مستشفى الإختصاصات “بوگافر” بورزازات…. ﺇﻫﻤﺎﻝ و ﺧﺪﻣﺔ ﻃﺒﻴﺔ ﺳﻴﺌﺔ و قطط تتجول في قسم الفحوصات الإستعجالية
ورزازات :حفيظ مركوك
كانت الساعة تشير الى الثامنة والنصف صباحا من يوم الأربعاء 26 يوليوز 2017 ، حين طأت قدماي ولأول مرة في حياتي ،مستشفى الإختصاصات “بوگافر” بمدينة ورزازات مصتحبا معي والدي لتجرى له فحصات على مستوى العينين،دخلنا المستشفى ،فأخد والدي مكانه بين العشرات من المرضى على كرسي متهالك أمام الجناح الخاص بطب العيون ،بينما قلت في قرارة نفسي دعني أستغل فترة الإنتضار لأتجول في المستشفى وأزور المرضى لعلي أخفف على احدهم بمواساتي له فيكون لي من الأجر نصيب،لكن الإﻫﻤﺎﻝ، ﻭالقمامة، و ﺳﻮﺀ المعاملة، وخدمات ﻃﺒﻴﺔ ﺳﻴﺌﺔ، وشح في الإمكانيات ﻭﺍﺳﺘﻬﺎﻧﺔ ﺑﺄﺭﻭﺍﺡ ﺍﻟﺒﺴﻄﺎﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺮﺿﻰ ﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ ،ففي ساحة ﺍﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻰ عشرات من ﺍﻟﻤﺮﺿﻰ ينتظرون ﺍﻟﺪﺧﻮﻝ وفي وجوههم اليأس هو أبرز ما عاينته.
فعند تجولي في مستشفى الإختصاصات “بوگافر” وجدت، ﺍﻟﻤﺮﺿﻰ ﻓﻰ ﻛﻞ ﻣﻜﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﺮﺍﺳﻰ والبعض منهم ﻳﻔﺘﺮﺷﻮﻥ ﺍﻷﺭﺽ ينتظرون دورهم في الكشف الطبي، ﺃﻣﺎم المستعجلات ﻭﺍﻟﺘﻰ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻻ ﺗﺴﺘﻮﻋﺐ ﻋﺪﺩ المنتظرين من المرضى، ﻓﺎﻷﺑﻮﺍﺏ ﻣﺘﻬﺎﻟﻜﺔ ﻭﺍﻷﺳﺮﺓ بالية وبعضها ﺗﻔﻮﺡ منه ﺭﺍﺋﺤﺔ ﺍﻹﻫﻤﺎﻝ، ﻭﺗﺒﻌﺚ ﻋﻠﻲ المريض الشقاء ﻭﻟﻴﺲ ﺍﻟﺸﻔﺎﺀ، أما بناية المستشفى ،فالحفر ﺗﻤﻸ ﺍﻟﺠﺪﺭﺍﻥ، ﻭ بعض الأسلاك ﺍﻟﻜﻬﺮبائية بارزة و المرافق الصحية فلا يمكنني وصفها فسأكتفي بقول ” لا حول ولا قوة إلا بالله”.
أما ﻋﻨﺎﺑﺮ المستشفى فهي مكتضة بالمرضى وتحتوي على أﺳﺮﺓ ﻏﻴﺮ ﻧﻈﻴﻔﺔ ﻭﻏﻴﺮ ﻣﺮﺗﺒﺔ، ﻭﺍﻟﻤﺮﺿﻰ ﻻ ﻳﺠﺪﻭﻥ ﻣﻦ ﻳﻌﺘﻨﻰ ﺑﻬﻢ، ﻓﺎﻟﻤﻤﺮﺿﺎﺕ ﻣﻨﻬﻤﻜﺎﺕ ﺑﺄﺷﻴﺎﺀ ﺃﺧﺮﻯ ﻏﻴﺮ ﺭﻋﺎﻳﺔ ﺍﻟﻤﺮﺿﻰ،( التلفون،الشات…) ﻭﺍﻟﻘﻤﺎﻣﺔ ﻣﻦ ﺃﻛﻴﺎﺱ ﻭﺯﺟﺎﺟﺎﺕ ﻭﻓﻮﺍﺭﻍ ﺃﺩﻭﻳﺔ ﻭﺣﻘﻦ ﻭﻗﻄﻦ، ﻓﻰ ﻛﻞ ﻣﻜﺎﻥ ﺑﻤﺴﺘﺸﻔﻰ “بوگافر” اﻟﻤﻔﺘﺮﺽ ﺃﻧﻪ ﻣﻜﺎﻥ ﻟﻌﻼﺝ ﺍﻟﻤﺮﺿﻰ، ﻟﻜﻦ ﻛﻢ ﺍﻹﻫﻤﺎﻝ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩ ﺑﻪ، ﻳﺰﻳﺪ ﺍﻟﻤﺮﺿﻰ ﺁﻻﻣﺎ الى آلامهم.
وفي دردشة مع ثلة من المرضى في ساحة المستشفى أكدوا لي أن ﺍﻟﻤﺮﻳﺾ ﻳﻀﻄﺮ ﻟﺸﺮﺍﺀ عدد من الوسائل ﺍﻟﺘﻰ ﻳﺤﺘﺎﺟﻬﺎ ﺍﻟﻄﺒﻴﺐ ﻭﻏﻴﺮ موجودة ﺑﺎﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻰ، ﻭﺇﺫﺍ ﺍﺣﺘﺎﺝ ﺍﻟﻤﺮﻳﺾ ﺇﺟﺮﺍﺀ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺟﺮﺍﺣﻴﺔ، ﻳﻄﻠﺐ منه ﺍﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻲ شراء بعض إحتياجات العملية خارج المستشفى، كما حدث مع والدتي شخصيا في نفس المستشفى” بوگافر” في الأسابيع القليلة الماضية، حيث تعذر علي الحضور الى المستشفى في ذلك اليوم.
بعد هذه الجولة في فضاءات ” بوكافر” عدت الى والدي في مكان الإنتضار أمام جناح “طب العيون” والساعة تشير الى العاشرة والنصف تقريبا فسألته بااللغة الأمازيغية:” إ د أورتاد يوشكي الطبيب ؟” فرد علي بنبرة توحي الى اليأس ” منزتناوا هان اورتا الي يااان أيوي!!”.
بعدها دخلت لأسأل إحدى الممرضات ،وبكل أدب واحترام ، قلت لها :عفاك ممكن نسولك ؟
معاش كايجي الطبيب ؟ ..فردت علي بصوت خشن وخال تماما من آداب الكلام: سير گلس بلاصتك وتسناه واش أنا عارفة !
ابتسمت في وجهها العبوس وقلت لها شكرا، ثم اتجهت الى قسم الفحوصات الإستعجالية والإختبارات، لعلي أجد الطبيب هناك،فكانت الصدمة!!! ،القطط تتجول في هذا القسم وبين الأسرة ،بينما الطبيب كان من الغابرين والساعة تشير الى 10:44صباحا.
وبعدها بربع ساعة تقريبا خرجت القطط، ليحل محلها الطبيب الذي شرع في اﻟﺨﺪﻣﺔ ﺍﻟﻤﺠﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪﺓ في هذا المستشفى، الا وهي الفحص، الذي يقوم به ﺳﺮﻳﻌﺎ ؛ﻟﻠﺘﺨﻠﺺ من أعداد المرضى ﺍﻟﺘﻰ ﺗﻜﺘﻆ ﺑﻬﺎ ﻣﻤﺮﺍﺕ ﺍﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻰ .