الحرب الكبرى

المغربية المستقلة : وسام يلديز سويدر

الحرب الكبرى : تاريخ النص مكتوب 2012

شخصية من الحرب العالمية الثانية

اتحد العشائر الجبلية ضد عشيرة الإنديز و قد حدد تاريخ يوم الحرب الكبرى الذي سوف يتواجهون فيه العشائر الجبلية مع عشيرة الإنديز عسكريا سوف تكون أرض القديسين من نصيب العشيرة المنتصرة، فقد خططوا العشائر الجبلية لهذا اليوم منذ قرن من الزمن حيث كان هدفهم الإطاحة بعشيرة الإنديز و الاستيلاء على أرض القديسين الواقعة بين عشيرة الإنديز و العشائر الجبلية و هي أرض ممتدة على طول نهر الإنديز الكبير ترابها غني بمعدن الذهب الخالص غير أن العشائر الجبلية قد هزموا في ثلاث معارك عسكرية أمام عشيرة الإنديز خلال فترة العقود الماضية و قد أجبروا بعد ذلك الهزائم على توقيع معاهدة سلام مع العشيرة المنتصرة تدوم لمئة عام حيث بإمكان عشيرة الإنديز أن تستغل معدن الذهب الذي تستخرجه من أرض القديسين لوحدها لمدة مئة عام و عندما تنتهي هذه المدة سوف تجتمع العشائر الجبلية مجددا مع عشيرة الإنديز ليحددوا معا تاريخا ليوم الحرب الكبرى التي سوف تحدد العشيرة المنتصرة، و خلال العشر سنوات الأخيرة بدأوا العشائر الجبلية في استعداداتهم ليوم الحرب الكبرى حيث أنهم زادوا عدد الجيوش و دربوهم جيدا على فنون القتال و تجهزوا بأحدث الأسلحة الشيء الذي لم تفعله عشيرة الإنديز حيث أن الحاكم نيونز حاكم عشيرة الإنديز لم يزد عدد الجيوش و لا جهز عشيرته بأسلحة حديثة، و بدأوا زعماء العشائر الجبلية ينهالون على الحاكم نيونز بعبارات السخرية معتبرين أن مصير عشيرة الإنديز قد حسم لكن الحاكم نيونز كانت لديه خطة أخرى لكسب الحرب عبر إقاع العشائر الجبلية ببعضها فقد التقى مع زعماء العشائر الجبلية كل واحد منهم على حدى و أدخل إلى عقولهم فكرة أن هناك عشيرة خائنة لحزب ‘ اتحاد العشائر الجبلية ‘ حيث أن هدفها استغلال العشائر الجبلية في كسب الحرب ضد عشيرة الإنديز و الاستيلاء على أرض القديسين و بعد ذلك الإطاحة بالعشائر الجبلية بمساعدة مملكة الصين فقد عقدت العشيرة الخائنة اتفاقا عسكريا مع مملكة الصين حيث أن مملكة الصين سوف ترسل أربعون ألف جنديا ماهرا لمساعدتها في الحرب ضد العشائر الجبلية الأخرى و ستأخذ مملكة الصين مقابل ذلك خمسة أطنان من الذهب غير أن الحاكم نيونز لم يذكر اسم العشيرة الخائنة و جعل زعماء العشائر الجبلية يقعون ببعضهم و قد غزت الشكوك رأسهم حول العشيرة الخائنة فكل عشيرة بدأت تنظر إلى الأخرى على أنها خائنة و قد أوقفوا استعداداتهم للحرب ضد عشيرة الإنديز و استغلت عشيرة الإنديز الفرصة فطورت أنواع جديدة من الأسلحة الأكثر فتكا و ضاعفت عدد الجيوش في الوقت التي كانت العشائر الجبلية تشتغل بحرب أهلية و اتحدت العشائر الجبلية ضد إحدى عشائرها ‘ عشيرة إليا ‘ الواقعة على حدود مملكة الصين و كانت علاقتها مع مملكة الصين جيدة منذ قرون طويلة حيث أن البضائع التجارية و الصناعات التقليدية الصينية ك ‘ الزرابي – الألبسة الصوفية – المعدات النحاسية الخ.. ‘ كانت تدخل إلى العشائر الجبلية عن طريق عشيرة إليا فتعاونوا عليها عسكريا و أطاحوا بها حيث غزتها الجيوش و قتلت كل كبير و صغير فيها، و جرى تجميع الجثث في عربة عسكرية تجرها أربعة جياد لدفنها في مقبرة جماعية أعدت لمثل هذه الغاية حيث أن في كل عشيرة من العشائر الجبلية أعدت مقبرة جماعية استعدادا لدفن قتلى الحرب ضد عشيرة الإنديز، لكن لمن النية و لمن المكتوب قد دفنوا أهل إليا في المقبرة التي أعدوها لغيرهم و عندما كان العساكر يحملون الجثث على متن العربة ليتم نقلها إلى المقبرة، لاحظوا أن بعض الرجال يرتدون في عنوقهم صليب ‘ اتحاد العشائر الجبلية ‘ و هو عبارة عن دائرة يتوسطها مثلث حيث أن رؤوس المثلث تقيس أشعاع الدائرة و يعني الوعد الذي قطعوه أعضاء حزب ‘ اتحاد العشائر الجبلية ‘ على أنفسهم أن تظل العشائر الجبلية مجتمعة مع بعضها و تخدم الأهداف نفسها و لا يحق لأي عشيرة أن تفكر بشكل شخصي أو مصلحي و كل من خالف هذا الوعد فإن عقوبته هي الموت شنقا حسب الأصول القديمة حيث أن بمجرد أن يخلع رجل من العشائر الجبلية هذا الصليب من عنقه يعتبر خائنا لحزب ‘ اتحاد العشائر الجبلية ‘ و سيطبق عليه حكم الحزب كما ذكرت الموت شنقا، فقد كان كل رجل من العشائر الجبلية يلبس صليب الحزب و يحرم عليه أن يخلعه من عنقه قبل خروج الروح بل حتى الأطفال الذين في عمرهم يوم واحد شريطة أن يكونوا ذكورا، و قد تابعوا العساكر يقلبون جثث الرجال الآخرين فوجدوهم جميعا يرتدون صليب حزب ‘اتحاد العشائر الجبلية’ و هنا واجهوا بصدمة قوية حيث أن عشيرة إليا لم تكن العشيرة الخائنة للحزب و فقدت العشائر الجبلية بذلك بوابة للسوق الصيني حيث أن التجار الصينيين كانوا على علاقة صداقة وطيدة مع نظرائهم في عشيرة إليا و كانت العشائر الجبلية تتزود بالزرابي و الألبسة الصوفية الثقيلة المصنوعة باليد التي يستعملونها الناس بشكل يومي في فصل البرد و كثير من الصناعات الضرورية، المعدات النحاسية ك : أنواني تحضير الطعام -أقداح الشراب الخ. .عن طريق عشيرة إليا، و أدركوا العشائر الجبلية أنهم بحاجة إلى مرشح جديد ليحل محل عشيرة إليا حيث يكون الوسيط التجاري بين العشائر الجبلية و مملكة الصين و من خلاله سوف تتم التجارة و سوف يبيعون التجار الصينيين بضائعهم التجارية لتجار العشيرة التي تلعب دور الوسيط و قد اجتمعوا زعماء العشائر الجبلية لمناقشة هذا الأمر و وقع الاختيار على عشيرة ‘ اسكندر الأكبر ‘ الواقعة على الحدود البحرية مع مملكة الصين حيث يتم نقل البضائع التجارية عبر البحر على متن زوارق و سفن نقل البضائع، فقد اشتروا العشائر الجبلية خمسة عشرة سفينة ضخمة و مئة زورق من الهند لغرض التجارة أنفقوا عليهم ثروة طائلة أفرغت خزائنهم المالية و ظلوا العشائر الجبلية يعانون أزمة اقتصادية و فقر مدقع حتى أن الكثير من الناس باعوا بيوتهم و أنفقوها عن الطعام و باتوا مشردين في الشوارع و الأزرق لا يملكون دينارا واحدا و قد كانوا يقومون بشتى الأعمال للعائلات الثرية لكي يحصلون على كسرة خبز يسدون بها جوعهم، غير أن العشائر الجبلية كانوا يظنون أنهم سوف يفلحون في التغلب على هذه الأزمة الإقتصادية و يملؤون خزائنهم المالية من جديد بالذهب الخالص الذي سوف يستخرجونه من أرض القديسين بعد أن يهزموا عشيرة الإنديز في الحرب الكبرى و قد جرى لقاء بين مسؤولين العشائر الجبلية و مسؤولين مملكة الصين حول غرض التجارة إنتهى برفض مملكة الصين أن تبيع بضائعها التجارية إلى العشائر الجبلية، فظلت السفن و الزوارق التي اشتروهم العشائر الجبلية من الهند لغرض نقل البضائع التجارية من مملكة الصين واقفة في الموانئ دون أن تشتغل فزاد اقتصاد العشائر الجبلية تأزما و ساءت أحوالهم المالية إلى أقصى حد عندما توقفت التجارة و هاجروا التجار إلى الممالك المجاورة لكسب لقمة عيشهم عندما باعوا بيوتهم و أراضيهم و دفعوا نقودها كضريبة لحزب ‘ اتحاد العشائر الجبلية ‘ و لم يحصلوا على أي تعويض من الحزب، حيث أن حزب ‘ اتحاد العشائر الجبلية ‘ فرض على التجار و الأغنياء أن يدفعوا له ضرائب بقيمة خمسة آلاف دينار لكي تستطع العشائر الجبلية بهذه المبالغ النقدية أن توفر بعض الطعام للجوعى و المحتاجين الذين تتزايد أعدادهم باستمرار، و شراء الحبوب الزراعية من الممالك المجاورة ليتم زرعها في الموسم الفلاحي القادم، و مصيبة الأمر أن الأمطار لم تسقط لثلاث سنوات متتابعة و عرفت العشائر الجبلية خلال هذه السنوات نوع من الجفاف حيث أن الأرض لم تنبت حبة واحدة