المغربية المستقلة : هيئة التحرير
يعتبر حدث تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال (11 يناير 1944)، الذي يخلد الشعب المغربي، يوم غد السبت، ذكراه ال76 بكل مظاهر الاعتزاز لحمولته الوطنية ورمزيته وقيمته التاريخية الخالدة، بحق، ثورة وطنية بكل المعاني، عكست وعي المغاربة ونضجهم وتلاحمهم صفا واحدا وراء العرش العلوي المجيد، ومحطة نضالية متميزة في مسار الكفاح الوطني ضد الاستعمار.
فقد تضمنت وثيقة المطالبة بالاستقلال، التي ستظل ذكراها موشومة في ذاكرة الشعب المغربي باعتبارها ثمرة كفاح مستميت وإرادة راسخة لنساء ورجال الحركة الوطنية، جملة من المطالب السياسية والمهام النضالية، منها ما يتعلق بالسياسة العامة (استقلال المغرب تحت قيادة ملك البلاد الشرعي سيدي محمد بن يوسف، والسعي لدى الدول التي يهمها الأمر لضمان هذا الاستقلال، وانضمام المغرب للدول الموافقة على وثيقة الأطلنتي والمشاركة في مؤتمر الصلح)، ومنها ما يتعلق بالسياسة الداخلية (الرعاية الملكية لحركة الإصلاح وإحداث نظام سياسي شوري تحفظ فيه حقوق وواجبات كافة فئات وشرائح الشعب المغربي).
وقد أثمرت الإرادة الصلبة والإيمان الراسخ لنساء ورجال الحركة الوطنية هذه العريضة التي جاءت جامعة شاملة وتضمنت مطالب الشعب المغربي وأيدتها كل مكوناته وقواه الحية، حيث تطورت مطالب الحركة الوطنية من المطالبة بالإصلاحات إلى الجهر بالاستقلال ليجري التفكير في إعداد وتقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال، التي حظيت بالمساندة المطلقة والدعم اللامشروط من لدن كافة شرائح الشعب المغربي وقواه الحية.
وشكلت وثيقة المطالبة بالاستقلال، بما تضمنته من قيم مثلى غذت وما تزال عزيمة وإصرار الشعب المغربي لمواصلة الجهود من أجل تعزيز الوحدة الوطنية وتوطيد أسس المجتمع الديمقراطي المتضامن، محطة أساسية على درب النضال السياسي من أجل تحرير البلاد واستقلالها، بعد الملاحم التي قدمتها حركة المقاومة الوطنية في مختلف جهات البلاد، فأسست لأفق وطني وأمة مغربية موحدة متشبثة بمقدساتها، ومتوثبة لبناء دولة مستقلة ترتكز على قيم الديمقراطية والمواطنة.
لذلك فإن تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال، الذي ساهم في بلورة طلائع الحركة الوطنية بإيعاز وإيحاء من بطل التحرير والاستقلال المغفور له الملك محمد الخامس، سيظل حدثا تاريخيا راسخا في ذاكرة الأجيال الحاضرة والقادمة، باعتباره محطة بارزة في مسيرة الكفاح الوطني الذي خاضه الشعب المغربي بقيادة العرش العلوي من أجل الحرية والاستقلال والدفاع عن المقدسات الدينية والثوابت الوطنية.
وإن تخليد الذكرى ال76 لتقديم وثيقة الاستقلال، التي شكلت منطلقا لاستقلال البلاد وبناء المغرب الحديث، ومنعطفا حاسما في مسيرة الكفاح الوطني من أجل حرية المغرب واستقلاله وطموحاته المشروعة وتطلعاته لبناء مستقبل جديد، هو مناسبة لتكريس ثقافة الانتماء إلى الوطن والإخلاص إليه، وترسيخ قيم الوطنية والمواطنة لدى الناشئة وتعريفها بتاريخ المغرب.
ومن الدلالات العميقة لتخليد هذه الذكرى الوطنية، التي ترتسم محطة وضاءة في مسار بناء وتحرر المغرب الحديث، هي أنها درس وطني يتجدد سنويا، ينهل منه الشباب القيم التي تحلى بها الرعيل الأول للحركة الوطنية، للدفاع عن حوزة الوطن بتوافق تام مع العرش، ومواجهة كل أشكال الاستلاب التي مارسها المستعمر لطمس الهوية الوطنية والثقافة الأصيلة، كما أنه شحنة معنوية للشباب والجيل الحالي والمستقبلي من أجل تنشئته على روح الكفاح الوطني ونضال رجالاته، حتى يتشبعوا بالقيم والمثل العليا للوطنية والدفاع عن مقدسات الوطن.