الملك محمد السادس ومبادراته وخطبه مرجعيات وأدبيات بالمملكة المغربية منذ خطاب أجدير التاريخي لسنة 2001 : 25 سنة من الحفاظ على اللغة والهوية الأمازيغية تستأثر بالعناية الملكية

المغربية المستقلة :

25سنة من الحفاظ على اللغة والهوية الأمازيغية تستأثر بالعناية الملكية لا يفارق اسم الملك محمد السادس ومبادراته وخطبه مرجعيات وأدبيات اشتغال الفعل الأمازيغي بالمغرب منذ خطاب أجدير التاريخي لسنة 2001، حيث تعتبر الديناميات المدنية أو حتى السياسية التي تشتغل في مجال الحقوق اللغوية والثقافية والهوية أن “العاهل المغربي، خلال ربع قرن التي تقلد فيها الحكم، كانت بمثابة تصحيح لمسار التعاطي مع ‘تمازيغت’، لاسيما من خلال انتزاع هذا الملف من التجاذبات الإيديولوجية والعرقية وجعل اللغة الأمازيغية ملكا لكل المغاربة”.

مناسبة الذكرى الـ25 لتربع محمد السادس على العرش، نفتح هذا الملف للوقوف على “تدبير ملكي حائز على مشروعية كبيرة داخل الخطاب الأمازيغي”. وليس منا من لم يسمع “إنهم يعارضون الإرادة الملكية”، التي ظلت عبارة مفتاحية وأساسية ضمن مداخلات “إيمازيغن” في عديد من المناسبات، ليحرجوا الفاعل العمومي الذي يبدو إليهم “مقصرا” في تأهيل حقيقي لتوصيات عاهل البلاد. كما ليس غريبا أن نسمع النشطاء يستحضرون خطاب الملك حين أعلن “تصحيحا تاريخيا” للمسار الذي اتخذته أرض المغرب داخل السياق الحضاري، حين تحدث في خطاب ذكرى ثورة الملك والشعب (2021) عن “التاريخ الأمازيغي الطويل” للبلاد.
وبما أن توسيع اشتغال الملف كان يتطلب رؤى كثيرة تتقاطع في هذا المسألة لتكون النظرة شبه شمولية في ما يتصل بعلاقة الملك العلوي بالأمازيغية، فقد حاولت هسبريس التواصل مع رئيس الحكومة؛ غير أن “التزاماته خارج البلد لم تسمح”، فجرى التواصل مع ديوان مصطفى بايتاس، الناطق الرسمي باسم الحكومة، مرتين، ولكن بلا رد؛ كما تم الاتصال مرارا بأحمد بوكوس، عميد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، وبلا جواب وهو الأمر نفسه مع الأمين العام للمعهد الحسين مجاهد، باعتبار المعهد هو الوصي دستوريا على الموضوع.

