القيادة سلوك و أخلاق قبل القوانين

رأي الكاتبة : بشرى الماروتي

قد يبدو الموضوع له علاقة قوية بحوادث السير و أسبابها و المسؤول الأول عنها و هو كذلك ،لكني لست هنا لاتكلم عن موضوع ارهق الجميع دون أن يتغير لأن التغيير يجب أن يكون في تغيير سلوك السائق قبل تلقينه قانون السير و كيفية التعامل مع البنية التحتية للبلد المتواجد فيه.
موضوعي اليوم و هو سلوك السائق المغربي و أخلاقه اثناء القيادة و كيف يكون المسبب الرئيسي في الحوادث من اصغرها إلى أكبرها.
كل هذه المدارس التي سهرت و ما زالت تسهر على تعليم السياقة للبالغين و ما فوق ذكورا و إناثا فشلت فشلا تاما في الحد من حوادث السير او التخفيف منها لانها لم تتطرق الى ما هو أهم من بيداغوجيات السياقة و قوانينها و حتى الوزارة المكلفة لم تضع قوانين جزرية و غرامات مالية لكثير من السلوكيات التي تزعج الراجلين قبل الراكبين و لم تحدد أنواع العربات المسوح لها بالمرور و العبور، كل من هب ودب يقود و يعبر الشارع: القطط، الكلاب، الاحصنة و الحمير و الباعة المتجولون،كل هؤلاء من بين المسببات التي تؤثر على سلوك السائق.
أغلب الذين يمتلكون السيارة او اي وسيلة اخرى لا ينظمون وقت خروجهم من البيت إلى العمل سواء تناولوا وجبة الإفطار أو تشاجروا مع أحد أفراد الأسرة أو لم يحدث شيء من هذا القبيل.
دعوني اصف لكم سلوك السائق المغربي العادي (الهادئ )و الغير العادي ( المتهور ) هنا اقصد كل من يركب أي وسيلة تنقله من الشارع إلى مكان آخر : (العمل، البيت، المدرسة و الجامعة إلى مدينة أخرى إلخ . ….) إذ لا فرق بينهما أبدا بل الأول هو نفسه الثاني بمجرد أن يضع القناع على وجهه و يده على المقود و رجله على الفرامل و بما انه خرج في آخر لحظة من بيته سيقود بسرعة مخيفة تحوله من انسان مسالم الى أكبر متوحش و إرهابي في الطريق دون وعي منه لأنه لا يبصر أحدا رغم الازدحام و الضوضاء ولا يسمع إلا لصخب الموسيقى التي يفرضها على من هم حوله من الافراد إلى المؤسسات التعليمية و المستشفيات ، الكل متأخر و الكل يريد ان يصل في الوقت الذي أصبح غير مناسب ابدا، للاسف الشديد بعد أن يضع قناع الغول لا يكف عن استخدام المنبه طوال الطريق دون سبب يزعج به الراجلين و السائقين من حوله و يخيف به المرضى و الحوامل و الحيوانات أيضا و قد يقتل إحداها دون أن يدري يجعل من المنبه آلة عزف أو وسيلة تواصل يبعد بها الآخرون عن طريقه متناسيا أن المنبه هو ايضا من المسببات الرئيسية في الحوادث المرورية، بالنسبة اليه لا يجب أن يوقف السيارة و كأنه في حلبة السباق حيث لا قوانين تحكمها سوى نقطة الانطلاق و الوصول، يتجاوز الأول والثاني فالثالث و يسابق ألوان الإشارات الضوئية كانها غير موجودة، يسرع قبل أن يتحول لون الإشارة إلى الأحمر ثم ينظر حوله اذا ما شرطي المرور عند آخر الشارع ليواصل أو يتوقف و إذا ما رأى أحدهم هناك أكمل القيادة دون احترام لحق الاسبقية او مرور الآخرين من الراجلين أو الراكبين و كأن إلزامية الوقوف رهينة بوجود الشرطي، و اذا ما اوقغه قدم له بضعة دراهم كرشوة تشجيعاً على الفساد و خرق القوانين واذا ما تعذر عليه الأمر سلك طريقا اخر ممنوعا دون أن يأبه لقدوم المسموح لهم اولا و إذا نبهه سائق مثله رفع يده و سبه و اهله باقبح الكلام على الملأ و كانه ليس خطأه.
