المغربية المستقلة : متابعة ذ/مصطفى توفيق
المغرب الشقيق وحكايتي بزيارتي… بقلم د. إيمان عزالدين استشاري الصحة النفسية والعلاقات الإيجابية
كنت دوما ادرس كل بلد قبل ان أسافر إليها، كي اتمرن على أبرز طباعها ومصطلحاتها في الحياة اليومية، ذلك سعيا مني إلى مقاربة أهلها في أسلوب الحياة، وذلك احتراما لتقاليد البلد وتقديرا لها، كي لا يشعرون بالفرق بين طبيعة الشعوب.
الا اول سفرية لي للمملكة المغربية كان لها طابع وصدفة خاصة من نوعها الفريد…
فقد استدعاني فريق للعمل لتدريب المتدربين بالمملكة المغربية على المهارات التربوية والسلوكية وتأهيلهم للتعامل مع طفل الأوتيزم أو كما يسمون بالوطن العربي طفل التوحد.
اصدقكم القول بالرغم من اني كنت أرتب معهم هذا الأمر وانا بمصر وحددنا الميعاد لبدء التكوين التدريبي الا اني كنت أشك في انها تتم بشكل نهائي من ترتيبات.
وذلك انه قد ورد على في حياتي التدريبية أن بعض التكوينات التدريبية بالدول الشقيقة ترتب ولكنها لم تستكمل وذلك لظروف ما تؤدي إلى توقفها فجأة.
ولكن ماتم لي بوجه المفاجأة.. مكالمة لم اكن اتوقعها :
دكتورة حجز عدد كثير والتكوين التدريبي تم على أكمل وجه ننتظركم بالمملكة المغربية فيما أقل من يومين ، وهذه هي ميعاد تذكرتكم.. ننتظركم بمشاعرنا الحارة.
وجاء مالم أكن اتوقعه، من الجانب التدريبي والتعليمي من حقائب علمية أو مهارات تدريبية بالفعل تم تحضيره منذ زمن ولا يشكل لي اي مشكلة أو عائق والحمد لله.
لأنه مجال عملي ولابد أن يكون على أكمل وجه من وجهة عملي دون أي ترتيب لسفر بالخارج أو غيره فهذه ثوابت والحمد لله ليس بها مشكلة من تحضير.
ولكن عائق التحضير.. كيف خلال هذا الوقت القصير أرتب الأمر مع اهلي بمصر وارتبه مع فريق عملي بفروع مقرات التدريب بمصر، هذا غير تجهيز حقيبة السفر وأغراضي الشخصية،،فالوقت كان أقصر من أي وقت متاح لتحضير أولوياتي الشخصية والحياتية والعملية بمصر وكان بالكاد انه أتيح.
ولكن كل ذلك ما كان يعد بالنسبة لي مشكلة ، وإنما المشكلة كانت انني لم أؤهل نفسي للطباع المغربية وأساليب حياتها، وما غلب على ظني ويحيرني وانا بالطائرة سؤال واحد :
ماذا أفعل الآن؟؟… ؟
وكأن على أن أواجه هذا الأمر بكل صدر رحب وطاقة إيجابية، وفي النهاية (الله هو الموفق)
و بالفعل تم وقمت بالسفر إلى المملكة المغربية، ووطئت قدماي كازابلانكا وكانت المفاجأة!!!
انا من مواليد مدينة دمنهور بدولة مصر الحبيبة، هذه المدينة تتبع لمحافظة البحيرة لكنها قريبة جدا من محافظة الإسكندرية، وتتشابه مع الطباع الإسكندرية في الكثير، نظرا لقرب المسافة، ذلك غير أنه اغلب من يسكن مدينة دمنهور من الطبيعي أن تكون دراسته وعمله تأخذ اكثر من نصف مراحلها بمحافظة الإسكندرية التي يغلب عليها الطباع الساحلية.
ولكن ما علاقة ذلك بكازبلانكا؟؟
كل من يقطن البلاد على شواطيء البحر الأبيض المتوسط، يعلم جيدا أن هذه البلاد ذات طابع خاص ومميز يكمن سره في هذا البحر العظيم والذي اخذ مراحل كبيرة من ذكرياتي وحياتي وانا انظر إلى امواجه المتلاطمة دوما والهادئه احيانا.
وهذه الكازبلانكا التي بنيت على أسرار جمال البحر الأبيض المتوسط وأنا أشم رائحة اليود بأمواجها، فكانت العبارة التي ارددها وانا مذهولة بشوارعها التي على الشواطئ:
كيف هذا!! أسافرت للمغرب!! أم عدت الإسكندرية مرة أخري!!
وانظر إلى الوجوه وتلك خصيلات شعور البنات التي وكأنها تتموج انسيابيا كموج البحر تلك نفس الخصيلات والوجوه التي تركتها بالإسكندرية، فكيف لي بهذا التشابه الدقيق!!!
ومن حينها شعرت اني ببلدي ولست بمكان غريب، فارتاح قلبي مما كان ينتابه..، ماكان ينقصني فقط هو اللهجة المغربية والتي مامثلت لي صعوبة في التكيف عليها.
بدأت التكوين التدريبي وانا ارى الحب في عيون المتدربين واحببتهم كثيرا حتى تطرق الأمر من عمل إلى صداقة حياتية وتبادل خبرات وثقافات بكل حب.
فكانت المفاجأة الأولى كما ذكرت : اني شعرت أنني ماخرجت ومازلت ببلدي وهذا لتقارب الطباع الساحلية والثقافات
وكأن الحب في التعامل هو الراعي الرسمي.
