سلسلة جلسات دينية يومية: سيرة المحبوب صلى الله عليه وسلم: ( جلسات: 173-174-175-178)

المغربية المستقلة:

سيرة المحبوب صلى الله عليه وسلم

الجلسة: مائة وثلاثة وسبعون

من أحداث السنة الثالثة

*غزوة بَحران: – بفتح الباء وضمّها ـ*

*- تاريخها:* كانت في ربيع الأوّل من السّنة الثّالثة من الهجرة.
*مكانها* : وذلك بمكان يدعى بَحران، بناحية الفُرْع ـ بين مكّة والمدينة ـ ، وكان بين الفُرع والمدينة ما يقارب سبعين ومائة كلم.

*- سببها:* أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم خرج يريد قريشا إذ مرّت بالفرُع..

*ـ عدد المقاتلين :* ثلاثمائة.

*ـ مدّة مكث النبيّ صلّى الله عليه وسلّم خارج المدينة:*
ظلّ ما يقارب الشّهرين..

*- نتيجة الغزوة:*
ـ لم يكن هناك قتالٌ بين النبيّ صلّى الله عليه وسلّم
وقريش.. لهروبها.

ـ زرع القلق والاضطراب في نفوس قريش على طريقها التجاري، وازداد قلقُها بحلول فصل الصّيف؛ فقد اقترب موسم رحلتها إلى الشّام..
{إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}🌸

___________________________________________________

 سيرة المحبوب صلى الله عليه وسلم

الجلسة: مائة وأربعة وسبعون

من أحداث السنة الثالثة
*خسائر قريش التجارية*

لما رأت قريش قوة المسلمين الضاربة على طرق تجارتها.. فكرت بأن تتخذ طريق الساحل للتجارة؛ ثم عدَلت بفكرها عنه لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد وادع أهل الساحل ودخل عامتهم معه..

فحينئذٍ قام صفوان بن أميّة وهو الّذي انتخبته قريش لقيادة تجارتها إلى الشّام، بعد أن صار أبو سفيان زعيمَها، فقال صفونُ:

( إنّ محمّدا وصحبَه قد عوّروا علينا متجرَنا، فما ندري كيف نصنع بأصحابه وهم لا يبرحون السّاحل ! وما ندري أين نسلك !؟
وإن أقمنافي ديارنا أكلنا رؤوس أموالنا، فلم يكن لها من بقاء !)

ودار بين الزّعماء حديث طويل .. كان بإمكانهم أن يرجعوا إلى أنفسهم، ويعلموا أنّ الله تعالى قد بدأ بتعجيل عذابهم في الدّنيا.. ولكن.. نطق الأسود بن عبد المطّلب وقال لصفوان:

*” تنكّبْ الطّريق على السّاحل، وخذْ طريق العراق !”،*

وهي طريق طويلة جدّا، تمرّ بكلّ نجد حتّى تصل الشّام، وهم في فصل الصّيف !

فوافقوا على ذلك واتخذوا دليلا يدلهم على الطريق.. هو فرات بن حيّان من بني بكر ين وائل.

👈🏼 وخرجت عير قريش في سِرِّية تامّة ..لا أحد يعلم بثنايا الطّريق إلاّ دليلهم .. وقائدها صفوان بن أميّة.

ولكنّ الله تعالى بالمرصاد:{وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ} .

*فقد طارت الأخبار إلى المدينة .. بخبر سُليط..*

تقول الحادثة: كان نُعَيْمُ بنُ مسعود -وكان لا يزال على شركه – في سَمَرٍ مع أحد خلاّنه، وهو سُلَيْطُ بنُالنّعمان – وكان قد أسلم وكتم إسلامه -، فأخذت الخمر من نُعَيْمٍ مأخذَها، حتّى تحدّث عن خبر العير، وطريقها، وما تحمله من فضّة وأوانٍ وغير ذلك !
فأسرع سُليطُ بنُ النّعمان إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ينقل إليه الخبر، فقام رسول الله بتجهيز سرية زيد بن حارثة.