ولانه فقد اعصابه يعير الناس و يشتم هذا و يبصق و يهين التي في نظره لا يجب أن تقود السيارة سيلعن الوظيفة و المدير و الدولة و المسؤولين الذين لم يوسعوا الشارع و لم يرمموا الحفر و يلعن المدينة و الازدحام و قد يقود و الهاتف النقال بين يديه لأنه يجب أن يفسر سبب التأخير لمديره وغالبا ما يرى أن الآخر هو السبب وليس هو ،و هو يقود يعرقل السير يزاحم هذا و يسد الطريق على ذاك ،يلف من فوق الرصيف لأنه عاجز عن الوصول إلى نقطة الأضواء الثلاثة كي لا يلف أو يقف و إذا اضطر إلى الوقوف عند الإشارة و أمامه سيارة بداخلها امراة ازعجها و كل من حولها او معها بالمنبه و هو يسبها و كأن القيادة اختصاص الذكور دون الإناث لتنتقل العدوى إلى الجميع و كأنهم يتحدثون يتواصلون عبر(الكلاكسون).لما كل هذه الضوضاء و هم واقغون؟ هل يعترضون على الإشارة الحمراء! و إذا ما تحولت إلى الخضراء واصل الضغط على المنبه و سب السائق الذي عانده و ابى أن يقود سيارته ليدخل معه في لعبة التحدي و ليرى ما الذي سيفعله و هل سيتمكن من تجاوزه أمام كل هذا الازدحام أم سيتعمد ويصطدم بسيارته ؟ طبعا لن يستطيع ابدا و إنما سينزل من سيارته ليتجه غاضبا نحوه و يأمره بقلة أدب بالانطلاق، هنا لا أحد سيتدخل لحل المشكلة رغم أن الكل عالق بل سيرتفع صوت المنبه اضعافا مضاعفة لعزف اكبر سمفونية مزعجة لم تسمعها أذنك من قبل و سيصورون ما يحدث بالصوت و الصورة و منهم من يتساءل عن السبب و منهم من يبحث عن شرطي المرور و كأن الأمر كله يرجع إليه و لا يعنيهم ابدا. متى ندرك أننا نحن النظام و نحن التغيير؟إلى متى سنظل نبحث عن المسؤول لينظمنا و نحن المسؤولون كلنا مسؤولون عن انفسنا ما دمنا نحن من يقود السيارة ، نحن بالغون و قادرون على التمييز و تقدير المواقف التي نواجهها، قادرون على حل مشاكلنا لكن الأنانية تبعدنا،و لا تقربنا، تفرقنا و لا توحدنا ،إلى أن وصلنا إلى ما وصلنا إليه من توثر دائم و حقد و كراهية لبعضنا و لهذا البلد و للذين اعتقدنا و ما زلنا نعتقد انهم المسؤولون.
أيها السائق إن لم تبادر بتغيير نفسك لن يبادر احد بتغييرك لأنك انت الأدرى بعيوبك و سلوكك قبل غيرك، القيادة أخلاق و سلوك، يجب أن تكون متسامحا متوكلا لا متواكلا ،خلوقا و صبورا على القوانين لأنك ان تمردت عليها فأنت اول المتضررين و اعلم أنك تتمرد على نفسك . تعلم ألا لا تكون أنانيا و انت تقود سيارتك و تذكر أنه يجب ان تعود إلى أهلك سالما معافا و أن تصل إلى عملك بمعنويات عالية لا غاضبا أو متوثرا، صحتك النفسية أولى من وصولك، نظم وقت خروجك ،انت من يعلم او يقدر المسافة التي تفصل بين بيتك و عملك أو أي مكان تقصده إذن فأنت من يحدد زمن خروجك من اي بيت قضيت فيه ليلتك سواء داخل المدينة أو خارجها و دع أولادك يتعلمون منك الأشياء الجميلة فسلوكك و أخلاقك هي التي تقيمك فاحرص على هذا جيدا.
كم يستغرق زمن الإشارة الضوئية الحمراء ؟التوقف الإجباري عندها لا يستحق كل هذا الغضب و الإزعاج و السب و الشتم وقتل ارواح بريئة ليست المسؤولة عن مشاكلك النفسية او الصحية، وكف عن تقديم الرشوة لشرطي المرور تسديدا لثمن عدم احترامك لنفسك و له و لغيرك و للقانون أيضا. و لما الإصرار على السرعة ما دمت قد تأخرت في الخروج و تعلم أنه وقت الدروة و الازدحام؟لما الأنانية ؟ كيف ستصل و هل ستصل فعلا ؟لا أظن و ان وصلت تكون قد فقدت كل طاقتك الإيجابية و الأكيد ستعامل العاملين معك بنفس الطريقة، الصراخ و التوثر و العصبية و الانانية و عدم تحمل الآخرين و قد تصاب بأمراض مزمنة لأنك تتاخر كل يوم و في كل ثانية من قيادتك يجب ان تسب وتشتم الراجلين لانهم عبروا من حيث يجب أن تمر و السائقين من حولك لأنهم احترموا قانون السير.

Loading...