الصحراء المغربية من مذكرات مؤسس البوليزاريو الولي مصطفى السيد

المغربية المستقلة :
كتاب الرأي : سيدي علي ماء العينين

لإبراز الحقيقة التاريخية لتاريخ منطقة الصحراء ندرج جزءا مما جاء في المذكرة التي كتبها بخط يده مؤسس الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب الولي مصطفة السيد والتي لازال مضمونها غير مستساغ من قبل قيادة الجبهة باعتبارها تتعارض مع توجهها الإيدولوجي ومسعاها لإيجاد خصوصية تاريخية للمنطقة.
يقول الوالي في مذكرته التي حاول فيها التعريف بالهوية الصحراوية وعلاقتها بمحيطها الاقليمي:
إن تعاقب الدول والتنازع على السلطات وتناحر القبائل أدت إلى زيادة الهجرة لهذه المنطقة المحايدة الآمنة واللجوء إليها من كل مغلوب. بل وفي كثير من الأحيان الاعتصام بها من طرف الثائرين الذين يحضون للانقضاض على أعدائهم. ونتيجة لهذه الهجرة المتعاقبة صوب الصحراء والمعاكسة أحيانا منها إلى المغرب، فقد كانت المنطقة مرتبطة ارتباطا وثيقا في غالب الأحيان بالسلطة القائمة في المغرب وكثيرا ما كانت تمارس سلطات مركزية من قبل هذه الحكومات على سكان المنطقة، وخصوصا في حالة الحروب. فكانت كثير منها تجند سكان المنطقة لنصرتها. ويمكن القول أن المنطقة كانت إقليما مغربيا كسائر الأقاليم الأخرى.
وحول النظام القبلي بالمنطقة، أو البنية الاجتماعية للإقليم، أوضح الوالي في مذكرته:
أنه لما كان النظام القبلي هو النظام السائد في شمال افريقيا عموما، وفي المغرب على وجه الخصوص منذ القدم وإلى عهد غير بعيد، فقد انتقل هذا النظام إلى الصحراء عن طريق سكانها الذين جاءوا من الشمال، وقد غدته طبيعة الصحراء القاسية والحث على التشبث به. وهكذا كانت المنطقة تحتوي على عدة قبائل متميزة عن بعضها وإن كان هذا التمييز لم يكن حتما نتيجة وضعية اقتصادية معينة كما أنه لم يفرض دائما تخصصا قبليا من ناحية الوضعية الانتاجية… إلخ
واعتبر في مذكرته أن العلاقات السائدة بين القبائل بالمنطقة كانت موحدة في إطار مركزي صحراوي، وقد كونت القبائل مجلسا لحل النزاعات المستعصية فيما بينها عرف باسم (أيت أربعين) وهو بمثابة سلطة تشريعية عليا، ويرجع التنفيذ إلى أفراد كل قبيلة التي من عادتها الخضوع الطوعي لشيخها.
وحول الترابط التاريخي بين اقليم الصحراء والمغرب أبرز الوالي:
أن الصحراء كانت نقطة استراتيجية في صراع القوى الاستعمارية المتنافسة على المغرب، وواجه سكان الصحراء هذا التنافس الاستعماري بتنسيق العمليات بينهم وبين الحركة في المغرب، أي الطرف الذي تسيطر عليه فرنسا. مؤكدا أن الارتباط التاريخي إنما قام على قاعدة وحدة نضالية مشتركة لم يتخللها مشاعر متبادلة (بالانتماء الاقليمي)
ففي مواجهتهم الاستراتيجية الفرنسية الاسبانية ظل سكان هذه المنطقة يحاربون في كل المناطق الثلاث، مرتبطين بنضالات إخوانهم في المغرب، ولما ظهرت الحركة التحررية دخلوها تحت شعار الجهاد في سبيل الله.

Loading...