المغربية المستقلة:
سيرة المحبوب صلى الله عليه وسلم
الجلسة: مائتين وإحدى عشرة
من أحداث السنة الرابعة..
*غزوة الرَّجيع2*
*أسر خُبَيب واستشهاده*
*في مشهد أسره ظهرت أخلاقه، وانساقت له كرامات:*
تقول بنتَ الْحَارِثِ بن عامر:
أَنَّهُمْ حِينَ اجْتَمَعُوا لأسْره..
اسْتَعَارَ مِنْهَا مُوسَى يَسْتَحِدُّ بِهَا ( سكينا لإصلاح جسده ) فَأَعَارَتْهُ..
قالت: فَأَخَذَ ابْنًا لِي وَأَنَا غَافِلَةٌ حِينَ أَتَاهُ..
قَالَتْ: فَوَجَدْتُهُ مُجْلِسَهُ عَلَى فَخِذِهِ وَالْمُوسَى بِيَدِهِ فَفَزِعْتُ فَزْعَةً عَرَفَهَا خُبَيْبٌ فِي وَجْهِي..
فَقَالَ: تَخْشَيْنَ أَنْ أَقْتُلَهُ؟
*مَا كُنْتُ لِأَفْعَلَ ذَلِكَ..*
تقول: وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ أَسِيرًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ خُبَيْبٍ.
وَاللَّهِ لَقَدْ وَجَدْتُهُ يَوْمًا يَأْكُلُ مِنْ قِطْفِ عِنَبٍ فِي يَدِهِ وَإِنَّهُ لَمُوثَقٌ فِي الْحَدِيدِ، وَمَا بِمَكَّةَ مِنْ ثَمَرٍ.
وَكَانَتْ تَقُولُ: إِنَّهُ لَرِزْقٌ مِنْ الله رَزَقَهُ خُبَيْبًا..
فَلَمَّا خَرَجُوا مِنْ الْحَرَمِ لِيَقْتُلُوهُ فِي الْحِلِّ ـ خارج الحرم ـ
قَالَ لَهُمْ خُبَيْبٌ:
ذَرُونِي أَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ، ـ فكان أول من سن الرَكْعَتَيْنِ عند القتل هو ـ،
ثُمَّ قَالَ: لَوْلَا أَنْ تَظُنُّوا أَنَّ مَا بِي جَزَعٌ لَطَوَّلْتُهَا.
اللهمَّ أَحْصِهِمْ عَدَدًا..
ثم قال:
مَا أُبَالِي حِينَ أُقْتَلُ مُسْلِمًا
عَلَى أَيِّ شِقٍّ كَانَ لِلَّهِ مَصْرَعِي
وَذَلِكَ فِي ذَاتِ الْإِلَهِ وَإِنْ يَشَأْ
يُبَارِكْ عَلَى أَوْصَالِ شِلْوٍ مُمَزَّعِ
فَقَتَلَهُ عقبة بن الْحَارِثِ..
{إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}🌸
_______________________________________________
سيرة المحبوب صلى الله عليه وسلم
الجلسة: مائتين واثنتي عشرة
من أحداث السنة الرابعة..
*غزوة الرَّجيع3*
*في كرامات ومشاهد شهداء يوم الرجيع*
*❍عاصم بن ثابت رضي الله عنه:*
اسْتَجَابَ الله تعالى لِعَاصِمِ بن ثَابِتٍ يَوْمَ أُصِيبَ – عندما قال: اللهم أَخْبِر نبيك عنَّا..
فَأَخْبَرَ الله عز وجل نبيه بهم، وأخبر النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَصْحَابَهُ خَبَرَهُمْ وَمَا أُصِيبُوا.
وَبَعَثَ نَاسٌ مِنْ كُفَّارِ قُرَيْشٍ إِلَى عَاصِمٍ حِينَ حُدِّثُوا أَنَّهُ قُتِلَ لِيُؤْتَوْا بِشَيْءٍ مِنْهُ يُعْرَفُ.. ـ وَكَانَ قَدْ قَتَلَ رَجُلًا مِنْ عُظَمَائِهِمْ يَوْمَ بَدْرٍ ـ .
فَبُعِثَ عَلَى عَاصِمٍ مِثْلُ الظُّلَّةِ مِنْ الدَّبْرِ [ ذكور النحل، أي: أن الله أرسل عليه سحابة من النحل فحمته منهم.] فَحَمَتْهُ مِنْ رَسُولِهِمْ.
فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَى أَنْ يَقْطَعَ مِنْ لَحْمِهِ شَيْئًا.
رواه البخاري
وقد كان عاصم قد أعطى الله عهدًا أن لا يمسه مشرك، ولا يمسَّ مشركًا أبدًا…
فكان عمر بن الخطاب صلى الله عليه وسلم يقول حين بلغه أن الدَّبْر منعته:
يحفظ الله العبد المؤمن، كان عاصم نذر أن لا يمسه مشرك، ولا يمس مشركًا أبدًا في حياته، فمنعه الله بعد وفاته، كما امتنع منه في حياته.
