كتاب الرأي : بسبب الأغاني الجديدة للثلاثي “المجرد،الستاتي وحاتم،يكتب الصحفي عصام العباري مقالا تحت عنوان:”الهروب من بلاد القردة”

المغربية المستقلة :
كتاب الرأي : الصحفي عصام العباري
في زمن بعيد، اشتهرت إحدى القرى باستقرار القردة فيها، وطرد رجالها للنساء.
توارث هذه الحكاية جيل عن جيل، وأصبحت تروى للأطفال قبل النوم، حيث كانت الغلبة للنساء اللواتي يلحقن الهزيمة بالرجال، ما دفع بهم للاتحاد وطرد نسوة القرية والعيش مع القردة لأنها أكثر أمانا من مكر النساء ومشاكلهن.
ولغياب النساء انقطعت صلة هذه القرية بباقي القرى إذ لم يعد أي طمع في بنات القرية للمصاهرة، وظل رجل يدعى “السباعي” من قرية القردة صلة وصل بين قريته وباقي القرى إذ كان عازفا ماهرا على”الكمنجة”، فكانوا يسمحون له بالدخول لإحياء الأعراس وباقي المناسبات.
وكانت فرصة مواتية له للهروب من اللعنة التي لحقت قريته، وأبنائها “القردونيين” وهو اللقب الذي يناديهم به جيرانهم لتفضيلهم القردة على النساء.
فكر “السباعي” في الهجرة السرية لكنه كان خوافا “اللهم الموت فوق السرير وفي حضن قردة أوموت في بطن القرش”، مثلما ظل يدندن مع كمنجته.
غير أنه كان يتوق إلى الهجرة ولا يضيع أي فرصة عند أحد الأعيان لمساعدته على تحقيق حلمه الحصول على “الفيزا والباصبور”.
مرت سنوات من البحث عن ملجأ للهرب من القردة، لكن دون أي جدوى إلى أن صادف أحد الأعيان بقرية مجاورة يدعى “بوحاجة” وكان معروفا بكرمه وعطائه، فكان أمل “السباعي” الوحيد لتحقيق أمنيته.
فأنتج مثل دجاجة رومية أغنية سريعة، ومن أجل تقديم بيضته “الرومية” الفاقدة لأي مذاق، اشترى بذلة عصرية ولبسها، وخرج
بعد طول غياب، لكن الأهالي سخروا منه وضحكوا حتى أن بعضهم استلقى على قفاه من كثرة الضحك.
وعندما وصل إلى باب منزل ذلك السيد أخبره الحراس بأن بعض الأفراد من قرية “نوتيلا ” ينتظرون لتقديم “أغنية” اختلس إليهم النظر من شرفة قريبة، فتعجب من مظهرهم الغريب وهم يؤدون رقصات دون معنى، وإلى جانبهم ترقص “قينات” من قريته تذكر ملامحهن الحزينة بعدما تم طردهن من القرية.
خفق قلبه خوفا من وجود شخص غليظ القامة مهشم الأسنان يتمايل يمنة ويسرى دون ضابط أو رابط.
نودي على غفلة منه بإسمه، وبعد أدائه واجب الاحترام وقف أمام الحضور وتناول ملعقة “ماكفلوري” من دواء يخفض الذكورة، حتى يتمكن من اداء اغنيته بكل حرية وأريحية، كما فعل “قوم نوتيلا”.
أدى “السباعي” أغنيته، لكن بسبب نشازها منعوه من الخروج حتى لا تصيب القوم لعنة غنائه
فعاش” بقية أيامه مثل طاوووس في حديقة الفيلا، وتمنى لو ظل ديكا يعيش في قريته يستيقظ كل فجر ليصيح مثل باقي الديكة، او ذكرا من ذكور اهل القرية الى جانب قردته “غزالي” التي افتقدها في عزلته.

Loading...