الاعتذار السياسي بين “الوعي الوطني” و”العقل السلطوي”

المغربية المستقلة: متابعة فخاري نورالدين

بين متقبّلٍ لاعتذاره ومستنكر له؛ أثارت تصريحات عبد اللطيف وهبي، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، الكثير من الجدل الذي بلغ مبلغَ الحدة في أحيان كثيرة.
في مقاله هذا، يحاول الكاتب المغربي عبد الإله السليماني تناول حدث “الاعتذار” هذا من مختلف الزوايا، مشيدا، من جهة، بـ”نبل” هذا الموقف، ومستغربا رفضَ “المتعجرفين السياسيين” لهذه المبادرة في سياق الدينامية الديمقراطية التي خلقها حزب الأصالة والمعاصرة منذ تولي الأستاذ عبد اللطيف وهبي قيادة الحزب، ومن أجل تنشيط حياة حزبية مغربية ديمقراطية، عمل الأمين العام للحزب على إطلاق حوار مع مختلف الأحزاب الوطنية، في محاولة منه لإنعاش نقاش ديمقراطي بين الأحزاب، يشكل رافعة لبناء مواطنة نشطة داخل مجتمع مغربي، على أهبة الدخول في انتخابات تجدد شرعية مؤسساته تعبيرا عن كل هذا السياق، عبر الأستاذ الأمين العام مؤخرا في حوار صحافي عن وعي وطني عال، بأهمية تشكيل سياسة جديدة تستجيب لمقتضيات المرحلة الجديدة التي يمر منها المجتمع المغربي، خاصة مع تداعيات “كوفيد-19” على الاقتصاد المغربي، كما عبر عن ثقافة ديمقراطية لقيادة جديدة تقطع مع كل المراحل السابقة، من العمل السياسي الذي كان يتعثر في أشباه القضايا ويلهو بقضايا فئوية تتناسى مصلحة الوطن والمواطنين وبنبل ديمقراطي رفيع، تحدث الأستاذ وهبي عبد اللطيف عما سماه “اعتذار” حزب الأصالة والمعاصرة عما صدر عنه في السابق تجاه الأحزاب المغربية من مواقف وتصورات، أبانت الظروف اليوم أنها لم تكن وليدة قراءة سليمة وصحيحة.
وبدل من أن تخلق مثل هذه المبادرات الديمقراطية استحسانا قويا وترحيبا، باعتبارها مواقف ديمقراطية جديدة على الحياة السياسية الحزبية المغربية، وبحكم أنها مؤشر على جيل جديد من القيادات الوطنية الطامحة لخدمة وطنها بوعي تاريخي حديث، يعيد للسياسة بالمغرب فعاليتها وجديتها، بدل كل هذا، انبرى البعض في اتجاه ردود فعل أقل ما يقال عنها إنها خارج الأفق الديمقراطي الوطني، الذي يتحدث من داخله الأستاذ الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، ويسعى إلى إشراكه مع الفاعلين الحزبيين بالمغرب.

إن تلقي حديث “الاعتذار” الذي عبر عنه حزب وطني ديمقراطي حداثي، بعقلية الاشتراط التي تبطن تعجرفا سياسيا أجوف، هو تلقٍ ينبئ بأن الديمقراطية بالمغرب لازالت لم تقنع بعض الأطراف داخل بعض الأحزاب، الذين يرون فيها فرصة لتحسين معيشتهم فقط وليس من أجل حياة فعالة للتنمية والتقدم.
نعلم جيدا أن “الذوق” بالمعنى الصوفي الديمقراطي لا يحمل عليه المرء بين عشية وضحاها، بل هو تربية و ثقافية.

Loading...