المغربية المستقلة: جمال أكاديري كاتب و باحث
قضت المحكمة الدستورية بأن المصادقة على مشروع القانون رقم 26.20 المتعلق بتجاوز سقف الاقتراض الخارجي لا يتعارض مع دستورية القوانين .
و أبان قرار المحكمة الدستورية لأول مرة عن وجهة نظر دستورية المنحى و فسح هذا القرار المجال لسياسة الحكومة الحالية للمضي قدما في المجازفة المالية و الاقتراض مزيدا من المؤسسات الدولية لاستباق و تطويق مخاطر أي أزمة مالية مقبلة ناتجة عن تداعيات جائحة كورونا
فلقد تَقدّم العشرات من النواب البرلمانيين شهر ماي بإحالة للمحكمة الدستورية، يطعنون بموجبها بمخالفة مسطرة التصويت على القانون رقم 26.20 يقضي بالمصادقة على المرسوم بقانون رقم 2.20.320 الصادر في شهر أبريل 2020، المتعلق بتجاوز سقف الاقتراضات الخارجية لأحكام الدستور.
واهم ما جاء في رسالة الإحالة “أن عملية التصويت على القانون المعروض، جاءت مخالفة لأحكام الفصلين الـ 10 و 60 من الدستور، ولأحكام أخرى منه، ولمقتضيات المادة 156 من النظام الداخلي لمجلس النواب، إذ لم يتم الإعلان عن عدد أعضاء المجلس الحاضرين للجلسة العامة المخصّصة للتصويت على القانون المذكور، ولا تم احتساب عدد المصوتين عليه، ولا بيان تصويتهم بالموافقة أو الرفض أو الامتناع، وأن محضر الجلسة العامة أتى خاليا من هذه البيانات، وأنه، فضلا عن ذلك، تم احتساب أصوات أعضاء متغيبين، مما يشكل إخلالا بالحقوق التي ضمنها الدستور للمعارضة البرلمانية، وتفويضا محظورا بنص الدستور، للحق الشخصي لأعضاء مجلس النواب في التصويت”
وهكذا اعتبر نواب المعارضة أن الإجراء “غير دستوري بتاتا ” ويخالف مسطرة القوانين التنظيمية الداخلية
واحتجوا على هذا التصويت وأعربوا عن عن أسفهم لكون المحضر الخاص بالجلسة العامة أظهر تصويتاً إجماعيا من خلال 394 نائباً ، مع أنه لم يشارك ، بحسب هؤلاء المعارضين ، سوى 27 نائباً في إستطلاع جلسة ذلك اليوم
اذا طلعنا بشيء من التدقيق في قرار المحكمة الدستوري من وجهة تفسيرية سنجد أن طلب الإحالة من الوجهة الدستورية المحضة لا يقع ضمن نطاق اختصاصها لأن المحكمة الدستورية مسؤولة عن مراقبة وفحص دستورية القوانين فيما يتعلق بمطابقتها لروح اسمى قانون في البلاد والقوانين الموازية . على العكس من ذلك ، يندرج الطلب المذكور في إطار مساطر القوانين الداخلية التنظيمية لغرفتي البرلمان ، وتحديداً المادة 156. ثم حت حتى عند مناقشة الأسس و جوهر القضية المعروضة ، لم تجد المحكمة أي إساءة أو تقييد لحق البرلمانيين في التصويت كحق شخصي غير مفوض يكفله الدستور . وبالتالي ، وجدت أن القانون 26.20 يتوافق مع الدستور وقوانينه السامية
ومع ذلك ، من ناحية أخرى يمكن أن نرى في لجوء نواب المعارضة للمحكمة الدستورية اعتباره بداية تقليد ديموقراطي بنكهة أخرى و ممارسة تفتح النقاش حول الحاجة لتعزيز الجودة القضائية لهذه المؤسسة.
لانه بعد فترة طويلة من النداءات المتكررة بتفعيل مقتضيات الدستور وانزالها والخروج من حالة الجمود ، بموازاة ذلك ، يتطلب الامر فعلا رفع مستويات السجال القانوني وتوسيعه و وتوطيده و لجعل الممارسة القانونية الدستورية تراكم مجهودات في مثل هذه الأنواع من ملفات التقاضي و تجعل القضاة بدورهم يبذلون المزيد من التعمق القانوني في الفقه القضائي وبالتالي ، ينتجون المزيد من التجويد في مجالهم الخاص ،ومثل هذا ينبغي أن يجعل حداً للمواقف النمطية مثل تلك التي كثيراً ما تتم ملاحظتها في الاستحقاقات الانتخابية .
فهذه سنين مند وجود المجلس الدستوري و قبل حتى تحويله إلى محكمة دستورية ، كانت تتعلق غالبية قراراته بالنزاعات الانتخابية ، والطعن في نتائجها او تراقب نتائج الاستفتاء ……. وحتى الان للاسف مازال المنتخبون يفضلون حل خلافاتهم عن طريق التفاوض السياسي في الكواليس بدلاً من إخضاعها لمسطرة النظام القضائي وتحويلها إلى نقاشات قانونية دستورية يستفيد منها الكل .