الشطط في تدبير الميزانيات : سؤال غياب الحكامة في التدبير و التسيير “أكادير نموذجا”

الشطط في تدبير الميزانيات : سؤال غياب الحكامة في التدبير و التسيير
أكادير نموذجا.
بقلم سدي على ماءالعينين إطار متصرف بجماعة أكادير .

عندما أنهيت الحصة المخصصة لإعداد رسالة الدكتوراه و حملت هاتفي لكتابة المقال الرابع ضمن المقالات الرمضانية التي لقيت متابعة متميزة بين القراء ؛وجدتني في حيرة من أمري و أنا أستعد لتناول موضوع غاية في الدقة و الأهمية و لكن تنقصني الكثير من الأرقام لإغناءه و تحريره ؛
و الذي جعلني أثير إختيار موضوع اليوم هو النقاش الذي خلفته تدوينة رئيس جماعة أكادير و بلاغ الجمعية الذي تلى التدوينة و المتعلق بتقدير مصاريف حملة مجانية في 80 مليون سنتيم .
أنطلق من سؤال إستنكاري :
كم عدد ساكنة عمالة أكادير إداوتنان؟
جولة بسيطة في الأنترنيت تعطي أرقاما متباينة لكن الرقم الأعلى هو 600 الف نسمة .
طيب كم عدد المؤسسات الحكومية المتواجدة بتراب العمالة و الموكول لها تدبير مختلف جوانب حياة ساكنة العمالة ؟
بالنسبة للمؤسسات المنتخبة فتبدو واضحة :
– مجلس جهة – مجلس العمالة- مجلس الجماعة – و الغرف الثلاث الفلاحة و الصيد البحري و غرفة التجارة و الصناعة و الخدمات ؛
و طبعا هناك مؤسسات أخرى كثيرة منها ما لها طابع جهوي او إقليمي او وطني ؛ كالمجلس الجهوي للسياحة و المجلس الجهوي للإستثمار و الأكاديمية الجهوية للتعليم و مكتبها الإقليمي .
أما باقي المندوبيات و المديريات الجهوية فقد تم تعداد ما يقارب 29 مؤسسة .
وعلى المستوى العسكري فبأكادير إدارة جهوية للدرك الملكي و للقوات المساعدة و الأمن الوطني و القوات المسلحة الملكية و إدارة التراب الوطني و الجمارك …
و أنا أتأمل هذا الزخم الهائل من المؤسسات الحكومية و شبه الحكومية المدنية و العسكرية المحلية و الإقليمية و الجهوية و الوطنية ؛طرحت سؤالا طائشا :
ماهي الميزانية السنوية لكل مؤسسة من هذه المؤسسات ؟
وطبعا دون إحتساب الفصول المتعلقة بأجور الموظفين و العاملين .
و إذا كانت هذه المؤسسات دورها هو التنمية و خدمة المواطن ؛فإن السؤال :
أين تتجلى هذه الخدمات و ماهي البرامج التنموية المعلنة و المنجزة ؟
و تتناسل الأسئلة :
كم هي المساحة الجغرافية لمدينة أكادير ؟ و ماهو حجم الملك العام و الخاص فيها ؟ وكم تخصص من الميزانيات لكل كليومتر مربع في السنة ؟!!
قبل تقديم مشاريع أجوبة على هذه الأسئلة ماذا لو سرحنا بخيالنا و قمنا بعملية من وحي الخيال و هي تجميع هذه المؤسسات في هيئة واحدة !!
وأقصد بالضبط إدماج ميزانيات هذه المؤسسات في ميزانية واحدة ؛
و في جواب سريع و صادم سنكتشف أن ما يصرف على المدينة من طرف هذه المؤسسات سواء من الميزانيات المحلية للمؤسسات المنتخبة او من المديريات و المندوبيات بالنسبة للميزانية العامة للدولة و شبه العمومية يعد بالميليارات من السنتيمات كما هو معلن في الميزانيات السنوية المصادق عليها في دورات المجالس او بالبرلمان و الموجهة لمؤسسات الدولة .
فكيف تصرف هذه المليارات و على من تصرف ؟
مثلا ومن باب المزحة فالفصول المخصصة لشراء الأدوات المكتبية بكل هذه المؤسسات قد تعطينا رقما خرافيا وجزافيا و مضحكا : قرابة علبة أقلام وعلبة اوراق لكل مواطن في السنة !!!!!
و بالنسبة لحجم المبالغ المالية المخصصة للمياه المعدنية وبشكل جزافي قنينة لكل مواطن ….و هكذا دواليك هههههه
أما لو وقفنا عند عدد الصفقات المعلنة سنويا بكل مؤسسة فتلك حكاية أخرى فجماعة اكادير لوحدها قد تصل في السنة الواحدة الى أزيد من 300 صفقة بين التسيير و التجهيز مما يعني صفقة في كل يوم مع العلم ان الصفقات لا تقل عن 20 مليون سنتيم للصفقة الواحدة !!!!
و يزداد الموضوع أهمية لو وضعنا في حسباننا حجم الميزانيات مجتمعة في خمس سنوات بالنسبة للمجالس المنتخبة فجماعة اكادير لوحدها تقترب ميزانيتها من 58 مليار سنتيم سنويا تخصص منها 7 مليارات للتجهيز و 5 مليارات للحسابات الخصوصية فيما يوجه الباقي للتسيير
فيما ميزانية الجهة تتجاوز 60 مليار سنويا نقتطع منها بشكل جزافي مليار سنتيم سنويا لفائدة مدينة أكادير .
الأكاديمية الجهوية للتعليم تتجاوز ميزانيتها 9 مليارات .
مهرجان تيميتار و مهرجان التسامح و المجلس الجهوي للسياحة يستهلكون دعما عموميا يقترب من ملياري سنتيم في السنة .
المبادرة الوطنية للتنمية البشرية تصرف قرابة نصف مليار سنتيم على مشاريع سنوية معلنة
دون إحتساب مداخيل خدماتية مثل وكالتي الماء والكهرباء و معالجة النفايات و الصيد البحري و السياحة و …..
هل يمكن أن تشاطروني الرأي ان المداخيل الصافية السنوية التي يفترض ان توجه للتنمية في المدينة من مختلف المؤسسات قد تصل الى 100 مليار سنتيم سنويا ؟
فأين هو على الأقل نصف هذا المبلغ في شوارع المدينة و بنيتها التحتية و أنشطتها التنشيطية السنوية ؟
أين تصرف أموال المؤسسات العمومية بمدينة أكادير ؟
أين تذهب أموال الضرائب و اموال الميزانيات العامة ؟
هذا المقال لو أتيحت لي ميزانيات كل مؤسسة و مجالات صرفها كان يمكن ان يكون أفيد للقارئ ؛لكنه بهذه الصيغة يبقى مجرد مقال مستفز لأنه لمس موطن الجرح في تدبير الشأن العام في غياب تصور موحد للعمل بين مختلف المتدخلين و الفاعلين .
موضوع لا يصلح لمجرد مقال بل لبحث ميداني سيعري بكل تأكيد واقع التدبير العشوائي للمجال الترابي .
تصبحون على خير.

Loading...