المغربية المستقلة: حسن المولوع
أكثر ما يسيء لقطاع الصحافة والنشر ليس هو بروز التفاهة والميوعة ، لأن ذلك يمكن معالجته (…) بل ما يسيء للقطاع هو تناحر الفيلة فيما بينهم ، وبسبب ذلك التناحر سيتضرر العشب ويزداد البؤس .
حينما يشتد الصراع ، تبدأ الإصطفافات والتخنذقات من طرف اللاهثين وراء أهداف مسطرة ، وهؤلاء هم العشب البئيس ، إذ سينقسمون إلى فرق ويكثر التمجيد ، ويبدأ الفضح بين الفِرق ، ويصبح التصفيق من طرف الرأي العام هو الفاصل بين الجميع ، والجميع سيخسر وتخسر المهنة التي ستصبح فرجة المتفرجين ..
سبب ذلك مرده هو كثرة الكيانات الهجينة التي لا تجمعها الا المصلحة المادية فقط، ليس لها أي مشروع للمجتمع وللبلاد ، أي أن هناك غياب مشروع فكري ملتزم بقضايا المجتمع والأمة في المقاولة الصحفية ،وهذا هو كنه العمل الصحفي ، فإذا غاب دعم الدولة سيذهب كل واحد لحال سبيله وربما يغير المهنة…
إننا نعيش أزمة كبيرة في القطاع ، أزمة مصداقية بالأساس( صحافة حرة ونزيهة ومسؤولة)، وأزمة اقتصادية ( اثمنة مرتفعة للورق والطباعة والتوزيع)، ازمة غياب دور تقليدي للصحافة وخلق رأي عام ، يعني غياب القراءة ورواد الراي الإعلامي (الصحفي المثقف والملتزم).
إن قطاع الصحافة والنشر ليس ككل القطاعات ، فأصحابه لا يسمح لهم أن يخطئوا ولا أن يكونوا فرجة أمام الرأي العام ، لأنهم هم النخبة التي تؤطر المجتمع ، فإذا كسروا صورتهم أمامه لن يصبحوا نخبة ولن يصيروا مؤثرين فيه ولا مؤطرين له، ولن يعود لهم أي دور كحال الأحزاب السياسية مثلا التي لم تعد تحمل الا الإسم وتعيش على إيقاع تصفية الحسابات وتسجيل الأهداف على بعضهم البعض ، ومصلحة البلاد تضيع ، وهذا ما أتوقع أننا سنسير إليه .
أكتب الآن وأنا جد قلق على هذا القطاع ، أكتب وأنا أتوقع بأن القادم من الأيام لن يمر بسلام ، فكما يقال أن “الطرح بدا يسخن(…)
لن أكون متفرجا ولا مصفقا ، كما لا يمكن لي أن أكون مكتوف الأيدي ، وبين هذا وذاك تنتصب الحيرة أمام غياب المجلس الوطني للصحافة الذي دوره الأساسي ، تنظيم المهنة وليس الوقوف وقفة المتفرج ، فالطبيعي أن يكون مؤسسة من مؤسسات الحِكمة، تعطي النصح والمشورة، ولا يركن للصمت وهو يرى أن القطاع يتفتت ، أتحدث هنا عن الطبيعي والمفروض في مؤسسة كمؤسسة المجلس ، لكن واقع الحال ليس هو التصور الذي نتصوره او الحلم الذي نحلمه ، فهو بدوره أصبح كيانا يضم فرقة من الفرق للأسف الشديد .
إننا اليوم لسنا في حاجة إلا التصفيق والتمجيد ونحن نرى مهنتنا يتشتث أصحابها ، بل نحن في حاجة إلى لم الشمل ، وهذا لا يكون إلا بالتفكير في حوار وطني يكون هدفه التشخيص ورسم خارطة الطريق ، يشارك فيه الجميع ، أصحاب المهنة ، وزعماء الأحزاب السياسية ، والخبراء ، والبرلمان، والمحامون ، وجميع النخب ، لأن القطاع يعني الجميع وليس هو لفئة دون أخرى .
وقبل كل ذلك ، أرجو أن تنتصب الحكمة والتعقل …
مع تخفيف الحجر الصحي بمناطق المملكة “المغربية المستقلة” تدعو متتبعيها لاتباع شعار: # نبقاو على بال #