المغربية المستقلة : كتاب الرأي” سعيد عبداللاوي”
صحيح أنّ الحب إشعاع حضري يغزو العالم بأسره، لكنّه في مجتمعنا يُعدّ لدى الأغلبيّة الشاملة – وبالأخصّ الأُسر المحافظة – بدرة محرّمة لا تستحلّ إلاّ بعد إقتران الرجل بالمرأة شرعاً، وعلى حسب الأصول والتقاليد الدينيّة السائدة بحذافيرها.
وللحبّ أيضاً في مجتمعنا مكانات ملتبسة ومتناقضة. فهو من ناحية يُعتبر وهم وخيال لا وجود له إلاّ في القصص والروايات والأفلام الهوليودية والبوليودية، ومن ناحية أخرى يُعتبر من الأسس الجذريّة التي تكتمل بها العلاقة بين الرجل والمرأة.
بيْد أنّ البنت في مجتمعنا قبل الزواج، ولتفكير خاطئ ينتمي إلى العصر الحجري، محتّمٌ عليها أن تمرّ بإختبارات دقيقة وتحرّيات مكثّفة عن حياتها للتأكّد ما إن كانت بنت الأصل والفصل، والحسب والنسب. وقد تطُول عنوسة الفتاة في مجتمعنا فقط لأنها كانت على صداقة أو علاقة حميمة مع غريب أو قريب، لأنّ ذلك يزكّي إحتمال تلطُّخْ شرفها بأدران الفساد. أمّا الرجل فلا يُلام ولا يُسأل عن شيء. لا يهمّ إن عاشر مئات النساء، ففي النهاية يظلّ شرفه من حديد لا يُفتق ولا ينصهر.
وإذا تأمّلنا الإستطلاع في سير الحبّ، في هذا الزمن، قدْ نجد بأنّه استحال فعلاً إلى تلك البدرة الفاسدة التي أصبحت تنمو في مجتمعنا كأشواك الحرشف. فبعض العلاقات أضحى الحبّ يستعمل فيها كأداة للإنتقام، أو للوصول إلى وطر فيه مصلحة أو شهوة جماع سرعان ما تزول زوال الشمس.
وشتّان ما بين الحبّ في الزمن العتيق وزمننا هذا، حيث أصبح الحبّ إسماً، لا شعوراً، يتحدّث عنه طفلٌ في الثالثة أو الرابعة عشر من العمر.