تنغير :
المغربية المستقلة :رشيد گداح
أصبحت البطالة ذاك الشبح الذي يرعب الشباب الحالمين بمستقبل زاهر في وطن أضحت فيه الحقوق مجرد أحلام؛ أحلام وردية سرعان ما تتحطم على صخرة الواقع، ليتحول لونها الوردي الفاتح إلى لون رمادي قاتم كقتامة الواقع الاجتماعي والاقتصادي بإقليم تنغير، هذا الواقع الذي جاء كإفراز موضوعي للسياسات الإقصاء والتهميش المعتمدة منذ عقود. هذا الإقليم الغني بثرواته المعدنية (الفضة، الكوبالت، المنغنيز، الزنك…)، والفقير اجتماعيا وتنمويا والمتخلف اقتصاديا لم يحظ بعد بأية أهمية من طرف الدولة والحكومات المتعاقبة على تسيير شؤون وطننا الجريح رغم كل الشعارات الرنانة التي تردد هنا وهناك.
إن هذا الإقليم ظل إلى وقت قريب مجرد خزان انتخابي تلجأ إليه الأحزاب الرجعية موظفة خطابها الديماغوجي العقيم في حصد أصوات الفقراء والكادحين، والمتاجرة بمعاناتهم التي تزداد حدتها يوما بعد يوم بسبب الفساد المستشري في جميع القطاعات العمومية (الصحة، التعليم، التشغيل…)، وتخلي الدولة عن التزاماتها الأخلاقية والقانونية اتجاه المواطن المقهور، بعد أن تنازلت عن كل صلاحياتها لصالح لوبيات فاسدة تكن كل الحقد والكراهية للشعب المغربي؛ هذا الفساد الذي ينخر خيرات إقليم تنغير بلا حسيب ولا رقيب، بل أطلق العنان لكبار المفسدين من الإقطاعيين والبرجوازيين ليعثوا في الأرض مزيدا من الفساد والخراب عن طريق نهب الثروات الطبيعية، وتدمير ما تبقى من مقومات الحياة من أجل تسريع من وثيرة الهجرة، وإفراغ المنطقة من سكانها.
وتبقى شريحة المعطلين الأكثر تضررا جراء هذه السياسات الطبقية، بفعل غياب المشاريع التنموية والاقتصادية، التي من شأنها تشغيل الشباب حاملي الشهادات العليا، وتخفيف عنهم وطأة الفقر والبؤس والهشاشة وتحسين من وضعيتهم الاجتماعية والمعيشية خصوصا أن أغلب معطلي إقليم تنغير يتحدرون من أسر عسيرة الحال ترزح تحت خط الفقر المدقع، بالإضافة إلى الخروقات الكبيرة التي تعتري عملية التشغيل بالإقليم، إذ إن منطق الزبونية والمحسوبية والمحزوبية، لا زال يتحكم في عمليات التوظيف سواء تعلق الأمر بمباريات ولوج مراكز تكوين الأساتذة أو الجماعات المحلية أو الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات (ANAPEC).
وأمام هذا الوضع البئيس والكارثي وانسداد الأفق، اضطر معطلو “التنسيقية الميدانية للمعطلين وحاملي الشهادات بإقليم تنغير” إلى خوض معركة نضالية تحت شعار “الموت ولا المذلة”، بعد أن صدت في وجوههم كل الأبواب، لا سيما بعد مراسلة تلو والأخرى للجهات المعنية بالتشغيل وعلى رأسها “عمالة تنغير”، بغية إيجاد حلول واقعية ومعقولة لأزمة البطالة على الصعيدين المحلي والإقليمي، إلا أن سياسة الآذان الصماء التي نهجها مسؤولو العمالة في حق المعطلين حالت دون إيجاد حل ممكن لازمة العطالة مما زاد من تفاقم الوضع الاجتماعي للمعطلين وأسرهم.
وبعد فشل كل المحاولات الرامية لفتح حوار بناء ومسؤول مع السلطات (الوصية والمنتخبة )، جسد المعطلون المنضوون تحت لواء التنسيقية الميدانية اعتصاما إنذاريا أمام عمالة إقليم تنغير صباح هذا اليوم، وقد تخللته وقفة احتجاجية رفعت من خلالها شعارات قوية تطالب بالشغل والعيش اللائق والكريم، ورفع الإقصاء والتهميش عن المنطقة متواعدين بمزيد من التصعيد في حالة تم تجاهل ملفهم المطلبي من طرف الجهات المختصة.
السابق بوست
- تعليقات فيسبوك
- تعليقات