المغربية المستقلة : بقلم ليلى رحال العطفاوي

أصبحنا اغراب في بيوتنا ….مفهوم الغربة يختلف حسب الظرف والشخص والجو العام , فهنالك غربة وطن وهنالك غربة جسد وهنالك غربة الجسد المُركبة مع غربة الروح. ولكن حينما تتوفر جميع هذه الظروف بحيث أن يكون الإنسان في وطنه وبين أهله وجميع الظروف المعيشية متوفرة له لكنه يشعر بالغربة فهذا مفهوم جديد قد ينطبق على أغلبنا.
والسؤال الذي يطرح نفسه ويريد الإجابة من جميعنا هو كيف أصبحنا أغراباً في بيوتنا و ضاع الحوار بيننا؟ وكيف أصبح كلَ منا منزوياً في مكانه، يحمل تلفونه النقال و منغمساً في عالم آخر؟ عالمٌ غائب عن الحاضر و الواقع , وإن راقبت أفرا د العائلة كل منا يبتسم للوحات الالكترونية و لا أحد يفهم لماذا . سرقت إهتمامنا قلت كلماتنا , إنعدمت حواراتنا و تبخرت إستشاراتنا العائلية و أصبح مصدر المعلومة و مفتي الديار، و مستشار الأزمات و ناشر الاخبار و حلال المشاكل للكبار و الصغار هو محرك البحث قوقل , و انتشر أسلوب الصمت في بين أركان الدار حتى إستغنينا عن التلفزيون و المسرح بحيث كبرت صيغة الإختصار بيننا و باتت سائل التواصل الاجتماعي الوسيلة الأمثل لصلة الرحم حينما غدت وأصبحت المعايدات و صلة الرحم مجرد رسالة برودكاست عبر الانترنت, وهي رسائل صماء ومُعادة ولربما نعيد إرسالها دون قراءتها.
و اعتمد الصمت بين الاهل ووصلنا الى زمن الكارثة في العلاقات الانسانية , وتدهورت العلاقات العائلية بعد أن تجردنا من كل شيء جميل حتى الروابط الأسرية والعادات الجميلة التي جُبلنا عليها.
ونبقى نتساءل أين ذلك الزمن الجميل؟ أين فرحة الأعياد و المواسم و الأعراس؟ لم يعد لها طعم وأصبحنا نعيش الشتات العاطفي و فقر الاحاسيس و شح كرم الحرارة الانسانية وإنعدمت فينا غيرة الاهل و لمة العائلة ، الكل يهرب في زاوية ما و نعيش الوحدة و العزلة الالكترونية و إنعدم او إنتحر الحوار العائلي و كثرت المحادثات عبر الشاشات. لقد أصبحنا نعاني إستعمار إلكتروني دمر كل العلاقات و كل الثقافات و التقاليد و العادات.
هذه الغربة القاتلة التي نعيشها قد أدت إلى كل هذا التشتت العائلي وحالات الطلاق والإدمان والجرائم , لأننا فقدنا الواعظ الحقيقي والأب الحريص والأم الحنونة والإبن البار بحُكم كل هذه الغربة التي خلقناها لأنفسنا ونعيشها في حياتنا اليومية.
لنعود للواقع , لنعود للعائلة والمجتمع والجار والصديق بدلاً من الإنغماس والتشتت والتواصل مع شخصيات وهمية إفتراضية لانعرف خلفياتها الثقافية أو الدينية.