*سرية زيد بن حارثة :*
*قوامُها:* مائةُ راكب.
*أميرها:* زيدَ بنَ حارثة رضي الله عنه.
*أحداثها:* أسرع زيدٌ حتّى دهم القافلة بغتة، وكانت العير تريد أن تنزل على ماء في أرض نجد يقال له ” قَـرَدة “..
ـ فاستولى على عيرهم كلّها: إبلِها وما تحمله من متاعٍ وأوانٍ، وفضّة.
ـ وأسروا دليلهم فراتَ بن حيّان ورجلين معه.
ـ وما كان من صفوان بن أميّة ومن معه إلاّ أن فرّوا يجرّون أذيالَ الهزيمة والخيبة العظيمة، دون أدنى مقاومة، فلم يكن هناك قتال.
ـ ورجع زيد بن حارثة رضي الله عنه إلى المدينة بالقافلة المحمّلة، قُدِّرت قيمتها بمائة ألف، قسمها النبيّ صلّى الله عليه وسلّم على المقاتلين بعد أن أخذ الخمس.
ـ وأسلم فرات بن حيّان على يدي النبيّ صلّى الله عليه وسلّم.

وكانت مأساة عظيمة على قلوب المشركين من قريش، ونكبة كبيرة على صدورهم !
فها هو النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يُذيقُهم مرارةَ الهزيمة مرّة أخرى، فاشتدّ همّ المشركين وعظم غمّهم..

فكان ذلك مقدمة لغزوة أُحُدٍ…
{إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}🌸

____________________________________________

سيرة المحبوب صلى الله عليه وسلم

الجلسة: مائة وخمسة وسبعون

من أحداث السنة الثالثة

*زواج السيدة حفصة من رسول الله*

كانت السيدة حفصة بنت عمر رضي الله عنهما تحت خُنَيْسِ بنِ حذافة السّهميّ رضي الله عنه، فمات بعد غزوة بدر على الصّحيح، كما قال الحافظ ابن حجر في “الإصابة” و”فتح الباري”.

فأراد سيدنا عمرُ رضي الله عنه أن يختار لها زوجا برّا حَيِيّا، عفيفا تقيّا ..

فأدار عينيه في وجوه أصحاب النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فلم يجد أفضل من عثمان رضي الله عنه حينئذ، وازداد اطمئنانه إليه أنّه هو أيضا لا يزال مفجوعا بموت قرّة عينه رقيّةرضي الله عنها.

وفي السّماء شيء آخر .. فإنّ الله تعالى يريد لحفصة رجلا أفضل من عثمان رضي الله عنه، ويريد لعثمان امرأة أفضل من حفصة  ..

ولندعْ عمر بن الخطّاب رضي الله عنه نفسه يحدّثنا عن ذلك .. روى البخاري ومسلم عن عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ عُمَرَ حِينَ تَأَيَّمَتْ حَفْصَةُ بِنْتُ عُمَرَ مِنْ خُنَيْسِ بْنِ حُذَافَةَ السَّهْمِيِّ، ـ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم قَدْ شَهِدَ بَدْرًا ـ ،  تُوُفِّيَ بِالْمَدِينَةِ، قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: فَلَقِيتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رضي الله عنه، فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ حَفْصَةَ ..”.
قُلْتُ: إِنْ شِئْتَ أَنْكَحْتُكَ حَفْصَةَ بِنْتَ عُمَرَ..
قَالَ عثمان:سَأَنْظُرُ فِي أَمْرِي “.

قالَ عُمَرُ: فَلَقِيتُ أَبَا بَكْرٍ، فَقُلْتُ: إِنْ شِئْتَ أَنْكَحْتُكَ حَفْصَةَ بِنْتَ عُمَرَ.

فَصَمَتَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه، فَلَمْ يَرْجِعْ إِلَيَّ شَيْئًا، فَكُنْتُ عَلَيْهِ أَوْجَدَ مِنِّي عَلَى عُثْمَانَ !