(سيرة ابن هشام” 3/83.)
*❍ وأما زيد بن الدِّثنَّة رضي الله عنه:*
فابتاعه صفوان بن أُمية ليقتله بأبيه أُمية بن خلف، وبعث به صفوان بن أمية مع مولى له يقال له: نِسطاس، إلى التنعيم، وأخرجوه من الحرم ليقتلوه..
واجتمع رهط من قريش فيهم أبو سفيان بن حرب، فقال له أبو سفيان حين قُدِّم ليقتل:
أُنشدك الله يا زيد..
أتحبّ أن محمدًا عندنا الآن في مكانك نضرب عنقه، وأنك في أهلك؟
قال: والله ما أحبُّ أن محمدًا الآن في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه، وإني جالس في أهلي.
قال: يقول أبو سفيان: ما رأيت من الناس أحدًا يحبُّ أحدًا كحب أصحاب محمد محمدًا..
ثم قتله نِسطاس.
(سيرة ابن هشام” 3/83.)
{إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}🌸
___________________________________________
سيرة المحبوب صلى الله عليه وسلم
الجلسة: مائتين وثلاثة عشر
من أحداث السنة الرابعة..
*حادثة بئر معونة*
يرويها سيدنا أنس رضي الله عنه فيقول: إنَّ رِعْلًا وَذَكْوَانَ وَعُصَيَّةَ وَبَنِي لَحْيَانَ اسْتَمَدُّوا رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم عَلَى عَدُوٍّ. فأمدهم بسبعين من قراء الصحابة..
هذه رواية البخاري، أما رواية مسلم: عَنْ أَنَسِ قَالَ:
جَاءَ نَاسٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: أَنْ ابْعَثْ مَعَنَا رِجَالًا يُعَلِّمُونَا الْقُرْآنَ وَالسُّنَّةَ.
فبعث إليهم سَبْعِينَ رجلًا مِنْ الْأَنْصَارِ يقال لهم: ( الْقُرَّاءَ فِي زَمَانِهِمْ).. ـ كَانُوا يَحْتَطِبُونَ بِالنَّهَارِ، وَيُصَلُّونَ بِاللَّيْلِ ـ .
وأمَّرَ عليهم حرام بن ملحان.
قال أنس بن مالك-: حَتَّى كَانُوا بِبِئْرِ مَعُونَةَ – على بعد 160 كيلو- من المدينة غَدَرُ بِهِمْ عامر بن الطفيل..
حيث ذهب إليه حرام بن ملحان رضي الله عنه ومعه رجلان، كان أحدهما أعرج، فقال لهما حرام: كونا قريبًا حتى آتيهم فإن آمنوني كنتم –آمنين- وإن قتلوني أتيتم أصحابكم..
فذهب إليه فقال: أتُأمِّنوني أُبلغ رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
فجعل يُحدِّثهم، وأومئوا إلى رجل فأتاه من خلفه فطعنه.
فقال حرام بن ملحان بالدَّم هذا فنضحه على وجهه ورأسه ثم قال: فزتُ وربِّ الكعبة.
ثم اجتمعوا عليهم فقتلوهم جميعًاغير الرجل الأعرج الذي كان مع حرام بن ملحان صعد على رأس جبل.
وعمرو بن أمية الضمري أُسر ثم خلا عامر بن الطفيل سبيله لما أعلمه أنه من مضر.
وكان *عامر بن الطفيل* هذا يكنُّ عداءً شديدًا للنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
ـ حيث أرسل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يخَيَّرَه بَيْنَ ثَلَاثِ خِصَالٍ، فَقَالَ له:
ـ يَكُونُ لَكَ أَهْلُ السَّهْلِ وَلِي أَهْلُ الْمَدَرِ.
ـ أَوْ أَكُونُ خَلِيفَتَكَ.
ـ أَوْ أَغْزُوكَ بِأَهْلِ غَطَفَانَ بِأَلْفٍ وَأَلْفٍ.
فقد كان يحقد على النبي صلى الله عليه وسلم ويرى أنه أخذ مكانةً لابدَّ أنْ يُشركه فيها.
*ومن كرامات الشهداء:*
سأل عامر بن الطفيل عمرو بن أمية عن أحد القتلى فقال له: مَنْ هَذَا؟
فَقَالَ عَمْرُو بن أُمَيَّةَ: هَذَا عَامِرُ بن فُهَيْرَةَ.
فَقَالَ عامر بن الطفيل: لَقَدْ رَأَيْتُهُ بَعْدَ مَا قُتِلَ رُفِعَ إِلَى السَّمَاءِ حَتَّى إِنِّي لَأَنْظُرُ إِلَى السَّمَاءِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَرْضِ ثُمَّ وُضِعَ.
فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَبَرُهُمْ فَنَعَاهُمْ فَقَالَ:
“إِنَّ أَصْحَابَكُمْ قَدْ أُصِيبُوا، وَإِنَّهُمْ قَدْ سَأَلُوا رَبَّهُمْ، فَقَالُوا: رَبَّنَا أَخْبِرْ عَنَّا إِخْوَانَنَا بِمَا رَضِينَا عَنْكَ وَرَضِيتَ عَنَّا”.
وَأُصِيبَ يَوْمَئِذٍ فِيهِمْ :
عُرْوَةُ بن أَسْماءَ بن الصَّلْتِ، وَمُنْذِرُ بن عَمْرٍو..
فَأَنْزَلَ الله تَعَالَى لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الَّذِينَ قُتِلُوا أَصْحَابِ بِئْرِ مَعُونَةَ قُرْآنًا قَرَأْه الصحابة حَتَّى نُسِخَ بَعْدُ
*بَلِّغُوا قَوْمَنَا فَقَدْ لَقِينَا رَبَّنَا فَرَضِيَ عَنَّا وَرَضِينَا عَنْهُ.*
فظل النبي – صلى الله عليه وسلم – شَهْرًا يَدْعُو عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ وعصية، وَيَقُولُ: “عُصَيَّةُ عَصَتِ الله وَرَسُولَهُ”.
رواه البخاري
{إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}🌸
______________________________________________
سيرة المحبوب صلى الله عليه وسلم
الجلسة: مائتين وأربعة عشر
من أحداث السنة الرابعة..
*محاولة اغتيال رسول الله صلى الله عليه وسلم*
ذكر الإمام الواقدي في المغازي:
كان أبو سفيان بن حرب قد قال لنفر من قريش بمكة:
ما أحد يغتال محمداً، فإنه يمشي في الأسواق، فندرك ثأرنا..
فأتاه رجل من الأعراب فدخل عليه منزله وقال له:
*إن أنت وفيتني، خرجتُ إليه حتى أغتاله..*
فإني هاد بالطريق (خِرّيتٌ) ـ ماهر ـ، معي خنجر مثل خافية النسر..
قال: أنت صاحبنا..
وأعطاه بعيرًا ونفقة..
وقال: اطو أمرك فإني لا آمن أن يسمع هذا أحد فينميه إلى محمد.
قال الأعرابي: لا يعلمه أحد..
فخرج ليلا على راحلته فسار خمسا.. وصبّح ظهر الحي يوم سادسه..
ثم أقبل يسأل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى المصلى،
فقال له قائل: قد توجه إلى بني عبد الأشهل ، فخرج الأعرابي يقود راحلته حتى انتهى إلى بني عبد الأشهل، فعَقَل راحلته،
ثم أقبل يؤم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوجده في جماعة من أصحابه يحدث في مسجده،
فلما دخل ورآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه:
*إن هذا الرجل يريد غدرا، والله حائلٌ بينه وبين ما يريده*
فوقف وقال: أيكم ابن عبد المطلب.
فقال له رسول صلى الله عليه وسلم :أنا ابن عبد المطلب.
فذهب ينحني على رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنه يسارّه..
فجبذه أسيد بن حضير وقال:
تنحَّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجبذ بداخله إزاره، فإذا الخنجر..
فقال: يا رسول الله هذا غادر..
فأسقط في يد الأعرابي وقال:
دَمي دمي يا محمد، وأخذه أسيد بن حضير يلببه..
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: اصدقني ما أنت؟ وما أقدمك؟ فان صدقتني نفعك الصدق، وإنْ كذبتني فقد اطلعتُ على ما هممتَ به.
قال الأعرابي: فأنا آمن؟
قال: وأنت آمن..
فأخبره بخبر أبي سفيان وما جعل له ..
فأمر به فحُبس عند أسيد بن حضير، ثم صارا من الغد فقال:
قد أمّنتك.. فاذهب حيث شئت، أو خيرٌ لك من ذلك..؟
قال: وما هو؟
فقال: أن تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله.
فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأنك أنت رسول الله، والله يا محمد ما كنت أفْرُق (أخاف) من الرجال.. فما هو إلا أن رأيتك فذهب عقلي، وضعفت..
ثم اطلعتَ على ما هممتُ به ، فما سبقتَ به الركبان، ولم يطلع عليه أحد.. فعرفت أنك ممنوع ، وأنك على حق، وأن حزب أبي سفيان حزب الشيطان..
فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يتبسم.. ثم قام من عنده فلم يُعرف له أثر..
رواه البيهقي في الدلائل
ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسل عمرو بن أُمية الضمري لقتل أبي سفيان على إثْر هذا فلم يتمكن من الغدر
{إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}🌸