جنسان في واحد….

بشرى الماروتي
انتشرت في السنوات الأخيرة ظاهرة غريبة جدا عن الدين الذي حرمها و عن العرف الذي استنكرها و يستنكرها،
ظاهرة تشبه الرجال بالنساء و النساء بالرجال لغاية في أنفسهم تختلف من جنس لآخر.
هنا أريد أن أتكلم عن أهم الأسباب التي اجبرت أغلبية النساء على تغيير مظهرهن من الأنثى إلى الذكر و من بينها هذا المجتمع الذكوري الأعراف و التفكير و الأخلاق و السلوك حيث أن الأم هي أول من تفرق في تربيتها بين الذكر و الانثى و تعطي الحرية المطلقة و السلطة الكاملة للذكر الابن فتنهح بذلك طريق الأجداد و الأسلاف و تغذي عقل ابنتها بأفكار لا يقبلها لا العقل و لا المنطق متناسية أنه لا فرق بين الذكر و الانثى.
ما زالت أفكار الجاهلية الأولى تروج وتحوم حول العقول العربية التي تقر بجهلها أن الذكر حر يفعل ما يريد و لا أحد يمكن أن يمنعه على عكس الأنثى هي العار الذي لا يجب أن يغادر البيت أو يدرس أو يخرج إلى العمل معتقدا أنها خلقت للنكاح او لتسلية الرجل بعد أن تنتهي من أشغال البيت و انها خلقت للاستعباد في حين أن الله خلقها حرة مثل الذكر، الام العربية تربت على الخوف و الطاعة دون تحكيم العقل أو مقارنة بين ذاك العهد القديم و هذا العهد الجديد حيث انها ما زالت ترى أن خروج الانثى من البيت لن يكون سالما و سيعرضها للاغتصاب و التحرش الجنسي و اللفظي و أنها لا يمكنها أن تحمي نفسها مثل الذكر وفي حالة ما إذا سمحت بخروجها أو تعليمها يجب أن تعود إلى البيت قبل غروب الشمس و ألا تختلط بالذكور علما أن المؤسسات التعليمية و مواقع العمل أيضا و الحافلات،المستشفيات،الملاعب و المقاهي كلها أماكن مختلطة.
كل النساء اللواتي أجبرن على الخروج و تمردن على جنسهن و االتقاليد و الاسرة و على الواقع المرير للمجتمع الذكوري ،اردن فقط تحدي الفقر و البحث عن لقمة العيش بطرق حلال بعيدا عن التسول أو الفساد أو السرقة بعد أن غيرن مظهر لباسهن و ملامح الأنوثة باحترافية كبيرة حيرت المجتمع بأكمله ردا على هذه الأعراف البغيضة التي احتقرتها منذ زمن بعيد و ما زالت تحتقرها و تحتحزها في بيتها بحجة أنها انثى ضعيفة و عاجزة لا يمكنها أن تجد حلولا لمشاكلها و تمحي صورة المرأة الغبية و تدافع عن نفسها بنفسها في غياب الأمن و القانون. هذا الغياب و الانحلال الأخلاقي للمجتمع الفاسد بذكوره و نسائه هو الذي دفعها الى طمس معالم الأنوثة كتغيير نبرة الصوت و امتهان حرف تصعب على بعض الرجال و ممارسة كل انواع الرياضات الحربية تحسبا لأي طارئ و هي خارج البيت و لتمويه ذئاب الليل و النهار و لتفرض وجودها و قوتها و احترامها داخل مجتمع تحس وكأنه غابة للأقوياء فقط، غابة لا تعترف بالنساء،هي مأوى للرجال فقط.
أحيانا نتساءل كلما مرت امرأة في صورة رجل من أمامنا، نتساءل و نحن الأدرى بخبايا مجتمعنا و عن حجم معاناة المرأة المغربية داخل المجتمع الذكوري،نتساءل بصوت مرتفع و كأننا نجهل الاسباب الحقيقية وراء تدمرها و عنادها ربما نعم و ربما لا، لكننا يجب أن نطرح تلك الأسئلة المتسلسلة لإشباع فضولنا فنقول: لماذا يجب أن تظهر المرأة مثل الرجل في مشيه و كلامه و صوته و لباسه و قصة شعره ؟ لما تدخن؟هل اعتقاداً منها أن السيجارة للرجل فقط،؟ لماذا يجب ان تتلف ملامح الأنوثة حتى تفرض الاحترام و القوة؟ ولماذا يجب ان تجالس الذكور لكي تحمي نفسها و يصدق الكل أنها ذكرا مثلهم ويتعاملوا معها على هذا الأساس وقد ينادونها بأسماء الذكور و إذا ما عاكسوا امرأة نسوا انها عنصرا نسويا بصفة رجل؟ لما يجب أن تشبه الرجل في كل شيء حتى في شهواته الجنسيةو ميولاته الطبيعية؟لما تتحول إلى سحاقية في غفلة منها؟ و لما تكره جنس الذكور في حين أنها تبدل قصارى جهدها لتصبح منهم؟ هل هو حقد أم انتقام من الأنوثة ليس إلا؟
تطرح كل هذه الأسئلة و تنسى انها قبلك بسنوات طرحت أكبر منها و أعظم، و مثلها من صدقت أنها رجلا فعلا لما لقيته من وقار و إعجاب من النساء و الرجال معا و منها من رفضت الزواج بمثل جنسها لانها أصبحت تؤمن أن القوة تكمن في الذكورة و يجب أن تظل الأقوى و منها من عزفت عن الزواح نهائيا لأنها لم تقبل بفكرة أن المرأة للنكاح و تسلية الرجل و الإنجاب .و رغم كل هذا النكران لذات الانثى تظل المراة نفسها تتساءل و تتساءل حين لا تدرك متى ستظل تتقمص شخصية الرجل وتكذب على نفسها ومتى سيأتي دورالأنوثة، هل ستجيده كما دور الذكر؟ وهل يمكن أن تعيش أنثى بأرض دون خوف من اعادة نفس التجربة ؟ هي مثلك تطرح أسئلة محيرة وأخرى معقدة لا أجوبة لها و لن تكون، مادام الأمن منعدما سيظل قانون الغابة سائداً و لن يتغير ولن تزيل عنها قناع الذكر و شخصية الرجل كي تحمي نفسها بنفسها من قطاع الطرق ومن الذين لا ينتهون من المعاكسات و ملاحقة جسدها صباحا و مساءا و من أفكار الأجداد و الأسلاف العقيمة التي لا تقدم و لا تؤخر شيئا بل أدت فقط إلى الانحرافها السلوكي و الأخلاقي و العزوف عن حياة الانثى حبا في حرية الذكر في حين كان يمكنها أن تحقق كل ذلك و هي انثى و امرأة و انسان ذو كيان و وجود له الحق في الحرية و الكرامة و المساواة باعتراف من الأم و الأب و الإخوة و الزوج و المجتمع بما فيه السلطة و القانون بعيدا عن كل هذه الإكراهات.

Loading...