كتاب الرأي : الطغيان و” الصفات الربانية”

المغربية المستقلة
بقلم : منصف الإدريسي الخمليشي

هناك مجموعة من الخصل التي تعتبر من الكبائر، لعل أبرزها ما سأتطرق له بعجالة و خلاصة مركبة في هذا النص , الطغيان , له عدة أوجه , و التي يمكننا حصرها في الطاغية العظيم فرعون , الذي كان يمارس أشد العقوبات على سكان قومه , حيث كان يدفن الولد من بني إسرائيل حي , بمبرر أنه سيولد أحد منهم و سيقتل على يده , ربما هناك أشباه الفرعون في عصرنا هذا , الشيء الذي ينقلنا للتحدث حول الطاغية المتجبر الذي تغريه الأموال , كما يسميه البعض وسخ و بكتيريا الدنيا ,سأتكلم عن الطغيان من الناحية السياسية , بعض المسؤولون الذين يجدون أنفسهم و بدون شعور يخترقون الحدود و يتجبرون ويتكبرون وأكثر من ذلك نلاحظ أنهم امتهنوا مهنة طاغية، فالركوع لله والجلوس لله و القيام لله والسجود للواحد، قد نشترك مع الله في بعض الأحيان , (حشى و أن نمتثل لخالق السماوات و الأرض) فمثلا الوقوف قد يكون لشخص أو أشخاص و الجلوس أيضا، لكن الركوع والسجود لله الواحد القهار الذي لا إله إلا هو.
أقحمت مسألة الركوع و السجود لأنني رأيت على أن البعض يقدسون غير الله و القدسية هي فقط لله وما أمرنا بأن نقدسه في الفرقان، أحيانا قد نكون مجبرين للتعايش مع الطاغية بحيث أنه أحيانا يمكن أن تعيش في نظام الأباطرة ونظام الفساد على أن تعيش تحت حكم السلطة المطلقة لمدعي الفضيلة الذين يتدخلون فيما لا يعنيهم، فالظلم الذي يمارسه أباطرة الفساد قد يخمد أحيانا وقد يبلغ بخلهم مرحلة الإشباع لكن من يتدخل فيما لا يعنيه بدون استئذان سيظل طوال حياته قامعا لك وستظل أنت دائما مقموع وليس لك أي حق في أن تدافع على رأيك لأنهم يفعلون ذلك بشكل معتاد وفطري وقانا الله وإياكم من الطاغية والطغاة والطغيان.
المولى الوحيد الذي يمكن أن يطغى ويتجبر ويتكبر هو خالق السماوات والأرض، هناك صفات مشتركة بين العبد والمعبود الواحد، كالبصر و السمع والكرم رغم أنها صفات مشتركة إلا أنها تختلف من حيث حجمها فسمع الخالق ليس كسمعنا وبصره ليس كبصرنا و غناه ليس مثل العبد لأنه هو مالك العالمين , فالإنسان يمتاز بالضعف , لكن الخالق هو قوة لأنه خالقها , فالله يمكنه أن يرى المستقبل البعيد وهنا يمكننا أن ننتقل لصفة العلم التي يمتاز به الله وحده والوحيد الغفور هو الله أما الإنسان متسامح فقط الاستغفار والاعتذار والسماحة والعفو كلمات مختلفة المعنى كليا، ذكرت العلم لأن بعضهم يدعي على نفسه أنه يرى المستقبل أبرز مثال هو العرافات والفقهاء وهذا شرك وتخطي الحدود مع الله والمولى الوحيد هو الله ورسوله مولانا محمد عليه الصلاة و السلام لا يسعني إلا أن أقول إن الله مع الصابرين .
من هو الطاغية و منذ متى و هو على أرض الوجود , كما أشرت في بداية المقال , فرعون كان من أشدهم و كان قاسي القساة , إلا أننا نلاحظ مع كل عصر يختلف مفهوم الطاغية , ففي عصرنا هذا الطاغية هو من له نفوذ , مال , حريم , فهذه هي الحياة السعيدة , في نظره , إلا أن في القديم منذ عهد موسى نبي الله عليه الصلاة و السلام ,كانت الطاغية هو من له الملك , و للطاغية مفاهيم و تأويلات عدة , لا يمكننا حصرها في مفهومين , و يبقى وجه ربك ذو الجلال و الإكرام .
أما الصفات الربانية فهي مستحيلة و لا يمكننا إسقاطها على عبد ضعيف و لو كان كذلك لكنا كلنا لنا قدرة القادر , لكن بالطبع مستحيل , لأن هذه مشيئته في الخلق و قدرته , لو شاء أن يخلق غير البشر لصنع , و الصفات لا يمكننا تحليلها أو شرحها و لا تفسيرها أيضا لأن في خلقه حكم عديدة و لا يعلمها إلا من خلق السماوات و الأرض ثم استوى على العرش .

Loading...