*** تصورات تاريخية

تبدأ بالاستماع إلى وجهة نظر المؤرخ، لأن “التأسيس التاريخي” يظل مرجعيا. وهنا، أوضح لنا مصطفى القادري، أستاذ تاريخ المغرب المعاصر بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن الإدارة الملكية لملف “تمازيغت” بدأت مع خطاب أجدير الذي يعد قفزة كبيرة في تاريخ المغرب المعاصر؛ لأن الملك محمدا السادس دشن العهد الجديد بهذا الملف للقطع مع التصور الأحادي للثقافة المغربية، خصوصا أنه استدعى جميع النخب والفعاليات السياسية والحزبية والنقابية والإدارية للحضور في مكان رمزي كان قد خطب فيه الملك محمد الخامس سنة 1956 واجتمعت عليه قبائل الريف والأطلس المتوسط والجنوب الشرقي.
واعتبر القادري، ضمن تصريحه للصحافه أن هذا يمثل تصورا جديدا من أجل ربط الماضي بالحاضر؛ وبالتالي التذكير بأن هناك مجموعة من الأفكار المغلوطة المرتبطة بـ”تمازيغت” و”إيمازيغن” الذين يعتبرون العمود الفقري لهذه البلاد وتاريخها وحضارتها.
وأضاف الأستاذ المتخصص في التاريخ المعاصر أن دستور 2011 كان أيضا خطوة ملكية “جبارة” لرد الاعتبار أيضا على المستوى المؤسساتي؛ وبالتالي تصبح الأمازيغية لغة رسمية رغم المناورة والمناورات والمناوشات والمعارضات التي “لا محل لها من الإعراب، نظرا لأنها فقط ما زالت تؤمن بالفكر الاستعماري”، بتعبيره.
وتطرق المؤرخ في هذا السياق لنقطة “العقليات والذهنيات التي تسيطر على البعض، خصوصا من الدارسين الذين يعتبرون الأمازيغية كأنها لا تمثل أي شيء؛ فقط لأنهم يتبنون الفكر الاستعماري الذي خلق لنا ماضيا عبارة عن بدعة تاريخية لا أساس لها في الواقع التاريخي بتاتا”، مسجلا أن “السياسة الاستعمارية كما هو معروف خلقت الثنائيات، وجعلت النخب التي درست في الفترة الاستعمارية وما بعدها تؤمن بمفهوم الثنائيات وتروج له، حتى أنها كانت تظن أن هذه المفاهيم جزء من تاريخ المغرب؛ وهذا من الأخطاء الشائعة”.
وأوضح أن ما يقوم به الملك هو تصحيح تاريخي، مستدركا أن “المشكل اليوم يظل مرتبطا بالمناوئين من جهة والمستغلين أيضا من جهة أخرى، والذين يقتاتون من الأمازيغية دون أن تعرف الطريق الصحيح؛ لأن مسألة السياسات العمومية ما زالت تطرح نفسها بحدة، خصوصا بالنسبة لمن درسوا الأمازيغية في الجامعة ولم يجدوا مواقع في سوق الشغل”.
وزاد: “مثلا نلاحظ في بعض الحالات أن هناك من يدرس الأمازيغية ولم يدرسها يوما ما، ومن درس الأمازيغية لم يقبل في التدريس، وهذه من المفارقات الغريبة والعجيبة، فضلا عن الخصاص الذي تعرفه مسألة التعميم حتى تتمكن الإدارة من التواصل مع السكان الناطقين بالأمازيغية في جميع المجالات بدون استثناء”.
وتابع القادري قائلا: “إن التصور الملكي كان متقدما جدا؛ ولكن إن كان التعليم هو أساس تكوين المختصين في اللغة، فإن لغة التواصل في الإدارات والمؤسسات تظل مسألة أساسية؛ لأن الموظفين ل ابد أن يتواصلوا بلغة السكان وليس بلغات يجهلونها”، موضحا أن “الترجمة لا تحل المشكل بحكم أنها نظريا مخصصة للأجانب”؛ خالصا في النهاية إلى أن “رمزية الاعتراف في عهد محمد السادس بالأمازيغية تبقى من الخطوات المحورية في تحقيق المصالحة والإنصاف مع التاريخ ومع الحضارة ومع السكان من أجل مستقبل هذه البلاد”.

*** رعاية ملكية

آمنة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، اعتبرت أن إجراء نظرة خاطفة على فترة حكم الملك محمد السادس بمنجزاتها وتحدياتها، فإنه “تتبين معالم بارزة لاختيارات مسار طوعي لترسيخ حقوق الإنسان، بمجتمع يعتز بتنوع ثقافته وغنى روافد هويته، يتملك ماضيه ويتسلح به وبتعدده لاستشراف مستقبله”، مضيفة أن “تملك ثقافتنا ولغتنا الأمازيغية والاعتزاز بهما وبمكانتهما لم يكن بعيدا أو منعزلا عن هذا المسار، بل كان واحدا من أبرز محطاتها… وإن لم تكن اللغة والثقافة الأمازيغية، حين انطلاق الألفية الثالثة، وافدا جديدا أو بعيدا عن التداول العمومي الوطني”.