من القمح أو الشعير و قلت المياه من الأنهار و الآبار فعاد ثمن اللتر الواحد من الماء عشر دينارات و قد احتفظوا الفلاحين بحبوب الزراعة التي تمكنوا بصعوبة من شرائها في مخازنهم إلى أن أصيبت بالتسوس من شدة الرطوبة و ضاعت بكاملها و عندئذ اضطر حزب ‘ اتحاد العشائر الجبلية ‘ أن يبيع جزءا من قطعه الأثرية غالية الثمن التي يرجع تاريخها إلى سنوات بعيدة حيث نشأت العشائر الجبلية و مع ذلك فإن ثمن البيع لم يكن كافيا لحل الأزمة الإقتصادية و من جديد شعل فتيل الحرب الأهلية بين أهل العشائر الجبلية و كثر الفساد و انتشرت الجريمة و الفوضى و ظهرت ثورة أكثر دموية حيث بدأوا مجموعة من المتمردين على النظام الحاكم بفعل أعمال العنف بشتى أنواعها وصولا إلى القتل العمد، عندما فقدوا الناس آمالهم في حزب ‘اتحاد العشائر الجبلية’ الذي أسلبهم أموالهم و باعوا بيوتهم و دفعوها له كضريبة و لم تنحل الأزمة الإقتصادية في العشائر الجبلية كما واعدهم، بل زادت و أصبحوا نصف ساكنة العشائر الجبلية مشردين لا يملكون بيوتا تحمي ظهورهم من البرد و عرفت العشائر الجبلية تزايدا في عدد الوفايات من الأطفال الرضاع حيث أن النساء الحوامل كنا يلدن أطفالهن في الشوارع و كانوا الأطفال يموتون من البرد فور ولادتهم، و سرعان ما فتحت عشيرة الإنديز حدودها للاجئين من العشائر الجبلية ثم وضعت قانونا لحماية هؤلاء اللاجئين أعطت بيت و مبلغ ثلاث مئة دينار لكل عائلة لاجئة و خصصت مكان ضمن معاهدها العلمية لتدريس أبناء اللاجئين و تعليمهم الأدب و العلم و الحكمة وسمحت لهم بالاستمرار في عبادة الآلهة التي يؤمنون بها، و مع الأيام حتى الجنود و المكلفون بالخدمة العسكرية لجؤوا إلى عشيرة الإنديز عندما عجزت العشائر الجبلية أن تدفع رواتبهم الشهرية و استمروا في خدماتهم العسكرية هناك، فقد انضموا إلى جنود عشيرة الإنديز الواقفين عند حدودها ضد احتلال العدو حيث وفرت لهم عشيرة الإنديز كل شروط العيش الكريم و دفعت لهم رواتب عالية تمكنهم من تدريس أبنائهم في أفخم المعاهد العلمية، و عندما أدركوا زعماء العشائر الجبلية أن عشائرهم على وشك الإنتهاء فكروا في حل لإنقاذ ما تبقى من عشائرهم، و قد كان الحل المقترح من قبل حزب ‘ اتحاد العشائر الجبلية’ هو توحيد العشائر الجبلية مع عشيرة الإنديز إلى عشيرة واحدة يحكمها حاكم عادل يتحلى الفضيلة و الأخلاق و يعاونه مساعدين شرفاء، و اجتمعوا زعماء العشائر الجبلية فيما بينهم للتصويت على هذا القرار و كانت أغلب الأصوات لصالح هذا القرار، و قد اجتمعوا زعماء العشائر الجبلية اجتماعهم الثاني في عشيرة الإنديز للتكلم مع الحاكم نيونز في هذا الأمر، غير أن الحاكم نيونز رفض فكرة توحيد العشائر الجبلية مع عشيرة الإنديز، و عرض هنا على زعماء العشائر الجبلية أن يتنازلوا على خمسين في المئة من أراضيهم الغنية بالبترول لصالح عشيرة الإنديز مقابل إعطائهم مبلغ من المال كاف ليحل أزمتهم الإقتصادية و عندما يسترجعون المبلغ من المال إلى عشيرة الإنديز كامل مع دفع المزيد من الفائدة سوف يسترجعون أراضيهم من عشيرة الإنديز و بذلك سوف تنحل الأزمة الإقتصادية و تعود العشائر الجبلية إلى ما كانت عليه في البداية و لا يحتاج الأمر إلا لبضع سنوات، و قد بدا هذا الحل لزعماء العشائر الجبلية مقنعا و لم يكن ثمة سبيل آخر إلا أن يوافقوا عليه غير أنهم لم يدركوا حجم المؤامرة التي وقعوا فيها حيث بمجرد توقيعهم على أوراق الإتفاق سوف تصبح خمسين في المئة من أراضي العشائر الجبلية الغنية بالبترول في ملكية عشيرة الإنديز، و لم يتمكنون من استرجاع هذه الأراضي إلا أن دفعوا لعشيرة الإنديز مبلغ خمس ملايين دينار مع دفع الفاوائد التي تصل إلى ضعف المبلغ و هذا مبلغ يصعب على العشائر الجبلية جمعه.

Loading...