فَلَبِثْتُ لَيَالِيَ..

ثُمَّ خَطَبَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم، فَأَنْكَحْتُهَا إِيَّاهُ ..

فَلَقِيَنِي أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه، فَقَالَ: لَعَلَّكَ وَجَدْتَ عَلَيَّ حِينَ عَرَضْتَ عَلَيَّ حَفْصَةَ فَلَمْ أَرْجِعْ إِلَيْكَ ؟
قُلْتُ: نَعَمْ.
قَالَ: فَإِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِي أَنْأَرْجِعَ إِلَيْكَ فِيمَا عَرَضْتَ إِلَّا أَنِّي قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم قَدْ ذَكَرَهَا..فَلَمْ أَكُنْ لِأُفْشِيَ سِرَّ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم، وَلَوْ تَرَكَهَا لَقَبِلْتُهَا…

وهكذا أُعِدّ لحفصة رضي الله عنها حجرةٌ أخرى في الجهة الشّرقيّة من المسجد، إلى جانب حجرتَيْ عائشة وسودة رضي الله عنهنّ جميعهنّ.

*وبعد أيّام، زوّج النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ابنتَه أمَّ كلثوم من عثمان بن عفّان رضي الله عنه ..* فصار يلقّب بذي النّورين رضي الله عنه، لأجل ذلك.

ـ ولم تقف الفرحة عند هذا الحدّ، فمضت الأشهر، حتّى جاء شهر رمضان، فأكرم الله النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بـ:
مولد الحسن بن عليّ رضي الله عنه من فاطمة رضي الله عنها.

___________________________________________________

 سيرة المحبوب صلى الله عليه وسلم

الجلسة: مائة وستة وسبعون

من أحداث السنة الثالثة

*ولادة سيدنا الحسن*

وُلِد سيدنا الحسنُ رضي الله عنه في العام الثّالث من الهجرة، في النّصف الثّاني من شهر رمضان.

فعوَّض الله تعالى نبيَّه صلّى الله عليه وسلّم بهذا المولود المبارك عن ولديه الّذين تُوُفّيا بمكّة، ولم يعِش منهما أحد:

فالقاسـم – وبه يُكنّى صلّى الله عليه وسلّم – مات صغيرا قبل المبعث، أو بعده بقليل.

وعبدُ الله – ويُلقّب بالطّاهر والطيّب – وُلِد بعد البعثة، ومات صبيّا.

وها هي فاطمة رضي الله عنها تضع بين يدي النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أوّلَ حفيدٍ له ..

نعم، إنّه لن يقال: ابن محمّد .. ولكن حسْبُه أن يقال: سِبط سيدنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم .. فهو بَضعة من بَضعة منه صلّى الله عليه وسلّم، حتّى صار النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يدعوه بقوله: (( اِبْنِي )).

فابتهج له قلبه صلّى الله عليه وسلّم ، وقرّت به عينه ..

♡ ومن أراد أن يعلم وزنَ الحسن في قلب النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فليستمع إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وهو يرسلها مدوّيةً إلى قيام السّاعة:
(( اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُ فَأَحِبَّهُ، وَأَحِبَّ مَنْ يُحِبُّهُ )) متفق عليه.

ولْينظرْ إليه صلّى الله عليه وسلّم بعد شهور معدودات، أو سنوات قليلات، وهو يخطب عل المنبر، فيرى الحسنَ يحبو بالمسجد أو يركض، فيحمله، واضِعاً على كتفيه وسام الشّرف والسّيادة.

روى البخاري عنْ أبِي بَكْرَةَ رضي الله عنه قالَ: بَيْنَا النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم يَخْطُبُ، جَاءَ الْحَسَنُ رضي الله عنه، فقالَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم:

( ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ )

سيِّدٌ في الدّنيا؛ لأنّه سيكتب له القبول في القلوب، ويكفّ الله به شرّ الخطُوب ..

وسيّد في الآخرة؛ لما رواه التّرمذي عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ )).
{إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}🌸

Loading...