انعكاسات موجة العنف و الإرهاب على النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية

القنيطرة :
المغربية المستقلة : متابعة
موضوع: مداخلة الحسن لحويدك: مندوب الهيئة المغربية للوحدة الوطنية؛ و رئيس جمعية الوحدة الترابية بجهة الداخلة وادي الذهب.

في إطار فعاليات الندوة الوطنية الفكرية المنظمة يوم 4 مارس 2018، من طرف الهيئة المغربية للوحدة الوطنية بقصر المؤتمرات بمدينة القنيطرة.
تحت عنوان: “موجة الإرهاب الانفصالي”
تحت شعار: لا للعنف لا للإرهاب.
باسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسوله الكريم وعلى آله وصحبه أجمعين.
السيدات والسادة الحضور الكريم :
يطيب لي بداية أن أتقدم بجزيل الشكر والامتنان للهيئة المغربية للوحدة الوطنية على هذه الدعوة الكريمة، بتقديم مداخلة في أشغال فعاليات هذه الندوة الفكرية، المنظمة بقاعة المؤتمرات بمدينة القنيطرة العزيزة، والتي ستتناول موضوع “ظاهرة موجة العنف والإرهاب ” تحت شعار: ” لا للعنف، لا للإرهاب ” ،وهي مواضيع هامة دأبت الهيئة على تنظيمها، من أجل مواصلة تكريس ثقافة الغيرة الوطنية لدى الأجيال الآنية والمستقبلية، وذلك تماشيا مع أهدافها لتعزيز قيم المواطنة، والاعتزاز بالانتماء الوطني للهوية، المتجلية في صيانة الوحدة الترابية والوطنية للأمة المغربية المجيدة.
معشر الحضور الكريم:
موضوع العنف و الإرهاب أسال العديد من الآراء و المداد خلال السنوات الأخيرة التي أجمعت كلها على تعريف الظاهرتين، التي تفاقمتا حديثا بشكل جلي وواضح في مناطق عدة من العالم، بأنهما في القاموس السياسي تعنينان استخدامهما بالأساليب الغير مشروعة و للأسباب كذلك غير مشروعة، بهدف تخويف الناس وبث الرعب فيهم، وتعريض الأبرياء للخطر، سواء من أقدم على فعل ذلك، دولة ام فئة أم فردا، وهو ما يتنافى مع كل الشرائع السماوية، والقوانين الكونية، ومبادئ حقوق الإنسان. تبعا لهذا المعنى، تصنف ظاهرتي العنف والإرهاب بأنهما غير مشروعتين، مقارنة بالحالات المشروعة، كالمقاومة، والكفاح المسلح من أجل نيل الاستقلال بالنسبة للبلدان المستعمرة.
ومن هذا المنطلق، فإن الإرهاب والعنف الممارسان على جهات بريئة، سواءً أكانوا دولا أو مواطنين من مختلف الأجناس لا مشروعية لهما، بل تدخل هذه الأفعال الإجرامية اللاإنسانية في خانة الإرهاب الذي ينتج عنه سفك دماء الأبرياء، وترويعهم، وبث الفزع والرعب في نفوسهم، بهدف تحقيق غايات، ومصالح سياسية، دائما يكون الطرف الذي وقع عليه هذا الفعل الإرهابي، ليس هو الدافع الحقيقي الذي بموجبه تم هذا العمل الإرهابي، وإنما يتم ذلك بهدف التأثير على طرف آخر.
واعتبارا لهذا الطرح، يتم الاستنتاج بأن الإرهاب ظاهرة جد خطيرة على الإنسانية جمعاء. وعلى هذا الأساس فلا هوية للإرهاب، بحيث لا يمكن تحديد انتمائه، ولا عقيدته، ولا موطنه، فأكثر من الأحيان يدخل في سياق الانفصال على غرار ما تقوم بعض الفئات والجماعات، التي تسعى إلى الانفصال عن الوطن الأم والدولة المركزية، باستعمال العنف والإرهاب كوسيلتين لتحقيق ذلك، وفي الغالب ما يتم استغلال هذا الهدف من لدن تدخل اقليمي، بواسطة إحدى بلدان الجوار، والحالة هنا تنطبق تماما على النزاع الإقليمي المفتعل حول الصحراء المغربية، بتحريض من حكام الجزائر الذين يتحملون المسؤولية القانونية والسياسية المباشرة في استدامة هذا الخلاف المصطنع.