وأوضحت بوعياش، في تصريح للصحافة بهذه المناسبة، أن “استعمال هذه اللغة في كل مناطق المغرب ضارب في القدم، شأنه في ذلك شأن الاحتفاء بثقافتها وطنيا وإقليميا”، مفصلة في مميزات هذا المسار الجديد، المتواصل طيلة عقدين ونيف، ومنه اكتساب الأمازيغية لطابع مؤسساتي بارز، في الدولة والمجتمع، عبر مراحل ومحطات خمس رئيسية، متعاقبة يبني بعضها على بعض”.
وزادت: “تتجلى أولى هذه المحطات في جعل الأمازيغية في صلب القرار السياسي، من أولويات المسار، حيث يعتبر الخطاب الملكي بأجدير في 17 أكتوبر 2001، نقطة تحول مهمة في مسيرة مأسسة الأمازيغية، لغة وثقافة، باعتبارها مكونا أساسيا للهوية المغربية”.
وشددت على أن “مبادرات عديدة لاحقة ارتكزت على هذه المحطة لتعزيز مكانة الأمازيغية في المجتمع المغربي، فضلا عن إحداث مؤسسة تعنى بتطوير هذه الجوانب، هي المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية”، منتقلة إلى “المرحلة الثانية في هذا المسار، التي تجلت في تطور دينامية البحث الأكاديمي والتاريخي والاجتماعي، الذي أماط اللثام عن الاعتبارات الثقافية والاجتماعية، ومكننا من الانتقال من الأمازيغية كلغة وطنية إلى الأمازيغية كلغة فكر وتلقين وتداول وتأليف، تكتب بحروف تيفناغ، لتصبح لغة مدرجة في منظومة تعليمنا الوطنية سنة 2003”.
وأما المحطة الثالثة فهي، حسب بوعياش، “محطة الإقرار الدستوري سنة 2011، الذي جعل من الأمازيغية لغة رسمية للدولة والمجتمع، إلى جانب اللغة العربية، باعتبارها جزءا لا يتجزأ من الهوية الوطنية متعددة الروافد ومن التنوع الثقافي”، مسجلة أن هذه المحطة “كرست المشترك الجامع بين مختلف مكونات المجتمع، في بلد يطمح إلى جعل الاعتزاز بالانتماء والتعايش بين مختلف ثقافاته الوطنية عملة وطنية لا تنتهي صلاحيتها بمكان أو زمان”. وزادت: “أكدت هذه المحطة بالذات، بعد استفتاء شعبي شامل، التزام المغرب الثابت بتعزيز تعدديته الثقافية وتطوير لغته الأمازيغية واستخدامها في مختلف مناحي الحياة العامة”.
وانتقت المتحدثة إلى “محطة التفعيل التشريعي، بإصدار قانون يحدد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات إدماجها في الحياة العامة والمجالات ذات الأولوية، من أجل تعزيز استعمالها في التعليم والصحة والعدالة والثقافة والإعلام”، مضيفة أنه “لا شك في أن من شأن استخدام اللغة الأمازيغية في مجالات الاستعمال اليومي ذات أولوية سيمكن لا محالة من تسريع وتيرة التفعيل الرسمي والفعلي وضمان فعلية تمتع المغاربة بحقوقهم اللغوية والثقافية كاملة”.
وتطرقت بوعياش إلى سنة 2023، التي وردت فيها المحطة الخامسة المتمثلة “في صدور قرار يحتفي بكافة الأبعاد المؤسساتية لرافد من روافد غنى وتعدد ثقافتنا وتنوعها” (…)، مبرزة أنه هكذا كانت “أهمية” إقرار الملك في ماي 2023 رأس السنة الأمازيغية، “إيض يناير”، عيدا وطنيا ويوم عطلة رسمية مؤدى عنها… لنحتفي، بعد 8 أشهر ونيف، في 14 يناير 2024 بشكل رسمي ومجتمعي، يعزز الاحتفاء الشعبي والجماعي الذي كان قاعدة قائمة، برأس السنة الأمازيغية ويصبح 14 يناير إذن تاريخا بحمولة ودلالات خاصة في مسيرتنا لمأسسة لغتنا الأمازيغية الرسمية وثقافتها”.
واستدركت المتحدثة أن كل هذا “لا يعني أننا رفعنا جميع الرهانات”… موضحة أن “كافة الفاعلين المعنيين على وعي تام بالتحديات القائمة، خاصة أنه توجد على المستوى الفعلي وتيرة أو وتيرات مختلفة بين القطاعات في أشكال التخطيط لعمليات تفعيل اللغة الأمازيغية، فضلا عن التحدي الأكبر، الذي يتجلى من وجهة نظري في ضمان التنفيذ الفعلي للسياسات والمبادرات المتعلقة بتعميم استخدام اللغة الأمازيغية في مختلف المجالات”.

*** مبادرات رائدة

عبد الواحد دريوش، إطار بمجلس المستشارين وفاعل أمازيغي، ركز، في مداخلته، على وجود “مبادرات ملكية رائدة لفائدة الأمازيغية يقابلها تلكؤ تشريعي وتباطؤ حكومي”، مسجلا أن “كل القرارات التاريخية التي اتخذت بالمغرب لفائدة الهوية واللغة الأمازيغية كانت بمبادرة حصرية من الملك محمد السادس”، موردا أن “هذا ما رصدته الحركة الأمازيغية في مسار 25 سنة من القرارات الملكية كان أبرزها وضع الطابع الشريف على الظهير المحدث للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية في 2001”.

