المغربية المستقلة : بقلم ذ : مصطفى حناوي
*** الجزء الأول
_______________
الكل يحب
الحكايات واقعية كانت أم خيالية وكل واحد منا يستخلص منها ما يحب، تشويقا أو عبرة …
لكن النجباء يأخذون منها نماذج للإقتداء ودروسا لتصحيح مسارات حياتهم ولوضع أهداف تستجيب لطموحاتهم عن طريق الإلهام.
صادفت هذه الأيام مقالة كتبت في شأن قيصر الزمان رئيس روسيا فلاديمير بوتين في طياتها قصة واقعية ترتبط بعصرنا وتلقي بظلالها على الحاضر وتشارك بقوة في رسم ملامح المستقبل القريب .
نعم ! العالم يرتج ونكاد لا نحس ذبذباته وصفيح الأحداث يسخن رويدا ، رويدا تحت اقدامنا لكن هامش استشعار أغلبيتنا لا يحس بعد بصيرورة الأحداث حيث يضيعون بين المتفرقات والأحداث التي تبدو غير مرتبطة بعضها ببعض ، غير أنها في الحقيقة عقد مشتتة في شبكة لم تتضح معالمها بعد…
نحن أيها السادة نشهد على عصر ، ربما هو الأخير لدورة الحياة على هذا الكوكب… الشواهد كلها تنصب في هذا الاتجاه ، فلطالما كان حدسي كصحفي وكرجل خبر الحياة بمختلف تقلباتها مصيبا لكن الآذان تأبى الإنصات لصوت الحق والحرية فتبقى الإنسانية تسبح في فوضى وفي غفلة تحت غطاء الزيف والباطل الذي يخفي شمس الحقيقة التي تحفها غيوم الشر وأعداء الفطرة السليمة ومفهوم العائلة والسلم والحرية الحقيقية .
قبل سنين معدودة كان الشيطان يسير خلسة بمخططاته الغادرة وكانت عناكبه تنسج شبكاتها هنا وهناك تحت شعار الحرية والديمقراطية المزيفتين في غفلة من العقلاء وبتوظيف للأموال الوسخة وبمن باعوا أنفسهم للدجال مقابل الثروة أو موقع سلطوي أو متاع من متع الدنيا السافلة…
لكن كيد السماء أبى إلا وأن ينقشع فجأة نجم القيصر الذي حرك الأحصنة ليطوق حركة العبيد والفيلة وقلاع الشيطان تماما كما يفعل مع من يلاعب على رقعة الشطرنج بمهارة فرأيته يناور ويحاور بين آسيا واوروبا وإفريقيا وبينهما البحار والمحيطات…
لقد أعلن القيصر عن عقيدة قوية واضحة ومقدامة زعزعت عروش الأعداء في وقت ظنوا انهم اقتربوا من بلوغ غايتهم وهي تنصيب الشيطان ملكا على العالم بنظام جدير يأسر للأبد الإنسان ويئد الفطرة والسلام حيث يكون الظلم والاستعباد والفاحشة والتهجين شعارا وراية سوداء ترفرف في كل البقاع.
هكذا أجدني، وكل العقلاء ، ملزمين بتقديم الشكر للقيصر ومن يدعمونه لأنهم قدموا لنا أكبر هدية بالإبقاء على الأمل في حياة كريمة سليمة ملؤها الحب والأمان…
تلك العقيدة التي أعلنها القيصر لم تأتي من فراغ، فهي نتاج عمل مشترك مع الرفاق ورحيق ما راكمته التجارب والسنين وحمله مشاعل فكر تقدمي مستنير ممن قاوموا قبله الطاغوت وكان نموذجه الأول والده البحار السابق تحت ألوية الإتحاد ال.سو.فيات.ي الذي حسب العدو أنه أجهز عليه وأنهاه عن بكرة أبيه… إلا أن طائر الرخ كان له رأي آخر حيث أبى إلا أن ينبعث بذلك الفكر الثائر ( كما كتبت منذ سنوات قبل اندلاع حرب 2022) من رماد ظن الأغبياء أنه بات قبرا للمارد الذي قض مضاجعهم لعقود طويلة وهدد مخططات الشيطان.
لقد قالها صراحة بأن حربه والرفاق هي ضد من يبتغون هلاك الإنسانية وحتى الحيوان والجماد. حقا ط! لقد نصب نفسه مدافعا بامتياز عن الفطرة والقلب السليم وهما أساس البقاء والتناغم بيننا وبيننا وبين محيطنا ( الطبيعة ) .
القيصر وقد تعدى الثمانين من العمر، يبدو شامخا وكأنه ما يزال في الخمسينات كله حيوية وحزم وفطنة… هو مثال للعقل السليم في الجسد السليم في حين أنك ترى قائد أعدائه وهو قرين له في السن تبدو عليه معالم الخرف بل هناك من يدعي بأنه مجرد روبوت تم إنشاؤه في المنطقة ٥١ حيث تم ترقيع مجسم يتحكم فيه عن بعد مما يمثل الجبن والدجل والخوف من المواجهة…. تبقى الفكرة قابلة للضحض الا ان المعنى ثابث والفرق جلي بين مناصر الأمل بالحق والشجاعة وعبد الشيطان الذي أغوى بالمال والوسوسة ضعاف القلوب ومشوهي العقل والخلقة .
جينات الوالد المتطوع دون تردد للدفاع في صفوف الجيش ورثها القيصر وطورتها الفطرة لديه… لم يهتم والده لأبنائه لدرجة ان منهم من نقل للعيش في دار الأيتام قيد حياة الأب !!! كان الأب ثاقب النظر وبعيد الرؤية. كان يعلم بأن دفاعه عن العقيدة السليمة ولو بحياته هو الحل الوحيد لكي تنشأ عائلته في بيئة سليمة لائقة: نكون كما يجب أو لا نكون….
زهرة الحياة تكرر سنة الوالد من خلال إبنه القيصر! لقد أسس هذا الأخير فكرة القبضة الساقطة ومفادها: إن أنت رميتني فسأرمي العالم كله ! كانت هذه العقدة التي جعلت الشياطين ترتعد وتفقد السيطرة !!!…..
كان الى زمن غير بعيد يعيث الطاغوت فسادا كما يشاء… هنا وهناك ويطمح في أن يزيد… حتى رأيت النيجر تطرد القائد المعكرونة وقواعد الإفرنجة ورئيسهم المخنث في ذهول تماما كما بدا أمره عندما استقبله كلب القيصر ب موسكو و دمية جيرمانيا الشمطاء العجوز .
لقد قدمت عائلة القيصر الكثير كما عانت وخسرت أكثر لكنها ظلت متماسكة بالقيم النبيلة حتى في تعاملها مع الجنود الأعداء باعتبارهم مجرد ضحايا الإستعباد وفقدانهم للإختيار لأن المحارب لا يملك دائما حرية الرأي واتباع الحق متى كان تحت الجبر وظلم الطاغوت تماما كما يفنى كل يوم المئات من الأوكران في ساحة القتال تحت إمرة معتوه صنعته الكاميرات وميديا التفاهة كما يصنع القادة الصوريون من جنس الرجس والخنوثة.
ما يحدث هذه الايام والسنوات هو اندحار للقيم وعلو للجبر والظلم فلا بد وان يؤتي نتائجه الخطيرة على النشإ والعمارة متى لم تنخرط السواعد والمعاول في مشروع البناء في انسجام مع الطبيعة ومتى لم تأتلف القلوب حول رجل ملهم مثل القيصر و أمثاله .
مرة أخرى: شكرا لك يا قيصر.
يتبع………