المغربية المستقلة : رضوان رفيق طالب جامعي تخصص علم النفس الاكلينيكي
أغرب ما في عمق الشخصية البشرية أنها تتمتع بتعقيدات و مغالطات و تمويهات لا يكتشفها الا من عايشها عن قرب و جرب معها معنى ترك الألم و الفرح عمدا و مختلف أصناف البصمات الايحائية في عقل المتلقي للتواصل البشري أينما كان و ممن نبع ، لكن ايلام الغير ينبع من شخصية سادية حتى يتلذذ بتألم الغير ، عين العقل و الصواب تقول أن التلذذ في حد ذاته نابع عن حرمان من جانب ما ، سنعرج على تعريف الشخصية السادية و ما هي أضرارها على الغير و كيف يتصور العلاج ؟.
السادية هي اللذة بإيقاع الألم على الاخرين سواءا كان لفظيا أو جسديا ، فالشخص السادي هو شخص متسلط و عديم الرحمة و لا يتسامح ، يسعى في الخفاء الى اذلال الآخرين و محو آدميتهم و جرح كرامتهم لأنه يريد أن يتلذذ بذلك الفعل اللامتوازن و لا يشعر بالذنب و هو دائما متعصب لرأيه و لا يثق فيمن حوله، و الأرجح أن الشخص السادي يعاني من الوسواس القهري .
ما يهمنا في هذا المقال ليس كيف ينتصر السادي بإيلامه للغير، لأن الانتصار المخالف لقواعد التوازن يعتبر فشلا في حقيقته ، و لكن ما يهمنا هو التأكيد على أن الشخصية السادية شخصية ضعيفة في حقيقتها و لا تملك مقومات تؤهله لأن يحتل قلوب الغير بالمحبة و الاحترام ، فالشخصية السادية غالبا ما تلقى أشخاصا يعرفون خباياها فيواجهونها ، وبالتالي لا شيء يخفى الآن على عالم القرن الجديد ، و علم النفس تطور و القوانين أصبحت تكيف الاجرام و الأذى بحجم تطور التقنية و الأدلة المادية و الإدراك لدى البشر اليوم يأخذ المفهوم في علم النفس الذي يرى في الشخصية السادية أنها أنانية بشكل كبير .
و لكن هناك رأي آخر في علم النفس من يرى أنه بداخل كل منا شخصية سادية و هي قد تكون ظاهرة لموقف أو لحدث كأن يستمتع بمشاهد لفيلم و يتابع الخصم و هو ينهزم فتكون هنا السادية معتدلة و متوازنة في ردة الفعل لأن طبيعة الفيلم تجعل من متابعيه أن ينظروا للبطل أنه منتصر دائما ولو كان فيه إخفاقات و عثرات و لكن البطولة دائما تكون لمن يستحقها فعلا دون تزوير أو تحايل .
أما فيما يخص أنواع الشخصية السادية فهي مقسمة الى أنواع على سبيل الذكر :
شخصية مسيطرة : هذا النوع لا يعمم على كل الأشخاص مثل مدراء السجون و الإدارات و من يشغلون مناصب سامية كالوزراء لأنهم يميلون لاستعمال القوة و تخطي الحدود لإظهار قوتهم من خلال استعمال وسيلة الاستبداد و في شكله لأن يجلب الكثير من التعقيدات للأمور أو في ردات فعل الأشخاص .
شخصية مجرمة : و هي أخطر أنواع السادية لأنها تصل الى حد ارتكاب جريمة كاستعمال أسلوب التعذيب للمسجونين ، و هذا السلوك لا يتأتى نتيجة الإحباط و انما نتيجة فقد الثقة و الخوف من افتضاح أمره في قضية ما .
شخصية ضعيفة : هي الشخصية التي لا تبدي دفاعا أو قوة متزنة ، هي شخصية تراقب من بعيد أي خطر لكنها لا تواجه ، و عدم المواجهة هو من يفضح هذا الضعف ، و يبحث عن كبش فداء تنوب مكانه ليغطي ضعفه .
أيا كان صنف أو نوع الشخصية السادية ، يفهم العاقل أنها شخصية ليست متزنة و بالتالي رد الفعل معها يجب أن يحاط بالحذر من عدم تجريحها لأنها فاقدة للوعي الباطن في أن تصحح سلوكها و تعاملها مع غيرها ، و يجب أن تعي الشخصية السادية أنه ليس تدمير الغير من يبني أمما أو نجاحات و ليس تجريح الغير باللسان من يقوي ممالك و نفوذ ، بالعكس الأخلاق هي العلاج الوحيد للناس الذين يعانون من السادية ، تجدهم في حد ذاتهم يبحثون لهم عن علاج و ملاذ آمن عند الشخصيات السوية ، و أحيانا يتجرؤون عليها و يؤذونها لأنه من خلال الشخصية السوية يكتشف الشخص السادي أنه مريض ، و بالتالي التعامل بحزم هو من سيجعل الشخصية السادية تراجع حساباتها و تحذر من ايلام الغير بدون وجه حق و الحزم يتقيد بالأخلاق حتى لا يحيد عن رسالته .
جلي وواضح أن مجتمعاتنا تعاني من النكد و الحاق الأذى بالغير ربما نابع هذا التصرف من الحرمان و من ظروف الحياة و من ذكريات الماضي التي تؤجج في الانسان دوافع الحفاظ على ضعفه في صورة قوة شكلية فقط.