وتحدث درويش بدوره عن “الدور الملكي في ترسيم أبجدية “تيفيناغ” كخط لكتابة اللغة الأمازيغية في 2003، وإدماج تدريس الأمازيغية في منظومة التربية والتكوين وإحداث القناة الأمازيغية في 2009، وترسيم اللغة الأمازيغية في دستور فاتح يوليوز 2011، وإحداث اللجنة الملكية لصياغة مسودة مشروع القانون التنظيمي للغات والثقافة المغربية في 2015، وانتهاء بإقرار رأس السنة الأمازيغية عطلة وطنية رسمية في 2023″.

وتابع المتحدث، ضمن مشاركته أنه “ولئن كانت كل هذه المبادرات الملكية الرائدة قد أرجعت للهوية واللغة والثقافة الأمازيغية مكانتها في الفسيفساء الحضارية للأمة المغربية العريقة، فإنه، بالمقابل من ذلك، صاحب هذه الدينامية الأمازيغية الملكية تلكؤ تشريعي وتباطؤ حكومي، وخاصة بعد إقرار الدستور الجديد في 2011″، مبرزا أن “القانون التنظيمي المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية من ضمن آخر القوانين التنظيمية المصادق عليها من قبل البرلمان في 2019. ونفس الشيء سيقع مع القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية”.

وقال الإطار بالمؤسسة التشريعية، الذي واكب صدور القوانين عن قرب، إن “نفس التلكؤ التشريعي والتباطؤ الحكومي ستعيشه الأمازيغية أيضا مع إصدار القانون المتعلق بالبطاقة الوطنية للتعريف الإلكترونية الذي لم يتم فيه إدراج الأمازيغية وتم الاكتفاء بالحروف العربية واللاتينية فقط، ونفس الشيء سيسري على كافة الوثائق الإدارية الأخرى كجواز السفر وبطاقة السياقة وعقود الولادة والزواج التي تنجز بدون ترسيم الأمازيغية في خرق لمقتضيات الدستور والقوانين ذات الصلة”.

وشدد المتحدث على أن “نفس الخرق أيضا تم تسجيله بعد إصدار بنك المغرب لأوراق نقدية جديدة في 2023 لم تدرج فيها الحروف الأمازيغية”، خالصا إلى أن “هذا التلكؤ التشريعي سرعان ما ستليه سلسلة من التراجعات التي تقترفها القطاعات الحكومية والهيئات والمؤسسات والمجالس المنتخبة، وخاصة في ما يتعلق بإقرار مخططات عمل لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وفقا للآجال المحددة كما جاء ذلك في القانون التنظيمي المذكور”.

وقال درويش، في ختام مشاركته، إن “الحكومة اكتفت بسن بعض القرارات التنظيمية السطحية التي لا ترقى إلى ما هو منصوص عليه في الدستور ولا تسمو إلى مستوى التوجيهات الملكية الرامية إلى إيلاء الهوية واللغة الأمازيغيتين المكانة اللائقة بهما كرصيد حضاري للأمة المغربية”، مضيفا أن “هذه هي المعادلة التي تم رصدها على مدى الـ25 سنة الماضية أن هناك التفاتات ملكية مرجعية لا غبار عليها ولا يمكن التفاوض بشأنها؛ لكن مجال التشريع والفعل الحكومي ما زال يعرف خصاصا كبيرا”.

*** مرجعية مثمرة

محند الركيك، أستاذ بشعبة اللغة الأمازيغية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية سايس-فاس، وضع توطئة لمداخلته حيث قال إنه “لا شك في أن المتتبع لتاريخ الحركة الأمازيغية سيلاحظ أن المواجهة العنيفة والشرسة التي واجهت هذه الحركة كانت من قبل الأحزاب السياسية وبعض المثقفين التابعين لها، إذا استثنينا حزب الحركة الشعبية والتقدم والاشتراكية فكل روافد ما يسمى بالحركة الوطنية تصدت بكل بقوة للحقوق اللغوية والثقافية الأمازيغية”.

وأضاف الركيك أنه “على النقيض من الأحزاب السياسية، لم تسجل الحركة الأمازيغية أي موقف سلبي ضد المكون الأمازيغي من قبل المؤسسة الملكية”.

وزاد: “أجزم أن ملف الأمازيغية ما كان ليجد طريقه إلى التسوية لو لم يتدخل القصر الملكي. ولعل أول إشارة إيجابية تندرج في هذا السياق الخطاب الملكي للمرحوم الحسن الثاني بمناسبة ثورة الملك والشعب 20 غشت 1994؛ فالمؤسسة الملكية تعلم أن الأمازيغية ركيزة من ركائز المجتمع المغربي، لذلك كان موقفها أكثر تقدما من كل التيارات والأحزاب السياسية التي متحت خلفيتها الإيديولوجية من القومية العربية”.

