاني الحالي بين أفراد الأسرة يؤدي إلى تماس مباشر بينهم، وهو ما قد يؤدي إلى ضغط نفسي، تحول في بعض الاحيان إلى عنف جسدي ضد المرأة والاطفال.
و في المغرب كشفت دورية صادرة عن رئاسة النيابة العامة تسجيل ما مجموعه 892 شكاية تتعلق بمختلف أنواع العنف ضد النساء، سواء الجسدي منه أو الجنسي أو الاقتصادي والنفسي، وذلك خلال الفترة الممتدة ما بين 20 مارس و20 أبريل 2020، في وقت تـم تحريك الدعوى العمومية في 148 قضية فقط.
ويشير تقرير الأمم المتحدة إلى تسجيل زيادة كبيرة في الشكاوى من العنف الأسري وطلب الحماية، خلال فترة الحجر الصحي ، في كندا وألمانيا وبريطانيا والولايات المتحدة.
ففي فرنسا، بلغت نسبة الزيادة في العنف الأسرى، منذ بدء إجراءات الإغلاق في 17 مارس، 30 في المئة.
أما في الأرجنتين، فقد بلغت الزيادة في شكاوى العنف المنزلي منذ بدء إجراءات الإغلاق في 20 مارس، حوالي 25 في المئة.
ويمكن إرجاع أسباب ارتفاع معدّلات العنف خلال الحجر الصحي، للوضع العام المتأزم، والظروف الاستثنائية التي اصبح يعيشها الناس و التي فاقمت ظاهرة العنف، وخلقت لدى البعض شحنةً عنيفةً مكبوتةً قادرةً على الانفجار في أي لحظةٍ، خاصّة في غياب الدعم النفسي و الاجتماعي. فكثرة الممنوعات التي أقرتها السلطات كعدم مغادرة المنزل إلا للضرورة، وإغلاق المقاهي، وعدم التنقل، حدّت من الحريات الطبيعية التي كان المغاربة يتمتعون بها، إلى جانب الفوبيا وحالة الخوف التي سيطرت على المجتمع من خطر الاصابة بفيروس كورونا , فضلا عن فقدان أغلب المواطنين فرص الشغل الشئ الذي ادخلهم في دوّامة من الصراع الذاتي والضغط النفسي، تُرجمت في ردودٍ انفعالية عنيفة.
فقد حول الحجر الصحي جل المنازل إلى سجون دون مدرسة وقاعة للألعاب وممارسة الهوايات، فلا غرابة أن يتحول أفراد الأسرة الواحدة في مثل هذه الظروف إلى خصوم لديهم قابلية ممارسة العنف بأنواعه وأشكاله، فرب الأسرة يغلب عليه التوتر العصبي بسبب خوفه من المرض وخوفه من شبح الموت الذي أصبح جاثما على صدر الجميع يلوح بيديه محذرا ومهددا، فضلا عن التوقف عن الحياة وتأجيل المواعيد والمشاريع والخطط وكذا الطموحات إلى أجل غير مسمى مما يثير حالة من القلق والاضطراب النفسي فيتولد عنه عنف تجاه الزوجة والأولاد كذلك.
كما ان ارتفاع عدد المُعنفات أثناء الحجر الصحي لا يمثل حقاً النسب الحقيقية للإحصائيات، لأنّ الخوف من الشكوى أو من نظرة المجتمع لضحية العنف يحول دون الإبلاغ، وتبقى بذلك بعض النساء رهينة لنزوات رجل البيت وحالته النفسية.