المغربية المستقلة :
كتاب الرأي – سهام بلخيري
“انا والمجتمع ”
أتملك الحاوية، و أجلس في زاوية المنطق، أحاول أن لا أترك منعطف يغيب عن ناظري، أحاول أن لا أجعل سرا يمر إلا و يمر تحت أنفي لأستنشق رائحته، أحبذ كثيراً إستنشاق دواخل الإنسان و حشر نفسي في أعماق المجتمع، في إيديولوجياته، ثقافته، بيولوجيته، و تفكيره، و لا يوجد فرد إلا و أتخيل نفسي مكانه، و يتراوح ذلك السؤال الروحاني الممل نوعا ما.. ماذا لو كنت مكان ذلك الشخص؟ ماذا لو إمتلكت حياته اليومية و معتقداته التحررية؟.. و أحاول معرفة المكان الذي يأخدني إليه هذا السؤال، فمثلا لو تطرقت في أسباب طرحي هذا التساؤل لربما كان الجواب النسبي أو الأقرب إلى اليقين هو مللت كوني أنا، مللت كينونتي، مللت إعتقاداتي، مللت طريقة إمضائي لليوم، و مللت خجلي.. الفرد ليس سوى نجلا لمخلفات المجتمع، كلنا نتملك أفكارا يغللنا بها المجتمع، و حتى أنا لست مستبعد عن هذه النظرية.. الجميع يمضي، و أنا أمضي.. نحاول الوصول إلى مصالحنا الشخصية و هذه المصالح لن تؤدي بالضرورة إلى مصالح المجتمع، أحلامنا تهوى التملق، و جلها تجتاز على زاوية الغاية، تلك الغاية التي هي غايتنا، غاية الفرد عينه، تجد المجتمع يمضي يومه في النميمة، الغيبة، الكذب، كثُر الهمزة و اللمزة.. و التغير أصبح موضة جديدة و حتى لو إسطلحنا ذلك التغيير و الإختلاف كما يجزمون لوجدنا أنه التخلف.. و لو تغلغلت في العمق و حاولت معرفة الحقائق ستجدني أجول لأجلب أشخاص المجتمع و شخصياته، بل حتى أنا خال من البراءة.
أمشي، تتطاير شظايا أخطائي، الأخطاء التي ليس من المجدور أن تكون أخطائي، ذلك النوع من الأخطاء التي حملتها مشعلا من العائلة..
غائب عن الإدراك، أتمايل في سراط الحقيقة، أتغطرس في إتباع الهوى رغم إدراكي أنه سيجرني للجحيم، أعفو حتى دون طلب ذلك و أعلم أن العفو مؤلم، أزحف و سبيلي مكتظ أشواك، أشواك العائلة، الأصدقاء، الشقاء، الألم..
أترنح، و يأخدني الترنح إلى قاعي معتم، أجدني واقفا هناك في الظلام الدامس المأبد، أحمل معي حقائب بؤسي و معاناتي، يعدبني ضميري، تلومني طفولتي لأنني إستغللتها في التعاسة..
أخاف، أخاف النهايات، أخاف تخيل المستقبل، أخافه، أخافه أن يسيطر على خطاي، أخاف أن يستبدلني و يصبح الظل المقاد و هو الجسد المتحكم و كل هذا إن كان هناك ضوء، أخاف أن يقودني إلى ما لست أعلم، أخاف أن يحجزني و يقيدني بأغلال اللارحمة، لست أعرف حتى هدفه مني، إنه لا يدلي حتى بحقائقه الكاملة، فقط يقودني و يترك الإستنتاج لي، فماذا لو كان إستنتاجي خاطئ؟
مللت، تعبت من الكتابة دون ضوء خافت ينير لي السبيل، مللت الكتابة دون مستقبل، مللت شوقي لرؤية تلك السطور التي تتربع على صفحات خذلان الأمل، مللت إنتظار ، مللت نبوش ذاكرتي و خدوش عقلي فالسكون يمضي في مقابلة تلك الصفحة البيضاء، مللت الملل حتى!
لا أعلم.. هل أستحق السحق، أن أسحق كنملة تجلب ما وجدت للفطور، أم أن أكنس من ضروب المجتمع، لقد ظهرت لي أنه علي أن أدفع كموجة بحر تحوم في المحيطات، لا عليك، لا تلعنني مجدداً، فحتى أنا صرت أكره ما يحيط بي.. فقط نادي للكرة الأرضية بصوتك الخشن و قل لها أن تتوقف في المحطة الأقرب و لتتركني أنزل في الغيام لعلي أصنع خيلان من الرماد أو أسكن.
السابق بوست
- تعليقات فيسبوك
- تعليقات