كتاب الرأي : “القدوة “

أكادير :
المغربية المستقلة : بقلم سدي علي ماءالعينين
هل يمكن القول بشكل جازم أن الآفة الكبرى التي يعيشها جيل اليوم هو غياب القدوة ؟
تعج حياتنا بشخوص من مختلف المجالات و على شتى الواجهات ؛ومسؤولون من مختلف المستويات ؛و فنانون ومغنون و رجال دين و كتاب و شعراء وصحفيون ورياضيون ….الى غير ذلك من الشخوص .
فهل يجد شباب اليوم وسط كل هؤلاء نموذجا يقتدى به ؟نموذج يعكس تطلعاته و نوع القيم الذي يحلم بها؛و مسار الحياة الحافل بالنجاحات الذي يمكن ان يسير على منواله؛
نحن من كنا نتباهى بصورنا الى جانب القيادات و الزعماء و الفنانين في تسعينيات القرن الماضي وعوضناهم اليوم بصور الأبناء و اغرقنا بها هذا العالم الإفتراضي ؛
ترى لو طلب منا ان نلتقط صورا مع زعماء و قادة وفناني اليوم ؛هل سنجد إسما يحمسنا لإلتقاط صورة معه عربون إعجاب ؟
وهل يجد الأبناء اليوم من شخوص مغرب اليوم من يحلمون ان يلتقطوا الى جانبهم صورا او يضعوها في غرفهم كما كنا نفعل زماننا؟
و حتى مستوى الإهتمام الذي يعكس هذه القدوة يبدو مبهما ؛فجيل بكامله مولع بالهواتف والحواسيب دون علم منا بما يشدهم لهذه الآلات ولا نوع المعرفة التي يتلقونها منها !!
في أحيان كثيرة تبدو لنا إهتمامات هذا الجيل (تافهة) بحكم القيمة التي نصدره عليها و كاننا نريدهم ان يحبوا ام كلثوم و مارسيل خليفة و يولعوا بأفلام عادل إمام و يطالعوا روايات إحسان عبد القدوس و اجاتاكريستي ؛؛؛
لا نحاول ان نفهم ما يعجبهم فيما يحبون اليوم وما يثير إهتمامهم و ما يمكن ان يعتبروه قدوة .
غالبية الآباء يشتكون كيف ان الأولاد لا يترددون في عتابهم انهم لم يحصلوا ما يكفي من المال لتغطية حاجياتهم وان لغة هذا العصر هي ربح المال .
و بالقدر الذي قد يجد هذا الجيل قدوته في شخوص بعيدة عنه عبر العالم فإنه لا يتردد في وصف كل محيطه و كل رجالات مجتمعه بأنهم فاسدون او مصلحيون او انهم منشغلون بحياتهم وغير آبهين بتطلعات و إنشغالات هذا الجيل.
فهل يمكن القول اننا و الأجيال التي سبقتنا والتي لا تزال فاعلة في مختلف حقول الحياة عجزت عن تقديم نفسها كنموذج يقتدى به لهذا الجيل ؛كما اننا عجزنا في ايصال تجربتنا و استثمارها في هذا الجيل ؛
عجزنا عن توظيف هذا الكم الهائل من ادوات الإتصال للترويج لقيمنا وسط هذا الجيل
لم نفلح في فتح حوار متكافئ بيننا وبين هذا الجيل ؛لم نحسن الإستماع إليه ؛ولم نستطع مواكبة إيقاع حياته وفهمها بالقدر الكافي ؛لم نبدل مايكفي من الجهد لنكون قريبين منه ومن نبضه؛
نحتاج اليوم ان لا نتعامل بتعالي مع هذا الجيل ؛و أن لا نبقى سجيني نظرتنا إليه كانه هو الخطأ ونحن الصواب ؛
يكفي فقط ان ننجح في ان نقدم انفسنا كقدوة في سلوكنا و في قيمنا و في طريقة تدبيرنا للحوار مع اولادنا وتلامذتنا و رواد جمعياتنا و احزابنا…
بعد سنين مهما طالت سنغادر ولا يكفي ان نترك كتبا لا تقرأ ولا ان نترك منازلا مشيدة ؛ولا ارصدة بنكية ؛
نريد ان لا نغادر بل ان نبقى في ذهنيتهم و في ذاكرتهم و في شخصيتهم ؛لاننا بذلك نرسم ذلك الخط المتصل بين الأجيال و الذي علينا ان نبدل مجهودا ان لا ينقطع .
المصاحبة اهم من الوصاية ….

Loading...