كتاب الرأي: ما بعد كورونا خط أحمر: بقلم محمد أكمي

المغربية المستقلة: بقلم محمد أكمي

لقد أصبح موضوع جائحة كورونا يشغل بال جميع الصحف العالمية والقنوات ومواقع التواصل الإجتماعي والإنسان العادي حول العالم، الكل خائف من هول المصيبة لما نراه من الارقام كل يوم، الكل يشُم رائحة الموت وفقدان الأحبة ودفنهم بعيداً غن ذويهم وحبس الأنفاس البشرية. لقد تغير كل شيء تماما تدهور الاقتصاد العالمي توقفت مجموعة من الأنشطة التجارية والاقتصادية والسياسية والتعليمية، الكل يترقب الاخبار بصمت في جحورهم، لا أحد يعرف من أين أتى هذا الفيروس! هل من الخفاش؟ أم من مختبرات الفيروسات (نطرية المؤامرة)، ولا أحد يملك ذراية بكيفية إيقافه ولا أحد يعلم متى سينتهى، وما نعرفه ونراه أن المستقبل لن يكون كالمعتاد سوف تنقلب الأمور رأسا على عقب، مجموعة من الأسئلة لن نعرف أجوبتها إلا مستقبلا بعد ظهور مؤلفات عن كورونا، سوف نقوم فى مقالنا هذا إعطاء بعض الإيجابيات التي أتت بها كورونا وسلبياتها وتدعياتها على مستقبل الاقتصاد ولما له من تأثير على الفرد والمجتمع والسلوك الإجتماعي كذلك.

من إيجابيات الفيروس أنه أعاد قيماً إندثرت في الآونة الأخيرة ،تتمثل أساسا في تضامن الشعوب والمجتمعات، وكرس فكرة أنه لا مفر من هذه الحقيقة الكونية، الفيروس أعطى لنا درساً أن نعيد ترتيب الاولويات الإنسانية، وأول ما يتوجب أن يوضع في المرتبة الأولى هو العلم والبحث العلمي وتشجيع العلماء والأطباء الذين هم فى ساحة المعركة الان ، فثلة في الميدان لإنقاذ الأرواح وثلة أخرى تبحث عن اللقاح. الفيروس أزال كذلك الطائفية والمذهبية ودمجها في قالب الوطنية وجعلنا نترك الإختلاف جانباً، والتوجه صوب المصلحة العامة لتجاوز الخطر الداهم.
إضافة الى تراجع نسبة الثلوت حتى تنفس العالم أخيرا وساده الهدوء والسكينة، لقد لقن هذا الفيروس دروساً لتلك الدول التي تتصارع فى السباق نحو التسلح، من صناعة الأسلحة النووية والذرية والهيدورجية، ولم تستطيع الصمود أمام فيروس غير مرئى وأشد فتكا، مايمكن قوله في هذا الصدد أنّ الفيروس حول العالم إلى قرية صغيرة ،وأكد ماقاله عالم الإجتماع الكندي “كلوهان مارشال” ‘أنّ العالم بات قرية صغيرة.

أما سلبيات الفيروس كانت أشد خطرا نطراً لارتباطه بالوجود البشري واستقراره، وسوف نحاول في هذا الشق تعزيز هذا؛ بنظريات تأكد وترسم صورة كارثية لمابعد كورونا خصوصا على مجتمعاتنا المغاربية.
إن الإجراءات المتبعة فى مجتمعاتنا أقل ما يقال عنها أنها احترازية وأكثر صرامة وقسوة، ولها تأثير على كافة الاصعدة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، هذه الإجراءات جعلت الملايين من العمال عاطلين عن العمل وفاقدي مصدر رزقهم وقوتهم اليومي في شتى المجالات، تراجعت عجلة الإقتصاد والإنتاج وتوقفت مجموعة من الأنشطة التجارية ومنها تضررت مجموعة من المقاولات والشركات، وفيما يخص القطاع الغير مهيكل شُلت حركته تماما، كل هذا سوف يترك أثارا رديكاليا خطيرا أكثر من كورونا، وهذا ما أكده مجموعة من الباحثين في مقدمتهم الباحث الأمريكي “فريدريك” فى مقال له على صحيفة نيويورك ثايمز، حيث قال إن الانتفاضات الشعبية وإرهاصتها سوف تبقى قائمة، ومن المحتمل حذوث ربيع (عربي) جديد، يمكن القول إن الأنظمة القائمة ببلدان شمال أفريقيا إستغلت هذه الجائحة لإخماد نار مجموعة من الإحتجاجات المنادية بإسقاط الفساد وتحسين الأوضاع الاجتماعية وصون الحريات وتعتبر الجزائر خير دليل ولبنان وإيران والعراق فى الشرق الأوسط.

إن كل هذه التنبواءات التي وضعها مجموعة من الباحثين فى مجال المستقبل بعد كورونا يوحى بأن الوضع سيكون متشائما ولا يبشر بالخير، وهذا إنذار للحكومات المغاربية على العمل واستغلال وقت الجائحة لإعادة ترتيب السياسة ومهام السلطة، ووضع إستراتيجيات عمل محكمة لتفادى الخطر القادم لا محالة، وربما المغرب أدرك ذلك جيدا واستفاق من هول الصدمة، وفكر فى خارطة إنقاد الاقتصاد الوطني ،فقد دعت مجموعة من الدول 13 من بينها المغرب والمكسيك وكندا وألمانيا وفرنسا… إلى تعاون عالمي للبحث عن حلول عملية لتقليل من الاثر السلبي للاقتصاد الذي تسببها فيه هذا الفيروس.

أقول بأن قيم الديمقراطية والحرية الفردية والعدالة المفقودة أصلا ستبقى حلما بعيد المنال ،ولن نرى إلا مزيدا من القمع والحيف، وإرتفاع البطالة وما علينا إلا مزيدا من الصبر حتى نستطيع متصاص الصدمات.

Loading...