وفي هذا السياق ذاته، يعتبر تنظيم جبهة “البوليساريو” نموذجا بارزا لجماعة مارست ولازالت تمارس أقصى درجات السلوكات العدوانية المتمثلة في عمليات اختطاف واحتجاز مواطنين مغاربة صحراويين أبرياء كرهائن، ودروع بشرية، لتوهيم المجتمع الدولي بأوضاعهم، بهدف الاستفادة من المساعدات الإنسانية، التي استغنى بها قادتها بمخيمات تندوف لأزيد من أربعة عقود في ظروف مأساوية لا تراعي كل المواثيق والمبادئ الدولية لحقوق الإنسان. ومن تم خاضت حربا ظالمة، مولت بالعتاد والسلاح من طرف النظام الجزائري، خلفت ضحايا أبرياء، عانوا من آلام ومعاناة من جميع النواحي، أدت إلى أمراض مزمنة، وكذا اضطرابات نفسية من قبيل، الفقدان، الصدمات العاطفية، الحداد والاكتئاب المزمن. مما خلف كذلك وضعيات الهشاشة المتعلقة بأقاربهم كالتفكك الأسري، تشرد الأطفال…
أيها الحضور الكريم :
موضوع مخاطر العنف و الإرهاب الممارسان من طرف البوليساريو لأزيد من 42 سنة، أضحى يشكل أكثر خطورة، فهذا التنظيم الذي خطط له من طرف حكام الجزائر، بأن يكون كوسيلة وواجهة في هذا النزاع الثنائي، الممول من العائدات الضخمة لنفط وغاز الشعب الجزائي، المقهور اجتماعيا و المقموع سياسيا، في قضية خاسرة تهدف أساسا معاكسة المغرب في وحدته الترابية العادلة، من أجل تصدير المشاكل الداخلية للجزائر، وهو ما من شأنه تعطيل رهانات وتحديات، ليس فقط على المستوى الإقليمي ،بل على موقع جيوإستراتيجي مهم في منطقتي شمال إفريقيا والساحل والصحراء، و الضفة الأورومتوسيطية، مما يعرض الاستقرار والأمن والسلم العالمي برمته إلى الخطر الحقيقي ، الأمر الذي يقتضي التعجيل، بالتوصل إلى حل سياسي نهائي للنزاع المصطنع حول الصحراء المغربية، بناء على الموقف الوطني الجريء، الذي ما فتئ صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله يؤكد عليه، أنه لا حل لقضية الصحراء، خارج سيادة المغرب الكاملة على صحرائه، في إطار مبادرة الحكم الذاتي التي اعترف المنتظم الدولي بجديتها ومصداقيتها، بما في ذلك مجلس الأمن نفسه.
لذا يتعين على جميع الأطراف التي كانت السبب في اختلاق هذا النزاع، أن تتحمل مسؤوليتها كاملة، من أجل إيجاد حل نهائي له، على أساس الالتزام التام بالاعتماد على مرجعيات مجلس الأمن الدولي لمعالجته، باعتباره الهيئة الوحيدة المكلفة برعاية مسار التسوية.
ولعل تحقيق هذا الأمل الكبير، سيكون الحل الجدري، لنهاية نزاع مفتعل طال أمده في الوحدة الاقتصادية، أرق وعاق التنمية المستديمة التي تتوق لها الشعوب المغاربية الخمس، في إطار اتحاد مغاربي مندمج ومتكامل، ومعها قارة أفريقيا قاطبة، التي بدورها ينبغي على دولها التماسك والتضامن في سياق التعاون جنوب-جنوب، من أجل أفريقيا قوية ومتقدمة.

Loading...