المغربية المستقلة : وسام يلديز سويدر

طفنا أرجاء روسيا نجمع التباريع لديرنا و مررنا من بلدة تحتضن معركة حامية الوطيس بين الجنود الروس و البلنديون، فلم يتعرفوا علينا الروس و بدؤوا بإطلاق النار علينا ظنا منهم أننا بلنديون متنكرون في أزياء رهبان روسيون، فتولينا هاربين في الشعاب و الغابات و الأجم و الجنود الروس يلاحقوننا موجهين كعوب بنادقهم نحونا ، و على سفح ربوة ظهرت لنا صومعة مسجد صغير فلجأنا إليه هاربين و علامات التردد بادية على وجوهنا من الصورة القاتمة التي نملكها على الإسلام ؛ و عندما وصلنا رحب بنا شيخ المسجد الضرير و قدم لنا الطعام و ملابس صوفية ثقيلة واقية حيث كان الجو ممطرا، و كان المسجد يضم أيضا بعض المصلين المسلمين و قد استغربنا أنهم عاملوننا بإنسانية و كرم بالغ دون أن ينظروا لكوننا مسيحيين بل لم يهمهم ذلك أبدا، عاملونا بإنسانية فقط لأننا أناس مثلهم و نمتلك روح إنسانية، و قد ناموا كل الرهبان في الليل لإنهم متعبون، و لكنني لم أنم رغم تعبي الشاق فقد قضيت الليل أفكر ماذا لو أن جماعة من الشيوخ المسلمين ظلوا طريقهم فوقعوا في مثل وضعنا و لجؤوا إلى كنيسة وجدوها في طريقهم هل كانوا المسيحيين سيرحبون بهم في الكنيسة و يقدمون لهم الطعام و الملابس الواقية من البرد ؟، و وجدت أن الإسلام خلافا لكل مزمع كنت أعرفه عنه،و مرت الأيام و الشهور ثم الأعوام و جاء رجلا مسلما إلى الدير الذي أنا راهب فيه، فقد آل به الحال إلى الدير و كان متعبا و جائعا و لم يجد المسكين ملجئا يلجأ إليه فبدؤوا المسيحيين يسخرون منه و يحتقرونه بسبب ديانته، و عندئذ تذكرت فضل المسلمين عليا فأحسنت بالرجل المسكين و قدمت له طعاما و ملابس جديدة .