وأشار رئيس شعبة الدراسات الأمازيغية بفاس سابقا إلى أنه “من حسنات المؤسسة الملكية بالمغرب أنها بنت نسقها السياسي وقناعتها الإيديولوجية من الخصوصية المغربية ومن تعاليم الدين السمحاء”، معتبرا أنها “لم تسقط في فخ القومية العروبية، على غرار نظام هواري بومدين ومعمر القذافي وصدام حسين، إلخ”. وقال: “وهو أمر طبيعي بالنسبة لنظام ملكي سياسي ينسجم مع ذهنية الأمازيغ الذين عرفوا الملكية منذ فجر التاريخ واختاروا “تاݣلديت” (الملكية) Tagldit نظاما سياسيا موحدا للبلاد منذ 30 قرنا”.

وحسب المتحدث، فإنه “بعد سنوات من نضال الحركة الأمازيغية ورفعها مطالبها اللغوية والثقافية إلى أغلب الحكومات المتعاقبة التي تجاهلتها، ستتدخل المؤسسة الملكية لإعادة الاعتبار للقضية الأمازيغية وإنصافها”، موضحا أن “هذا التعاطي الملكي الإيجابي مع هذا الملف ظهر بارزا من خلال الأسس المرجعية المتمثلة في الخطاب الملكي لـ30 يوليوز 2001، بخصوص إدراج الأمازيغية لأول مرة بالنسبة لتاريخ المغرب في المنظومة التعليمية المغربية”.

وعلى غرار بقية المتدخلين، تحدث الركيك عن “الخطاب الملكي في أجدير يوم 17 أكتوبر 2001، والإعلان عن الظهير الشريف المحدث للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية؛ بالإضافة إلى الخطب الملكية التي تعتبر فيها الأمازيغية ملكا وإرثا لجميع المغاربة؛ وكذلك تأكيد الملك محمد السادس، في أكثر من مناسبة، على تطبيق مبدأ العدالة المجالية؛ والاعتراف الرسمي بالأمازيغية لغة دستورية ورسمية للبلاد؛ ثم الاعتراف الملكي بالسنة أو التقويم الأمازيغي”.

وقال أستاذ الدراسات الأمازيغية إنه “رغم هذه المرجعيات المتقدمة والركائز الأساسية التي اعترفت بالأمازيغية من خلال الدينامية الملكية، سجلنا وجود جيوب مقاومة لا تزال تتحايل في تنفيذ التوجهات الملكية وقرارات الحكومة”، مستحضرا في هذا الشأن بعض الكليات التي مازالت تتلكأ في فتح شعبة للدراسات الأمازيغية وضمنها كلية الآداب والعلوم الإنسانية بمكناس، وكذلك الحال نفسه بالكلية ذاتها بمراكش التابعة لجامعة القاضي عياض”.

استنادا إلى الأسس المرجعية سالفة الذكر، “وبمناسبة مرور ربع قرن من تدبير الملك لهذا الملف، وإلى القانون التنظيمي رقم 16-26 المتعلق بتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية، نطالب رئيس الحكومة ووزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار ووزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة بردع كل مسؤول يخرج عن المرجعية الملكية ويعرقل مسار إدراج الأمازيغية وزجرهم، وقد لاحظنا أن كلية الآداب والعلوم الإنسانية بمكناس لم تقم إلى حد الآن بتشوير جدارية واجهة الكلية بخط “تيفيناغ” في انسجام مع الدستور ومع المبادرات الملكية الرائدة”، قال المتحدث ذاته.

وعلى سبيل الختم، تبدو الإشارة التي تقدمت بها آمنة بوعياش ضمن هذه المشاركة تصلح لتكون توصية تقفل بها هسبريس هذا الملف، بحيث قالت: “ليس هناك غنى اليوم أو بديلا لأولوية وضرورة توفير الموارد البشرية والمالية اللازمة لضمان تدريس اللغة الأمازيغية بشكل يعزز الكفاءات التي ستسمح باستخدام لغتنا الرسمية في جميع مناحي الحياة العامة، شأنها شأن لغتنا الرسمية العربية”، تكريسا لجهود ملكية تقول الفعاليات الأمازيغية إنها “امتدت لربع قرن” وجعلت الملك “عرابا لمسألة الهوية في المملكة المغربية”، وفق قول البعض.

Loading...