ولكن المفاجأة الثانية وكانت بالنسبة لي حقا مفاجأة، وهو المعاملة الخاصة التي تتميز بكل تقدير واحترام لمن ينتسب لنسل آل بيت رسول الله – صل الله عليه وعلى آل بيته وصحبه اجمعين وسلم تسليما كبيرا -،، حيث انني والحمد الله اتشرف بأنه يحمل نسبي لحضرتهم الشريف حضرة آل البيت وحضرة المصطفى الحبيب.
وما كنت اعرف ولكن الجهة التي استضافتني بالمغرب كانت تعلم من حديث بالصدفة من قبل وما وجدتهم إلا أنهم كانوا يذكروه بالأماكن التي اتواجد بها بالمغرب الشقيق وما أنال الا أفضل خدمة وذاك لاني وبكل شرف انتمي إلى النسب الشريف الذي هو قبل أن يكون تشريف لي الا انه مسئولية كبيرة على عاتقي فبالطبع مهما فعلت لا اوفيهم قدرهم سيدنا النبي وآل البيت ، والله المستعان.
غير أنه ممرت بموقف عجاب، فمن الطبيعي كما تربيت بأرض مصر الحبيب، وجدتني منذ الولادة بمصر نشأت على أن المسلمين والمسيحيين أسرة واحدة وتقف على قدم واحد، لا فرق بينهم، والمواطنة حق لدينا جميعا من مصريين.
فكان من الطبيعي أن أجد المسلم والمسيحي بالمملكة المغربية مثل مصر ومثل اغلب الدول العربية.
وكانت المفاجأة الثالثة اني أجد أكثر ديانتين من الأديان السماوية : الاسلام واليهودية.
فكان الذهول هنا يلخص بكلمة واحد : كيف؟؟؟؟
وخاصة اننا المصريين من بعد سيادة الرئيس جمال عبد الناصر، ونحن جيل سيادة الرئيس محمد حسني مبارك مرورا إلى سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، والفئة اليهودية نادرا أن تكون موجودة بمصر وليس لنا أي تعايش معها
ويتلخص معرفتنا بهم بذكريات حرب 48 الحزين وانتصارنا عليهم بـ 73 حرب أكتوبر المجيد، وعلى هذا فإن يهود مصر الذين هاجروا لاحتلال دولة فلسطين، وذكريات تعايشنا معهم بالأمس البعيد لا يفرقهم عن مواطني دولة إسرائيل المزعومة والتي نحن لا نعترف بها وانا اتصدرهم بعدم اعترافي بها.
ولكن ليست المفاجأة بأنهم يهود، وإنما المفاجأة تتلخص بأمرين:
- أغلب اليهود المغاربة وأخشى أن أقول جميعهم لاترك مساحة من المصداقية، أجدهم رافضي دولة إسرائيل المزعومة وضدها تماما، وهم من مؤيدي أن القدس عاصمة فلسطين، غير انهم يعشقون أراضيهم المغربية ولن يتخلوا عنها في اي حال من الأحوال، وضد الاحتلال الصهيوني.
-المواطنة السلسة والجميلة بين المسلمين واليهود بالمملكة المغربية واتحادهم بالأعياد والمناسبات ضمناً بالأفراح والأوضاع.
ولكن لم تنتهي المفاجآت فكل زيارة لي بالمغرب الشقيق أو تعاملي مع اخواتنا المغاربة بجامعة الأزهر بل وبمصرنا الحبيبة كلها، الا وإنني أجد رباط سر قوي بين البلدين.
أسرار تكمن وانوار تتجلى،، هذين البلدين مصر والمغرب حاولت جاهدة أن افك شفرة السر بينهم
فحاولت جاهدة فما اجتهدت الا بأنه :
المغرب بلد الأسرار، ومصر بلد الأنوار، ولن تتجلي بالأنوار الا اذا مررت بمفاتيح الأسرار اولا.
فما نهاية دون بداية، وما من بداية الا على أسوار نهاية.
تلك العلاقة بين البلدين لغز حائر لا يدركه الا ذو عقل حكيم وروح هائمة بالسماء.
نعم زيارتي للمغرب الشقيق حُفرت بالذاكرة، فما كان للمغرب بحياتي الا مذاق خاص لا يدركه الا ذو تفكر بتدبر وذوق رفيع.
—————————————————
حيث أضاف الدكتور مصطفى توفيق على زيارة الدكتورة إيمان عوض عزالدين قائلا…..
حقيقة أن المغرب و مصر الشقيقة لهما علاقات متميزة جدا على جميع النواحي و الأصعدة، و نذكر منها على سبيل المثال،الناحية الثقافية و السياسية و كذلك الإعلامية و السياحية.
و ما يميز هذا التقارب بين البلدين الشقيقين و هو التفاهم المستمر في جميع القضايا العربية والدولية، و نذكر منها الصراع الإسرائيلي العربي.
و بالرجوع إلى عام 1959، التي تم فيه توقيع أول بروتوكول ثقافي تلخص في تبادل الزيارات المستمرة بين المثقفين المصريين و المغاربة.
و بإسمي و بإسم مجلس إدارة الاتحاد الدولي للصحافة و الإعلام و الإتصال، نشكر الدكتورة إيمان عوض عزالدين على حبها و عشقها لبلدنا الحبيب المغرب.
وأعتقد أن قدومها للمغرب و زيارتها لمدينة الدار البيضاء أعطى طاقة إيجابية داخل كيانها خصوصا حينما قالت: بدأت التكوين التدريبي وانا ارى الحب في عيون المتدربين واحببتهم كثيرا حتى تطرق الأمر من عمل إلى صداقة حياتية وتبادل خبرات وثقافات بكل حب.