المغربية المستقلة : عبد الله الجعفري
قصة تاجر عصامي ناجح الجيل الحالي من أبناء مدشر اكادير اوزرو اقا إقليم طاطا . لا يعرف الكثير عن قصة هذا التاجر .
ابتدأ أحمد اوهمو مشروعه التجاري أواخر السبعينيات من القرن الماضي ، و كان له دكان بمنطقة تاملالت حيث مسكن الوالدين . كان أحمد اليافع قد بدأ مزاولة نشاطه التجاري بمحله فبادر لتوفير كل مستلزمات الحياة لساكنة الدوار . احمد اوهمو كان تاجر بقال مزح في تجارته انداك بين بيع المواد الغدائية و الفحم و الابواب و الاسمنت و الاخشاب الداعمة المستعملة في البناء من الكالبتوس. حققت تجارة اوهمو رواجا كبيرا في ذاك العهد . قبل أن تأتي الكارثة الأولى خلال إحدى صبحيات سنة 1980. هجوم الطغات من البولوزاريو على المدشر كلف اوهمو خسارة كبيرة لتجارته، حيث مع فجر شهر يناير 1980 . تم الاستيلاء على كل ما هو متوفر داخل دكانه و حرق ما تبقى من ذالك .
لم يفشل اوهمو فسرعان ما استجمع قواه و اكترى محل آخر بالقرب من محله القديم شيده على بقعة أرضية من حديقة منزل محمد اوبراهيم اعبد المالك. سرعان ما عاد أحمد لمزاولة مهنته بعزيمة كبيرة لملم قواه و عاد اكثر مما كان . أنشأ أحمد محله وأضاف لمبيعاته مادة التبغ بعد أن حصل على رخصة بذالك. في وقت كان محل التبغ الوحيد بالمدشر هو محل دا أحمد اكنو. بمنطقة ايت اولك.
عادت الحياة لطبيعتها بعد توقف لم يدم سوى بضعة أشهر ليصبح اوهمو التاجر الأول بالمدشر في وقت كان فيه اكادير اوزرو يعج بالمتاجر و التجار الناجحين. كفرجي و اوكنو و اولكانون و كوري و مولاي و اومحمود و كادوم وساسي و اوكايا و ،دا أحمد اولواد، دا امحمد . هشوم اومحمد اوبولمان و بوبكر اوهشوم . دون ان نستتني دكاكين إكران دا اوبقسيم و بابا حمان و فاضل .. تجارة مزدهرة انداك بالمدشر تجد كل ما تحتاجه عند الباعة من اثواب و مواد البناء و المواد الغدائية و كل مستلزمات الحياة بما فيها الغاز المستعمل انذاك في الإنارة( لامبا) او اخشاب التدفئة و الطبخ. و مجازر امي اكادير . شتان بين أمس اكادير اوزرو و حاضره لجيل اليوم الذي قد يضن ان حاضره افضل على عكس من ذالك .
كلهم انقرضت تجارتهم اليوم فضل اوهمو صامدا مطورا مشروعه التجاري إلى أن جاءت فيضانات ابريل 1995.
تلك قصة أخرى ” أحمد اوهمو” دات مساء مشؤوم لماضي هذا المدشر هطلت أمطار رعدية ساعة منها كانت كافية لتمسح منطقة تاملالت بالمدشر من خريطته. فكان اوهمو مع الوعد التعيس، مرة أخرى انهارت تجارة الرجل و أتى الوادي على محله التجاري كما أتى على الاخضر و اليابس في فيضانات خلفت آثار سلبية لازال المدشر يجر تبعاتها حتى الآن. احمد اوهمو التاجر عادت به البوصلة مرة أخرى بعد أقل من عقد ونصف لنقطة الصفر فأصبح التاجر مفلسا و هو الذي بالكاد نسي تعاسة التمانين ليعيش الأسواء منتصف التسعين .
افلس اوهمو و لم يستسلم التاجر الطموح إذ سرعان ما عاد اقوى بعد سنتين من التوقف. هذه المرة حصن التاجر نفسه بعد أن شيد بناية عصرية بمواصفات مضادة للكوارث، رغم أن موقعها غير مؤمن إلى حد ما حسب الخبراء . الا ان احمد سرعان ما عاد من جديد بطريقة عصرية و محل تجاري قلما تجد له مثيل بأكبر المدن المغربية . متجر تتوفر فيه كل المستلزمات الضرورية و الغير ضرورية . تنازل اوهمو هذه المرة عن بيع التبغ لعله فأل شؤم عليه فطور تجارته محافظا على ابتسامه المسموعة آنذاك عبر ربوع المدشر خصوصا بالصيف حيث الهدوء يعم ارجاؤه لا ينافسه سوى قهقهات ضحكات أحمد و التي كان يفسرها العموم لنا إذ داك ونحن صغار على أن زبون يحمل أموال قد حل بمحل اوهمو.
كبر أحمد في السن و عادته التي عرفناه به صغارا لازالت هي لم تغيره السنين فيها بشاشة و ترحيب كلما حللت بدكانه يعرض عليك الجديد و الاثمنة التفضيلية لديه و يدعوك لاقتناء حاجياتك فلا تكاد تنصرف من بوابة دكانه الا و وجدت نفسك اقتنيت ما أتيت من أجله و ما لم تكن تشتهيه. فتلك عادة الرجل و سحره في إفراغ جيوب الزبناء . فتنصرف لكن قبلها استعد لتحية وداع حارة من الرجل بعد أن يقبض على يديك كقبضة المقراط مع قهقهات مسموعة قبل الانصراف .
من حسنات الرجل ان فضله عم اهالي المدشر فمتى كانت دات العوز قد حلت بزبون له ، فإن اقراضك ما تشتهي لا يمكن أن يكون سوى بنفس اسلوب ودعك به وانت تجود عليه بالأموال.
تلك قصة واقعية اقرب للخيال لتاجر بدأ صغيرا و نحن كبار و نمت تجارته ونحن كبار . و نتدكر كيف كان أحمد قبل دهابنا لفصول الدراسة مع فجر كل يوم يركب دراجته من نوع ( موبيليت حمراء) كي يأتي بالخبز الساخن من فرن السوداني، فتجد اوهمو واضعا عصى على باب الدكان كاشارة على غيابه ، فننتظر وماهي الا لحظات حتى يعود محملا بالخبز ، سرعة دراجة اوهمو كالبرق ونحن نصادفه في الطرقات داهبين إلى المدرسة . و نشهد على الرجل انه منذ نعومة اظافرنا كان مواضب على الصلوات في وقتها بالمسجد و حارس محله كان دائما تلك العصى التي يضعها كعلامة على غيابه . في زمن كان فيه الأمن و الأمان . فشتان بين ماضيك مدشري و حاضرك اليوم ليبقى ” التاجر أحمد اوهمو ” رمز بهذا المدشر . و لحكاية قصته فصول أخرى لا يستوعبها النشر .
________________________________________________
موقع المغربية المستقلة يدعو متتبعيه للإلتزام واتباع التعليمات و التدابير الإحترازية التي اتخذتها السلطات طوال فترة الطوارئ الصحية ، والتي لم تنتهي بعد حفاظا على سلامتكم و سلامة البلد ” بقاو في ديوركم”.